للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَادِقًا لِتَحْرِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَيْهِ، أَوْ مُحَلِّلٌ لِلْحَرَامِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا بِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ. وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ بَعْضِهِ فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ صَحِيحٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الشَّيْخَيْنِ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ عَلَى وَالْبَاءَ يَدْخُلَانِ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَمِنْ وَعَنْ عَلَى الْمَتْرُوكِ، مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَبِأَنَّ الْمُدَّعِيَ الْمَذْكُورَ مَأْخُوذٌ وَمَتْرُوكٌ بِاعْتِبَارَيْنِ غَايَتُهُ أَنَّ إلْغَاءَ الصُّلْحِ فِي ذَلِكَ لِلْإِنْكَارِ وَلِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِاتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ. وَقَوْلُهُ: صَالِحْنِي عَمَّا تَدَّعِيهِ لَيْسَ إقْرَارًا لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِهِ قَطْعَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّهُ فِي الصُّلْحِ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَخْ) أَيْ لَوْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا إلَخْ، أَيْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ بِصُورَةِ عَقْدٍ مَقْهُورٍ عَلَيْهِ لِإِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِنْسَانَ لَهُ تَرْكُ حَقِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بِعَقْدِ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ،. اهـ. ح ل بِتَصَرُّفٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا صَالَحَهُ مِنْ بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ عَلَى ثَوْبٍ مَثَلًا وَلَمْ يُصَالِحْ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ " أَوْ بَعْضِهِ " لِأَنَّهُ بِصَدَدِ الصُّلْحِ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ وَلِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمُلْحَقِ بَعْدَهُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الدَّارَ مَثَلًا وَيُصَالِحَهُ مِنْ بَعْضِهَا عَلَى ثَوْبٍ مَثَلًا سَاكِتًا عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا غَيْرُ مَا يَأْتِي فَلَا تَكْرَارَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قَوْلَهُ: أَوْ بَعْضِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي " بِهِ " بِدُونِ إعَادَةِ الْخَافِضِ. وَهُوَ بَعِيدٌ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالصُّلْحِ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ الصُّلْحُ عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ فِي الْبُطْلَانِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ، أَيْ قَوْلُهُ " لِأَنَّهُ فِي الصُّلْحِ إلَخْ " وَإِنَّمَا قَالَ " يَلْحَقُ " لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْنَى الصُّلْحِ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ أَنَّهُ يَتْرُكُهُ لِلْمُنْكِرِ، فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَحْرِيمُ الْحَلَالِ إنْ كَانَ صَادِقًا دُونَ تَحْلِيلِ الْحَرَامِ إنْ كَانَ كَاذِبًا، لِكَوْنِ الْمُدَّعِي لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَى الصُّلْحِ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُنْكِرِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَحْلِيلُ الْحَرَامِ لِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا؛ فَسَقَطَ قَوْلُ ق ل: لَا حَاجَةَ لِلْإِلْحَاقِ لِوُجُودِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ، اهـ. نَعَمْ يَظْهَرُ وُجُودُ الْمَعْنَيَيْنِ فِيمَا إذَا صَالَحَ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ اهـ م د قَوْلُهُ: (فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَصْوِيرِ الصُّلْحِ الْبَاطِلِ بِمَا مَرَّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ إنْ جَرَى مَقُولُ الْقَوْلِ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ فَيَبْطُلُ. وَقَوْلُهُ " صَحِيحٌ " خَبَرُ قَوْلِ أَيْ تَصْوِيرُ الْمِنْهَاجِ لِبُطْلَانِ الصُّلْحِ بِمَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ. وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: النَّوْعُ الثَّانِي الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ فَيَبْطُلُ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ بَعْضِهِ، اهـ. وَتَعْبِيرُهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَكِنْ التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ عَدَمُ ذِكْرِ هَذَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) بَلْ الَّذِي فِيهَا لَفْظَةُ " غَيْرٍ " بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ إلَخْ) قَائِلُهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَوَجْهُ عَدَمِ اسْتِقَامَتِهِ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ إمَّا مَتْرُوكَةٌ وَإِمَّا مَأْخُوذَةٌ.

فَإِنْ كَانَتْ مَتْرُوكَةً وَرَدَ عَلَيْهِ دُخُولُ عَلَى، وَإِنْ كَانَتْ مَأْخُوذَةً وَرَدَ عَلَيْهِ دُخُولُ " مِنْ " وَ " عَنْ ". قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عَلَى إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ هُنَا مَتْرُوكٌ وَمَأْخُوذٌ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ وَاحِدَةٌ ق ل. وَهَذَا تَوْجِيهٌ لِلِاعْتِرَاضِ، أَيْ أَنَّ وَضْعَ الصُّلْحِ أَنْ يَكُونَ مَعَنَا شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا مَتْرُوكٌ تَدْخُلُ عَلَيْهِ " مِنْ " وَالثَّانِي مَأْخُوذٌ تَدْخُلُ عَلَيْهِ " عَلَى " وَلَيْسَ هُنَا إلَّا شَيْءٌ وَاحِدٌ دَخَلَتْ عَلَيْهِ " مِنْ " وَ " عَلَى " قَالَ م د. فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْمُدَّعِي صَادِقٌ بِتَرْكِهِ وَبِأَخْذِهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ خِلَافَهُ.

قَوْلُهُ: (مَرْدُودٌ) خَبَرٌ. وَحَاصِلُ الرَّدِّ جَوَابَانِ: الْأَوَّلُ: بِالتَّسْلِيمِ، وَالثَّانِي: بِالْمَنْعِ، وَحَاصِلُهُ تَصْحِيحُ تَصْوِيرِ الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُهُ: (جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ وَهَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (بِاعْتِبَارَيْنِ) فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعِي مَتْرُوكٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَذَهَا وَتَرَكَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (أَنَّ إلْغَاءَ الصُّلْحِ) أَيْ بُطْلَانُهُ.

قَوْلُهُ: (وَلِفَسَادِ الصِّيغَةِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ التَّصْوِيرِ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا وَمَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ الْمُقْتَضِي لِصِحَّتِهِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ، ق ل. فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ هَذَا التَّعْلِيلِ كَمَا قَالَهُ أج؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ التَّصْوِيرِ وَالْقَصْدُ تَصْحِيحُهُ بِمَا تَقَدَّمَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَسَادَ الصِّيغَةِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ قَبْلَ الْجَوَابِ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (بِاتِّحَادٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِفَسَادِ وَقَوْلُهُ الْعِوَضَيْنِ، أَيْ الْمُصَالَحُ بِهِ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>