للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ الْآخَرُ فَيَتَصَرَّفُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا، فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى اشْتَرَكْنَا لَمْ يَكْفِ الْإِذْنُ الْمَذْكُورُ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا فِي نَصِيبِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ حُصُولِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِهَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ شَرِكَةً.

(وَ) الرَّابِعُ (أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لَا الْأَجْزَاءِ سَوَاءً شَرَطَا ذَلِكَ أَمْ لَا، تَسَاوَى الشَّرِيكَانِ فِي الْعَمَلِ أَمْ تَفَاوَتَا فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَمَرَةُ الْمَالَيْنِ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِهِمَا، كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ فَأَثْمَرَتْ أَوْ شَاةٌ فَنَتَجَتْ فَإِنْ شَرَطَا خِلَافَهُ بِأَنْ شَرَطَا التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ مَعَ التَّفَاضُلِ فِي الْمَالَيْنِ أَوْ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالَيْنِ، فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَوْضُوعِ الشَّرِكَةِ، وَلَوْ شَرَطَا زِيَادَةً فِي الرِّبْحِ لِلْأَكْثَرِ مِنْهُمَا عَمَلًا بَطَلَ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ شَرَطَا التَّفَاوُتَ فِي الْخُسْرَانِ فَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي مَالِ الْآخَرِ كَالْقِرَاضِ إذَا فَسَدَ، وَتَنْفُذُ التَّصَرُّفَاتُ مِنْهُمَا لِوُجُودِ الْإِذْنِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَيَتَسَلَّطُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ إذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى إذْنِ شَرِيكِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ فِي الْإِذْنِ الْمَذْكُورِ) مَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مَا لَمْ يَنْوِيَا بِقَوْلِهِمَا اشْتَرَكْنَا الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ وَإِلَّا صَحَّتْ، فَهُوَ كِنَايَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ سم، وَنَقَلَهُ الْمَرْحُومِيُّ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ ق ل. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ كَوْنِ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا الِاحْتِمَالُ جَارٍ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهَا وَجَعَلُوهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحِلِّ مِنْ الصَّرَائِحِ، فَإِذَا قَالَ: بِعْتُك ذَا بِكَذَا فَقَبِلَ الْعَقْدَ بَيْعًا مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: بِعْتُك ذَا إلَخْ مُحْتَمَلٌ لِلْإِخْبَارِ عَنْ بَيْعٍ سَبَقَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَتْ الشَّرِكَةُ مُشْتَرَكَةً شَرْعًا بَيْنَ مُجَرَّدِ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَبَيْنَ الْعَقْدِ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ، فَإِذَا قَالَ: اشْتَرَكْنَا وَلَمْ يَزِدْ احْتَمَلَ الشَّرِكَةَ الَّتِي هِيَ ثُبُوتُ الْحَقِّ وَلَوْ بِإِرْثٍ اُحْتِيجَ إلَى الْإِذْنِ لِلِانْصِرَافِ إلَى الْعَقْدِ اهـ مِنْ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِهَا إلَخْ) مُرَتَّبٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، أَيْ وَبِفَرْضِ كَوْنِ ذَلِكَ إنْشَاءً لِشَرِكَةٍ بِالْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَشْتَرِطَ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خِلَافُهُ سَوَاءً صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ شَرَطَا ذَلِكَ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (وَالْخُسْرَانُ) وَمِنْهُ مَا يُدْفَعُ لِلرَّصَدِيِّ وَالْمُكَّاسِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَرَقَ الْمَالَ وَاحْتَاجَ فِي رَدِّهِ إلَى مَالٍ عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ الشَّرِكَةِ فَيُسَاوِي مَا يَدْفَعُ لِلْمُكَّاسِ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ سَرِقَةِ الدَّوَابِّ الْمُشْتَرَكَةِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ يَغْرَمُ عَلَى عَوْدِهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِمَا دَفَعَهُ، وَلَوْ اسْتَأْذَنَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِذْنُ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ ظُلْمٌ وَالْحَاكِمُ لَا يَأْذَنُ بِهِ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ مِنْ شَرِكَةِ الدَّوَابِّ غُرْمًا وَلَا هُوَ مُعْتَادٌ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا يَصْرِفُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَأُجْرَةِ دَلَّالٍ وَحَمَّالٍ؛. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ ثَمَرَةُ الْمَالَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الرِّبْحِ لِأَنَّ الْخُسْرَانَ لَا يُقَالُ لَهُ ثَمَرَةٌ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا الْأَمْرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الشَّيْءِ. قَوْلُهُ: (شَجَرَةٌ فَأَثْمَرَتْ إلَخْ) فَإِنَّ الثَّمَرَةَ وَالنِّتَاجَ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَنَتَجَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَمَعْنَاهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ " فَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فَاعِلٌ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَرَطَا خِلَافَهُ) حَاصِلُهُ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ، اثْنَانِ هُنَا وَاثْنَانِ يَأْتِيَانِ فِي قَوْلِهِ: " وَلَوْ شَرَطَا زِيَادَةً فِي الرِّبْحِ لِلْأَكْثَرِ مِنْهُمَا عَمَلًا إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (بَطَلَ الشَّرْطُ) ظَاهِرُهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ صَحِيحًا. وَكَلَامُهُ بَعْدُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ ق ل، فَقَوْلُهُ: بَطَلَ الشَّرْطُ، أَيْ وَالْعَقْدُ.

قَوْلُهُ: (فَيَرْجِعُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ " بَطَلَ " وَقَوْلُهُ: " وَتَنْفُذُ التَّصَرُّفَاتُ " مَعْطُوفٌ عَلَى " يَرْجِعُ ".

قَوْلُهُ: (بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ) فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفَانِ وَلِلْآخَرِ أَلْفٌ وَأُجْرَةُ عَمَلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ فَثُلُثَا عَمَلِ الْأَوَّلِ فِي مَالِهِ وَثُلُثُهُ عَلَى الثَّانِي وَعَمَلُ الثَّانِي بِالْعَكْسِ، فَلِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْمِائَةِ وَلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثَاهَا فَيَقَعُ التَّقَاصُّ بِثُلُثِهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِثُلُثِهَا زي. قَوْلُهُ: (كَالْقِرَاضِ إذَا فَسَدَ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالْفَسَادِ وَأَنَّهُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>