للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» وَالْمَعْنَى أَنَا مَعَهُمَا بِالْحِفْظِ وَالْإِعَانَةِ فَأَمُدُّهُمَا بِالْمَعُونَةِ فِي أَمْوَالِهِمَا وَأُنْزِلُ الْبَرَكَةَ فِي تِجَارَتِهِمَا فَإِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا الْخِيَانَةُ رُفِعَتْ الْبَرَكَةُ وَالْإِعَانَةُ عَنْهُمَا وَهُوَ مَعْنَى خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا

وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ شَرِكَةُ أَبْدَانٍ بِأَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا بِبَدَنِهِمَا وَشَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا بِبَدَنِهِمَا أَوْ مَالِهِمَا وَعَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ وَشَرِكَةُ وُجُوهٍ بِأَنْ يَشْتَرِكَا لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا رِبْحُ مَا يَشْتَرِيَانِهِ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ حَالٍّ لَهُمَا ثُمَّ يَبِيعَانِهِ وَشَرِكَةُ عِنَانٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَلِهَذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَأَوْحَى إلَيْهِ مَعَانِيَهَا وَعَبَّرَ عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: «أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ» أَوْ وَرَابِعُ الثَّلَاثَةِ وَخَامِسُ الْأَرْبَعَةِ وَهَكَذَا. وَهَذَا مِنْ الْمُتَشَابِهِ، فَمَذْهَبُ السَّلَفِ يُفَوِّضُونَ عِلْمَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْخَلَفُ يُؤَوِّلُونَهُ بِمَا فِي الشَّرْحِ، وَطَرِيقَةُ السَّلَفِ أَسْلَمُ وَطَرِيقَةُ الْخَلْفِ أَعْلَمُ. وَقَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ الْمَلْزُومَ وَهُوَ كَوْنُهُ ثَالِثَ الشَّرِيكَيْنِ وَأَرَادَ اللَّازِمَ لَهُ وَهُوَ الْمَعُونَةُ وَالْبَرَكَةُ، فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فَشَرِكَةُ اللَّهِ لَهُمَا اسْتِعَارَةٌ، كَأَنَّهُ جَعَلَ الْبَرَكَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الْمَخْلُوطِ فَسَمَّى ذَاتَه ثَالِثًا لَهُمَا اهـ. وَقَوْلُهُ " خَرَجَتْ " تَرْشِيحٌ لِلِاسْتِعَارَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: «مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا» إلَخْ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ كَشِرَاءِ طَعَامٍ وَخُبْزٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ مِنْ نَزْعِ الْبَرَكَةِ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الشَّرِكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ، ح ل.

قَوْلُهُ: (شَرِكَةُ أَبْدَانٍ) جَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا اتَّحَدَتْ الْحِرْفَةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ، وَمَالِكٌ إنْ اتَّحَدَتْ الْحِرْفَةُ. وَمَذْهَبُنَا بُطْلَانُهَا، وَعَلَيْهِ فَمَنْ انْفَرَدَ بِشَيْءٍ فَهُوَ لَهُ، وَمَا اشْتَرَكَا فِيهِ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا عَلَى نِسْبَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَهُمَا ق ل.

قَوْلُهُ: (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) أَيْ مَكْسُوبُهُمَا، فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (مُفَاوَضَةً) بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَقَالَ حَجّ: بِكَسْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِبَدَنِهِمَا) أَيْ فَقَطْ وَتُفَارِقُ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ بِالشَّرْطِ الَّذِي قَالَهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَالِهِمَا) أَيْ فَقَطْ، وَتُفَارِقُ شَرِكَةَ الْعِنَانِ بِالشَّرْطِ الَّذِي بَعْدَهُ وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتَصْدُقُ بِالْمَالِ وَالْبَدَنِ مَعًا. وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَالٌ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ فَظَاهِرٌ أَنَّ مَالَ كُلٍّ لَهُ وَمَعَ الْخَلْطِ يَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَيَرْجِعُ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمَالِ كَسْبٌ مَخْلُوطٌ فَكَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ) أَيْ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَمِنْ غَيْرِهِ، كَأَنْ قَالَ: إنْ غُصِبَ مِنْ أَحَدِنَا شَيْءٌ يَكُونُ عَلَيْنَا، أَيْ وَلَهُمَا مَا يَحْصُلُ مِنْ غُنْمٍ؛ فَفِيهِ اكْتِفَاءٌ. وَخَرَجَتْ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ وَالْعِنَانِ.

قَوْلُهُ: (وَشَرِكَةُ وُجُوهٍ) مِنْ الْوَجَاهَةِ أَيْ الْعَظَمَةِ لَا مِنْ الْوَجْهِ قَوْلُهُ بِأَنْ يَشْتَرِكَا أَيْ الْوَجِيهَانِ أَوْ وَجِيهٌ وَخَامِلٌ ق ل أَوْ أَنْ يَبْتَاعَ وَجِيهٌ فِي ذِمَّتِهِ وَيُفَوِّضُ بَيْعَهُ لِخَامِلٍ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَوْ يَشْتَرِكَ وَجِيهٌ لَا مَالَ لَهُ وَخَامِلٌ لَهُ مَالٌ لِيَكُونَ الْمَالُ مِنْ هَذَا وَالْعَمَلُ مِنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ لِلْمَالِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. وَالْكُلُّ بَاطِلٌ، إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ، فَكُلُّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَهُوَ لَهُ عَلَيْهِ خُسْرُهُ وَلَهُ رِبْحُهُ. وَالثَّالِثُ: قِرَاضٌ فَاسِدٌ لِاسْتِبْدَادِ الْمَالِكِ بِالْيَدِ، أَيْ اسْتِقْلَالِهِ؛ شَرْحُ م ر وس ل.

قَوْلُهُ: (رِبْحُ مَا يَشْتَرِيَانِهِ) أَيْ مَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ. وَلَعَلَّ عَدَمَ التَّوْكِيلِ هُوَ مَانِعُ الصِّحَّةِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ وَلِصَاحِبِهِ بِالْإِذْنِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ، اهـ ح ل. وَلَهُ صُورَةٌ أُخْرَى: وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ وَجِيهٌ فِي الذِّمَّةِ وَيَبِيعَ خَامِلٌ لِيَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، أَوْ يَدْفَعَ خَامِلٌ لِوَجِيهٍ مَالًا لِيَبِيعَهُ بِزِيَادَةٍ وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ: " لَهُمَا " أَيْ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ يَكُونُ لَهُمَا، فَإِنْ قَصَدَ حَالَةَ الْعَقْدِ أَنَّهُ لَهُمَا فَهُوَ مِنْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَيَكُونُ مَا يَخُصُّ الْآخَرَ مِنْ الثَّمَنِ دَيْنًا عَلَيْهِ لَكِنْ بِشَرْطِ بَيَانِ قَدْرِ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّبْحِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ الْمَالَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَشْهُورِ) فَيَجُوزُ فَتْحُهَا، لَكِنَّ الصَّحِيحَ فِي فَتْحِهَا أَنَّهُ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ أَيْ سَحَابِهَا لِعُلُوِّهَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ ق ل.

قَوْلُهُ: (ظَهَرَ) لِظُهُورِهَا بِصِحَّتِهَا، فَهِيَ أَظْهَرُ الْأَنْوَاعِ، أَوْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَالُ الْآخَرِ، أَوْ مِنْ عَنَانِ الدَّابَّةِ لِاسْتِوَاءِ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا مِنْ نَحْوِ الْوِلَايَةِ وَالرِّبْحِ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْغَرَرِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعَنَانِ، أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>