للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَالَحَ مِنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ عَلَى مَنْفَعَةٍ لِغَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَإِجَارَةٌ تُثْبِتُ أَحْكَامَ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ حَدَّ الْإِجَارَةِ صَادِقٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ فَهُوَ عَارِيَّةٌ تَثْبُتُ أَحْكَامُ الْعَارِيَّةِ فِيهَا، فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً فَإِعَارَةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَإِلَّا فَمُطْلَقَةٌ. وَلَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك مَثَلًا بِكَذَا مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ فَأَجَابَهُ، فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَسْتَدْعِي الْخُصُومَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَمْ لَا. تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ أَقْسَامَ الصُّلْحِ سَبْعَةٌ: الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْهِبَةُ وَالسَّلَمُ وَالْإِبْرَاءُ وَالْمُعَاوَضَةُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ. وَبَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ أُخَرُ: مِنْهَا الْخُلْعُ كَصَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي طَلْقَةً. وَمِنْهَا الْجَعَالَةُ كَصَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى رَدِّ عَبْدِي. وَمِنْهَا: الْفِدَاءُ كَقَوْلِهِ لِلْحَرْبِيِّ: صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى إطْلَاقِ هَذَا الْأَسِيرِ. وَمِنْهَا: الْفَسْخُ كَأَنْ صَالَحَ مِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِثْلِهِ، أَوْ صَالَحَ مِنْ مُؤَجَّلٍ عَلَى حَالٍّ مِثْلِهِ، لَغَا الصُّلْحُ لِأَنَّهُ وَعْدٌ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا سَلَمًا وَتَكُونُ الْعَيْنُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ.

قَوْلُهُ: (فَإِجَارَةٍ) فَالْعَيْنُ الْمُدَّعَاةُ مَتْرُوكَةٌ فِي نَظِيرِ الْمَنْفَعَةِ فَتَكُونُ أُجْرَةً، وَكَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَيْنَ الَّتِي أَخَذَهَا بِالْعَيْنِ الْمُقَرِّ بِهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ) كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي: صَالَحْتُك مِنْ الدَّارِ الَّتِي أَدَّعِيهَا عَلَيْك عَلَى سُكْنَاهَا سَنَةً، فَالْمُعِيرُ الْمُدَّعِي وَالْمُسْتَعِيرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ عَلَى تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَمِنْ عَلَى الْمَتْرُوكِ وَهَذَا بِالْعَكْسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ صَالِحْنِي عَنْ دَارِك إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُشْتَرَطُ فِي الصُّلْحِ سَبْقُ الْخُصُومَةِ فَلَوْ قَالَ صَالِحْنِي إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَيَا بِهِ الْبَيْعَ كَانَ كِنَايَةً مِنْ غَيْرِ شَكٍّ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ رَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ، شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (الْبَيْعُ) كَصَالَحْتُك مِنْ الدَّارِ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ أَوْ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي عَلَيْك عَلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِجَارَةُ) تَحْتَهَا صُورَتَانِ كَصَالَحْتُك مِنْ سُكْنَى الدَّارِ سَنَةً بِهَذَا الْعَبْدِ فَيَكُونُ إجَارَةً لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِغَيْرِهَا لِغَرِيمِهِ، أَوْ صَالَحْتُك مِنْ الدَّارِ بِخِدْمَةِ عَبْدِك هَذَا إلَى سَنَةٍ فَيَكُونُ إجَارَةً لِغَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِهَا مِنْ غَرِيمِهِ م د.

قَوْلُهُ: (وَالْعَارِيَّةُ) أَيْ مُؤَقَّتَةً أَوْ مُطْلَقَةً، كَصَالَحْتُك مِنْ سُكْنَى الدَّارِ سَنَةً عَلَيْهَا أَوْ مِنْ سُكْنَى الدَّارِ عَلَيْهَا؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ. قَوْلُهُ: (وَالْهِبَةُ) كَصَالَحْتُك مِنْ الدَّارِ عَلَى نِصْفِهَا مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَالسَّلَمُ) بِأَنْ تُجْعَلَ الْعَيْنُ الْمُدَّعَى بِهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ بِلَفْظِ السَّلَمِ وَالْمُعَاوَضَةُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، كَقَوْلِهِ: صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَيْك مِنْ الْقَوَدِ،. اهـ. ز ي. وَهَذَا التَّمْثِيلُ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مِنْ أُدْخِلَتْ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَعَلَى عَلَى الْمَتْرُوكِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي) أَيْ فَيَقُولُ لَهَا: " صَالَحْتُك " لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ طَلَّقْتُك فَيَحْصُلُ بِهِ الْخُلْعُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَهُ أَوْ لَفْظَ الطَّلَاقِ أَوْ قَبِلْت ذَلِكَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَعِبَارَةُ أج: هَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ صَالَحْتُك عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا هُوَ عَيْنُ الْخُلْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ طَلَاقٍ بَعْدَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ صَالَحْتُك وَطَلَّقْتُك؟ قَالَ ع ش: يَكْفِي أَحَدُهُمَا وَقَالَ ق ل لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ طَلَاقٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ صَالَحَ مِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ صَحِيحٌ مَاشٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ كَمَا قَالَ الْأَصْحَابُ إنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْبَائِعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، شَوْبَرِيٌّ أج.

قَوْلُهُ: (لَغَا الصُّلْحُ) وَصَحَّ تَعْجِيلٌ لِلْمُؤَجَّلِ، لَا إنْ ظَنَّ صِحَّةَ الصُّلْحِ فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ فَيَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَهُ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَعْدٌ فِي الْأُولَى) أَيْ وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ فَيَبْقَى الدَّيْنُ حَالًّا عَلَى حَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَصِفَةُ الْحُلُولِ) مِثْلُهُ م ر، قَالَ الرَّشِيدِيُّ: صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ " وَصِفَةُ التَّأْجِيلِ اهـ " لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، وَالْأَنْسَبُ ذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَ الثَّانِيَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَصِفَةُ التَّأْجِيلِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا لِلْحَالِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ إلْحَاقُهَا الْأَجَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>