الْأُولَى مِنْ الدَّائِنِ بِإِلْحَاقِ الْأَجَلِ، وَصِفَةُ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا وَفِي الثَّانِيَةِ وَعْدٌ مِنْ الْمَدْيُونِ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَهُوَ لَا يَسْقُطُ، فَلَوْ صَالَحَ مِنْ عَشْرَةٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بَرِئَ مِنْ خَمْسَةٍ وَبَقِيَ خَمْسَةٌ حَالَّةٌ لِأَنَّهُ سَامَحَ بِحَطِّ الْبَعْضِ وَوَعَدَ بِتَأْجِيلِ الْبَاقِي، وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ وَالْحَطُّ صَحِيحٌ. وَلَوْ عُكِسَ بِأَنْ صَالَحَ مِنْ عَشْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَّةٍ لَغَا الصُّلْحُ لِأَنَّ صِفَةَ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا، وَالْخَمْسَةُ الْأُخْرَى إنَّمَا تَرَكَهَا فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الْحُلُولُ لَا يَصِحُّ التَّرْكُ.
(وَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُشْرِعَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ ثَانِيهِ، أَيْ يُخْرِجُ (رَوْشَنًا) أَيْ جَنَاحًا وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ نَحْوِ الْخَشَبِ وَسَابَاطًا وَهُوَ السَّقِيفَةُ عَلَى حَائِطَيْنِ وَالطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا (فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ) وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالشَّارِعِ وَقِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ اجْتِمَاعٌ وَافْتِرَاقٌ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْبُنْيَانِ، وَلَا يَكُونُ إلَّا نَافِذًا وَالطَّرِيقُ يَكُونُ بِبُنْيَانٍ أَوْ صَحْرَاءَ وَنَافِذًا أَوْ غَيْرَ نَافِذٍ، وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ بِحَيْثُ (لَا يَضُرُّ) كُلٌّ مِنْ الْجَنَاحِ وَالسَّابَاطِ (الْمَارَّةَ) فِي مُرُورِهِمْ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَتَرْجِعُ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمَعْنَى.
قَوْلُهُ: (وَصِفَةُ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا) الْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَا يَلْحَقُهُ صِفَةُ الْحُلُولِ، وَهُوَ إنَّمَا أَسْقَطَ الْخَمْسَةَ فِي مُقَابَلَةِ حُلُولِ الْخَمْسَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ لَا تَحِلُّ فَيَلْغُو الصُّلْحُ.
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ إلَخْ) أَيْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ الْمُخْرِجُ مُسْلِمًا وَأَنْ لَا يَضُرَّ الْمَارَّةَ وَأَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعَ إظْلَامًا مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ وَيَضُرَّ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، كَعَجْنِ طِينٍ إذَا بَقِيَ مِقْدَارُ الْمُرُورِ لِلنَّاسِ وَإِلْقَاءِ الْحِجَارَةِ فِيهِ لِلْعِمَارَةِ إذَا تُرِكَتْ بِقَدْرِ مُدَّةِ نَقْلِهَا وَرَبْطِ الدَّوَابِّ فِيهِ بِقَدْرِ حَاجَةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ؛ شَرْحُ الرَّوْضِ. أَيْ وَمَعَ جَوَازِ ذَلِكَ، فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ؛ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْبَصِيرِ وَغَيْرِهِ، قَالَ م ر: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَنْعُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَلَّافِينَ مِنْ رَبْطِ الدَّوَابِّ فِي الشَّوَارِعِ لِلْكِرَاءِ فَلَا يَجُوزُ، وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُهُمْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَزِيدِ الضَّرَرِ،. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَقَوْلُهُ " دَوَابَّ الْعَلَّافِينَ " قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا دَوَابُّ الْمُدَرِّسِينَ الْوَاقِفَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا مُدَّةَ التَّدْرِيسِ، وَنُوزِعَ فِيهِ. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (رَوْشَنًا) أَيْ شَيْئًا يَئُولُ أَمْرُهُ إلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالرَّوْشَنُ هُوَ الْخَارِجُ كَمَا قَالَهُ وَلَا مَعْنَى لِإِخْرَاجِ الْخَارِجِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ جَنَاحًا) مِنْ جَنَحَ يَجْنَحُ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا: إذَا مَالَ،. اهـ. ز ي. وَقِيلَ: مِنْ جَنَاحِ الطَّيْرِ، فَتَسْمِيَتُهُ بِمَا ذُكِرَ مَجَازٌ بِالِاسْتِعَارَةِ الْمُصَرَّحَةِ بِأَنْ شُبِّهَ الْبِنَاءُ الْخَارِجُ مِنْ جَانِبِ الْجِدَارِ بِجَنَاحِ الطَّائِرِ بِجَامِعِ الِانْتِفَاعِ بِكُلٍّ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْجَنَاحِ لِلْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْخَارِجُ) أَيْ إلَى هَوَاءِ الطَّرِيقِ، زِيَادِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَسَابَاطًا) وَيُجْمَعُ عَلَى سَوَابِيطَ وَسَابَاطَاتٍ.
قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ تَحْتَ السَّقِيفَةِ. قَوْلُهُ: (فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ) سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ فِي الدَّرْبِ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي الدَّرْبِ الْمُشْتَرَكِ الْخَالِي عَنْ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ فَيُزَادُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ الْإِذْنُ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بَيْنَهُ إلَخْ) فَبَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ عَلَى هَذَا وَعَلَى الْأَوَّلِ مُتَرَادِفَانِ.
قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ الطَّرِيقِ) أَيْ لَا بِقَيْدِ النُّفُوذِ.
قَوْلُهُ: (اجْتِمَاعٌ) فَيَجْتَمِعَانِ فِي نَافِذٍ بِبُنْيَانٍ وَيَنْفَرِدُ الطَّرِيقُ بِالْبُنْيَانِ الْمُنْسَدِّ أَوْ الصَّحْرَاءِ، شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (وَافْتِرَاقٌ) أَيْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَقَوْلُهُ " لِأَنَّهُ " أَيْ الشَّارِعَ. قَوْلُهُ: (وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ) فَيُقَالُ الطَّرِيقُ سَلَكْته وَسَلَكْتهَا.
قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ) أَيْ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً. وَلَا يَخْفَى أَنَّ فَاعِلَ " يَضُرُّ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ضَمِيرُ الرَّوْشَنِ. وَزَادَ الشَّارِحُ السَّابَاطَ، فَلَزِمَ عَلَيْهِ كَوْنُ الْفَاعِلِ مَحْذُوفًا وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ. وَفِي نُسْخَةٍ: لَا تَسْتَضِرُّ الْمَارَّةُ بِهِ وَهِيَ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ، ق ل. وَقَوْلُهُ " لَا يَضُرُّ " هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَمَّا هَوَاءُ الْمَسْجِدِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ فَلَا يَجُوزُ، وَأَمَّا الْمَقْبَرَةُ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ مَا حَرُمَ الْبِنَاءُ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً أَوْ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الدَّفْنَ فِيهَا حَرُمَ الْإِشْرَاعُ فِي هَوَائِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَلَوْ أَشْرَعَ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ سَبِلَ مَا تَحْتَ جَنَاحِهِ وَهُوَ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أُمِرَ بِرَفْعِهِ أَيْ إزَالَتِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ، شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا. أَمَّا لَوْ وَقَفَ مَا تَحْتَهُ مَسْجِدًا وَنَحْوَهُ أَوْ مَقْبَرَةً وَجَبَ الْهَدْمُ مُطْلَقًا، أَيْ