للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامَ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ. وَيَحْرُمُ أَنْ يُبْنَى فِي الطَّرِيقِ دِكَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا أَوْ يُغْرَسُ فِيهَا شَجَرَةٌ. وَلَوْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ وَأَذِنَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِ الْجَنَاحِ أَوْ السَّابَاطِ بِعِوَضٍ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الرَّوْشَنِ، وَكَذَا السَّابَاطُ إذَا كَانَ الْعِوَضُ عَلَى أَصْلِ إخْرَاجِهِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْجِدَارِ فَلَهُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى وَضْعِ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِهِ. وَهَذَا عَامٌّ سَوَاءٌ كَانَ الرَّوْشَنُ فِي نَافِذٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الصُّلْحُ عَلَى فَتْحِ الْبَابِ بِعِوَضٍ فَجَائِزٌ فِي غَيْرِ النَّافِذِ دُونَ النَّافِذِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ.

قَوْلُهُ: (الْإِمَامَ) مَفْعُولٌ، أَيْ صَالَحَ مُخْرِجُهُ الْإِمَامَ.

قَوْلُهُ: (دَكَّةٌ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ الَّذِي يُجْلَسُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمِسْطَبَةُ م ر، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَسَاطِبُ الَّتِي تُفْعَلُ فِي تُجَاهِ الصَّهَارِيجِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْحَاجَةِ فِي شَوَارِعِ مِصْرِنَا فَتَنَبَّهْ لَهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِثْلُهَا مَا يُجْعَلُ بِالْجِدَارِ الْمُسَمَّى بِالدِّعَامَةِ إلَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ لِخَلَلِ بِنَائِهِ وَلَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ ع ش عَلَى م ر. وَأَمَّا التَّكَّةُ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ فَهِيَ مَا تُوضَعُ فِي السَّرَاوِيلِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهَا) كَدِعَامَةٍ لِجِدَارِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّكَّةِ وَنَحْوِهَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَتْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا غَرْسُ الشَّجَرَةِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ، فَإِنْ كَانَتْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تَضُرَّ بِالْمَارَّةِ جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَغَرْسُ الشَّجَرَةِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ كَذَلِكَ ق ل. قَالَ حَجّ: لَوْ جَعَلَ الدَّكَّةَ لِلصَّلَاةِ وَلَا ضَرَرَ بِوَجْهٍ جَازَتْ، وَقَالَ: إنَّ الْبِئْرَ فِيهِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ وَفُرِّقَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَاجَةَ لِلْمَاءِ آكَدُ سم. وَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْمَنْعُ مِنْ الشَّجَرَةِ وَالدَّكَّةِ مُطْلَقًا فِي الشَّارِعِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ اتَّسَعَ أَمْ لَا مَا لَمْ يَقِفْهَا مَسْجِدًا. اهـ. ز ي. وَجَازَ حَفْرُ الْبِئْرِ فِيهِ وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ اهـ أج. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَفْرُ الْبِئْرِ فِيهِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ تَكُونَ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ لَا يَحْصُلَ بِهَا ضَرَرٌ لِلْمَارَّةِ، فَإِذَا قَصَدَ نَفْسُهُ بِالْغَرْسِ كَانَ مُتَعَدِّيًا فَيَقْلَعُ مَجَّانًا وَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ الْغَرْسِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، كَمَا لَوْ وَضَعَ فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ وَضْعُهُ فِيهِ أَيْ كَالْخَزَائِنِ وَكَالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِهِ كَفَسْقِيَّتِه وَحَرِيمِهِ؛ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ عُلِمَ مَا ذُكِرَ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ كَأَنْ وَجَدْنَا شَجَرًا فِيهِ وَلَمْ نَعْلَمْ مَا قَصَدَ بِهِ وَاضِعُهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَيَنْتَفِعُونَ بِثَمَرِهِ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ الثَّمَرِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ مِنْ نَحْوِ جَرِيدٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ. اهـ. ع ش.

تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ هَذَا حُرْمَةُ وَضْعِ الْخَزَائِنِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا ضَرَرَ، وَيَلْزَمُ الْوَاضِعَ الْأُجْرَةُ حَيْثُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْوَضْعُ. وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ: وَيَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الشَّارِعِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ، فَلَوْ تَعَثَّرَ بِهِ إنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ أَوْ سَقَطَ نَحْوُ جِدَارِهِ أَوْ عَمُودِهِ أَوْ قِنْدِيلِهِ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ اهـ. وَيُكْرَهُ غَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قُلْت: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِالْمُصَلِّينَ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا نَفْسَهُ وَإِلَّا حَرُمَ، فَإِنْ غَرَسَ قَلَعَ وَالْقَالِعُ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دُونَ الْآحَادِ سَوَاءٌ حَرُمَ غَرْسُهُ أَوْ كُرِهَ لِأَنَّ لَهُ إزَالَةَ الْمَكْرُوهِ نَعَمْ مَا غُرِسَ لِيَكُونَ لِلْمَسْجِدِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمَسْجِدِ؛ قَالَهُ الْقَاضِي، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ ثَمَرٌ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَسْجِدُ وَإِلَّا قُلِعَ. وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ وُجُوبُ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ مِنْ الْإِبْقَاءِ أَوْ الْقَلْعِ، وَثَمَرَةُ مَا اسْتَحَقَّ الْقَلْعَ وَغَيْرَهُ إنْ غُرِسَ لِلْمَسْجِدِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهَا إلَّا بِعِوَضٍ يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسَبَّلًا لِلْأَكْلِ أَوْ جُهِلَ قَصْدُ الْغَارِسِ جَازَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَمِثْلُهَا ثَمَرَةُ مَا فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ وَكَجَهْلِ قَصْدِهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا نَبَتَتْ فِيهِ بِنَفْسِهَا؛ مَدَابِغِيٌّ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ: وَلَوْ حَصَلَتْ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ فِي هَوَاءٍ مِلْكِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ إزَالَةُ الْأَغْصَانِ إلَّا أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الْمِلْكِ بِتَرْكِهَا، فَإِنْ طَالَبَهُ بِذَلِكَ فَلَمْ يَفْعَلْ فَلَهُ تَحْوِيلُ الْأَغْصَانِ عَنْ مِلْكِهِ بِتَلْيِينٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَهُ قَطْعُهَا وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنِ الْقَاضِي عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى إبْقَائِهَا بِعِوَضٍ، فَإِنْ لَمْ يُسْنَدْ الْغُصْنُ إلَى شَيْءٍ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ اسْتَنَدَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْجَفَافِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ رَطْبًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يَزِيدُ انْتِشَارُ الْعُرُوقِ لِانْتِشَارِ الْأَغْصَانِ، وَكَذَلِكَ مَيْلُ الْجِدَارِ وَمِنْهُ مَيْلُ جِدَارِ بَعْضِ أَهْلِ السِّكَّةِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَيْهَا فَلِغَيْرِ مَالِكِ الْجِدَارِ هَدْمُهُ وَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ مُشْتَرِكَةً بَيْنَ مَالِكِ الْجِدَارِ وَبَيْنَ الْهَادِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>