الْخُصُومَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ بُطْلَانِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ مَسَائِلُ: مِنْهَا اصْطِلَاحُ الْوَرَثَةِ فِيمَا وُقِفَ بَيْنَهُمْ إذَا لَمْ يَبْذُلْ أَحَدُهُمْ عِوَضًا مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ، وَمِنْهَا مَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ، أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ وَوُقِفَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ فَاصْطَلَحْنَ، وَمِنْهَا مَا لَوْ تَدَاعَيَا وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ لِأَيِّكُمَا هِيَ أَوْ دَارًا فِي يَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً ثُمَّ اصْطَلَحَا، وَإِذَا تَصَالَحَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُمَا تَصَالَحَا عَلَى إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ، فَاَلَّذِي نَصَّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
جَعَلَ الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ مَتْرُوكَةً لِدُخُولِ " مِنْ " عَلَيْهَا وَمَأْخُوذَةً لِدُخُولِ " عَلَى " عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إذْ هُوَ مِنْ الصُّلْحِ مَعَ الْجَهْلِ لَا مَعَ الْإِنْكَارِ ق ل، كَأَنْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَخُنْثَى فَأَخَذَ الِابْنُ النِّصْفَ وَالْخُنْثَى الثُّلُثَ وَاصْطَلَحَا عَلَى السُّدُسِ الْبَاقِي؛ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يُعْلَمْ مَا لِكُلٍّ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْإِنْكَارِ تَدَبَّرْ لِكَاتِبِهِ أج.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْإِنْكَارِ) الْأَوْلَى: عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ كَمَا فِي م ر، لِيَشْمَلَ السُّكُوتَ؛ إذْ لَا إنْكَارَ هُنَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ هُنَا إنْكَارٌ بِالْقُوَّةِ، وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ الْخَصْمِ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ مَعَ الْإِنْكَارِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَكَذَا مَعَ السُّكُوتِ، وَحِينَئِذٍ فَيَحْرُمُ عَلَى نَحْوِ قَاضٍ ادَّعَى بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى آخَرَ بِنَحْوِ دَيْنٍ فَأَنْكَرَ الْأَمْرَ بِالصُّلْحِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِبَاطِلٍ، وَكَذَا تَحْرُمُ الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إلَّا إذَا قَلَّدَ الْآمِرُ أَوْ الْمُشِيرُ مَنْ يَرَى الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ؛ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ الصُّلْحَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ أَرَادَ النَّظَرَ بَيْنَهُمَا لِيَحْصُلَ إقْرَارٌ فَلَا حُرْمَةَ،. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فِيمَا وَقَفَ بَيْنَهُمْ) كَأَنْ مَاتَ شَخْصٌ عَنْ جَدٍّ وَأَخٍ شَقِيقٍ وَأَخٍ لِأَبٍ مَفْقُودٍ، فَإِنَّ الْجَدَّ يَأْخُذُ اثْنَيْنِ مِنْ سِتَّةٍ لِأَنَّ لَهُ الثُّلُثَ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ يَأْخُذُ ثَلَاثَةً وَيُوقَفُ الْوَاحِدُ إنْ تَبَيَّنَ مَوْتُ الْمَفْقُودِ أَخَذَهُ الْجَدُّ وَإِلَّا أَخَذَهُ الشَّقِيقُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ اصْطَلَحَ الشَّقِيقُ مَعَ الْجَدِّ اج. وَفِي جَعْلِهَا مِنْ سِتَّةٍ نَظَرٌ، وَكَذَا فِي إعْطَاءِ الْأَخِ ثَلَاثَةً وَالْجَدِّ اثْنَيْنِ نَظَرٌ؛ وَالصَّوَابُ جَعْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ فَيُعْطَى الْجَدُّ وَاحِدًا وَالشَّقِيقُ وَاحِدًا وَيُوقَفُ وَاحِدٌ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ الشَّقِيقِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَوْتُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَلَا حَيَاتُهُ، فَالْأَوْلَى تَمْثِيلُ الْمَدَابِغِيِّ بِابْنٍ وَخُنْثَى مَاتَ عَنْهُمَا فَيُعْطَى الِابْنُ ثَلَاثَةً وَالْخُنْثَى اثْنَيْنِ وَيُوقَفُ وَاحِدٌ لِلِاتِّضَاحِ أَوْ الصُّلْحِ، فَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الِابْنُ الْوَاضِحُ نِصْفَ الْقِيرَاطِ أَيْ الْمَوْقُوفِ أَوْ ثُلُثَيْهِ مَثَلًا وَالْبَاقِي لِلْخُنْثَى صَحَّ الصُّلْحُ. وَإِنَّمَا جُعِلَتْ مِنْ سِتَّةٍ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الذُّكُورَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَسْأَلَةَ الْأُنُوثَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْجَامِعَةُ لَهُمَا سِتَّةٌ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ " فِيمَا وُقِفَ بَيْنَهُمْ " أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ خُنْثَى مَثَلًا كَأَنْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَخُنْثَى، فَمَسْأَلَةُ الذُّكُورَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَمَسْأَلَةُ الْأُنُوثَةِ مِنْ خَمْسَةٍ وَالْجَامِعَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَيُعْطَى كُلُّ ابْنٍ خَمْسَةً وَيُعْطَى الْخُنْثَى ثَلَاثَةً لِأَنَّهَا خُمُسُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَكَانَ لَهُ خُمُسُ الْخَمْسَةِ فِي الْأُولَى بِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ وَيُوقَفُ اثْنَانِ لِلِاتِّضَاحِ أَوْ الصُّلْحِ، فَإِذَا اصْطَلَحُوا صَحَّ اصْطِلَاحُهُمْ بِتَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ مَعَ أَنَّهُ لَا إقْرَارَ اهـ.
قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَبْذُلْ إلَخْ) أَمَّا إذَا بَذَلَ أَحَدُهُمْ عِوَضًا مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ بَطَلَ الصُّلْحُ لِاقْتِضَاءِ الْمُعَاوَضَةِ الْمِلْكِيَّةِ لِلْمَوْقُوفِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ، وَلِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ) أَيْ وَأَسْلَمْنَ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يُسْلِمْنَ أَوْ أَسْلَمْنَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا إرْثَ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِنَّ حَالَ الْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ) أَيْ طَلَاقًا بَائِنًا لِأَنَّهَا لَا تَرِثُ، فَاحْتِيجَ إلَى الصُّلْحِ. أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَإِنَّهَا تَرِثُ فَلَا حَاجَةَ لِلصُّلْحِ. قَوْلُهُ: (وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ مُعَيَّنَةً عِنْدَهُ فِي قَصْدِهِ، لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ. وَقَوْلُهُ " أَوْ التَّعْيِينِ " إنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً عِنْدَهُ لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا قَبْلَ مَوْتَةِ.
قَوْلُهُ: (فَاصْطَلَحْنَ) أَيْ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَالزَّوْجَتَانِ الْمُطَلَّقَةُ إحْدَاهُمَا، أَيْ اصْطَلَحْنَ عَلَى الْقِسْمَةِ بِالتَّسَاوِي أَوْ التَّفَاوُتِ.
قَوْلُهُ: (لَا أَعْلَمُ لِأَيِّكُمَا هِيَ) بِأَنْ أَوْدَعَ شَخْصَانِ عِنْدَ آخَرَ وَدِيعَتَيْنِ فَضَاعَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ وَلَمْ يُعْلَمْ لِأَيِّهِمَا هِيَ، وَادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْمُودِعَيْنِ أَنَّ الْبَاقِيَةَ لَهُ، فَإِنَّهُمَا يَصْطَلِحَانِ عَلَى التَّفَاضُلِ أَوْ التَّسَاوِي لَا عَلَى