للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا دُونَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَبَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ فِي غَيْرِ مَالٍ كَالشَّرِكَةِ فِي احْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَلِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهَا لَا سِيَّمَا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِالْمُفَاوَضَةِ وَفِيهَا مَالَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ صَحَّتْ

وَأَرْكَانُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ خَمْسَةٌ: عَاقِدَانِ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَعَمَلٌ وَصِيغَةٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا وَذَكَرَ شُرُوطًا خَمْسَةً فَقَالَ: (وَلِلشَّرِكَةِ) الْمَذْكُورَةِ (خَمْسُ شَرَائِطَ) وَالْخَامِسُ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ الْمَبْدُوءُ بِهِ فِي كَلَامِهِ بِقَوْلِهِ: (أَنْ تَكُونَ عَلَى نَاضٍّ) أَيْ مَضْرُوبٍ (مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) لَا عَلَى التِّبْرِ وَالسَّبَائِكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمِثْلِيِّ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ؛ أَمَّا النَّقْدُ الْخَالِصُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْمَغْشُوشُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ جَوَازُهُ إنْ اسْتَمَرَّ رَوَاجُهُ؛ وَأَمَّا غَيْرُ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْحَدِيدِ فَعَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَ بِجِنْسِهِ ارْتَفَعَ التَّمْيِيزُ فَأَشْبَهَ النَّقْدَيْنِ وَمِنْ الْمِثْلِيِّ تِبْرُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ فَمَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ هُنَا مِنْ مَنْعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ وَلَعَلَّ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ فِي الْمُتَقَوِّمِ إذْ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْآخَرَ لِمَا يُشْتَهَى كَمَنْعِ الْعَنَانِ الدَّابَّةَ، اهـ ز ي قَوْلُهُ: (وَهِيَ الصَّحِيحَةُ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ.

قَوْلُهُ: (فَبَاطِلَةٌ) تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ دُونَ الثَّلَاثَةِ، وَذَكَرَهُ تَحْقِيقًا لِمَفْهُومِ الصَّحِيحَةِ ع ش.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ إنْ نَوَيَا إلَخْ) أَيْ إنْ وُجِدَ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِشَرْطِهِ، فَيَصِيرُ لَفْظُ الْمُفَاوَضَةِ كِنَايَةً عَنْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ، أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقُولَا فِيهَا: وَعَلَيْنَا غُرْمُ مَا يَعْرِضُ. نَعَمْ إنْ قَصَدَا بِقَوْلِهِمَا: وَعَلَيْنَا غُرْمُ مَا يَعْرِضُ. مِمَّا يَكُونُ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَضُرَّ اهـ. وَهَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ: " نَعَمْ إلَخْ " اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: " فَبَاطِلَةٌ " وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ صَحَّتْ إذْ النِّيَّةُ لَيْسَتْ كَافِيَةً.

قَوْلُهُ: (وَفِيهَا مَالٌ) أَيْ فَقَطْ، أَيْ مَعَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ.

قَوْلُهُ: (وَعَمَلٌ) تَبِعَ الْمَنْهَجَ فِي جَعْلِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْهَا مُرَتَّبٌ عَلَيْهَا ق ل. وَأَجَابَ ع ش عَلَى الْمَنْهَجِ بِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ الْعَقْدِ هُوَ مُبَاشَرَةُ الْفِعْلِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَاَلَّذِي اُعْتُبِرَ رُكْنًا هُوَ تَصَوُّرُ الْفِعْلِ وَذَكَرَ فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ يُعْلَمُ مِنْهُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعَقْدُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَصِيغَةٌ) الْمُرَادُ بِهَا مَجْمُوعُ قَوْلِهِ: اشْتَرَكْنَا وَأَذِنَّا فِي التَّصَرُّفِ لِأَجْلِ حُصُولِ الشَّرِكَةِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّصَرُّفِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا قَوْلُهُ اشْتَرَكْنَا فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ.

قَوْلُهُ: (بَعْضُهَا) لَعَلَّهُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لِتَضَمُّنِ قَوْلِهِ: أَنْ يَقَعَ عَلَى نَاضٍّ لَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي: أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَأَنْ يَخْلِطَا الْمَالَيْنِ. وَكَذَا الْعَمَلُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي، وَأَنْ يَأْذَنَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ هُوَ الْعَمَلُ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الصِّيغَةَ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ يَأْذَنَ إلَخْ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ ذَكَرَهَا فَالْمَالُ صَرِيحٌ وَالْعَاقِدَانِ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْ يَخْلِطَا، وَالصِّيغَةُ وَالْعَمَلُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْ يَأْذَنَ إلَخْ؛ فَإِنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الصِّيغَةِ وَالْعَمَلِ.

قَوْلُهُ: (وَالْخَامِسُ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْأَوَّلُ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ؛ لِأَنَّ الضَّعِيفَ هُوَ الْأَوَّلُ. وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ خَامِسًا بِالنَّظَرِ لِانْضِمَامِهِ لِلْأَرْبَعَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَوَّلًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ؛ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ.

قَوْلُهُ: (ضَعِيفٌ) وَيُمْكِنُ عَدَمُ ضَعْفِهِ بِأَنْ يُفْصَلَ فِي الْمَفْهُومِ، وَإِذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا اعْتِرَاضَ بِهِ كَمَا فِي الْأُصُولِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى نَاضٍّ) هُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لُغَةً، فَذِكْرُهُمَا بَعْدَهُ بَيَانٌ ق ل.

قَوْلُهُ: (لَا عَلَى التِّبْرِ) قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: التِّبْرُ مَا كَانَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَعَلَّ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ) لَعَلَّهُ لَمْ يَجْزِمْ أَيْ مَعَ أَنَّ مَفْهُومَ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَأَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِالنَّاضِّ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ تِبْرًا أَوْ حُلِيًّا أَوْ سَبَائِكَ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا؛ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ اهـ م د. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ) أَيْ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ق ل. قَوْلُهُ (وَهِيَ لَا تَصِحُّ فِي الْمُتَقَوِّمِ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مُشَاعًا صَحَّتْ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>