للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجِدَ الْإِذْنُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بِلَا ضَرَرٍ فَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً لِلْغَرَرِ. وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا يَشْتَرِي بِغَبْنٍ وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ لِمَا فِي السَّفَرِ مِنْ الْخَطَرِ، فَإِنْ سَافَرَ ضَمِنَ فَإِنْ بَاعَ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ ضَامِنًا وَلَا يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِغَيْرِ يَدِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ هَذَا كُلَّهُ إذَا فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ جَازَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَاقِدِ أَهْلِيَّةُ تَوْكِيلٍ وَتَوَكُّلٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْمُتَصَرِّفُ اشْتَرَطَ فِيهِ أَهْلِيَّةَ التَّوَكُّلِ وَفِي الْآخَرِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ فَقَطْ حَتَّى يَجُوزَ كَوْنُهُ أَعْمَى كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ.

(وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (فَسْخُهَا) أَيْ الشَّرِكَةِ (مَتَى شَاءَ) وَلَوْ بَعْدَ التَّصَرُّفِ لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيَنْعَزِلَانِ عَنْ التَّصَرُّفِ بِفَسْخِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: عَزَلْتُك أَوْ لَا تَتَصَرَّفْ فِي نَصِيبِي لَمْ يَنْعَزِلْ الْعَازِلُ فَيَتَصَرَّفُ فِي نَصِيبِ الْمَعْزُولِ.

(وَمَتَى مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (بَطَلَتْ) أَيْ انْفَسَخَتْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَاسْتَثْنَى فِي الْبَحْرِ إغْمَاءً لَا يَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ صَلَاةٍ فَلَا فَسْخَ بِهِ لِأَنَّهُ خَفِيفٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ.

تَتِمَّةٌ: يَدُ الشَّرِيكِ يَدُ أَمَانَةٍ كَالْمُودَعِ وَالْوَكِيلِ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ وَفِي التَّلَفِ إنْ ادَّعَاهُ بِلَا سَبَبٍ، أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أُجْرَةَ لَهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ. وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَالْمُعْتَمَدُ اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ عَلِمَ بِالْفَسَادِ اهـ زي.

قَوْلُهُ: (وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ أَيْضًا، أَيْ بَعْدَ إخْرَاجِ أُجْرَةِ عَمَلِ الْعَامِلِ اهـ م د. وَقَوْلُهُ: " بَعْدَ إخْرَاجِ إلَخْ " لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَتَسَلَّطُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ الْعَمَلِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْبَابِ وَلَيْسَ مُرْتَبِطًا بِمَسَائِلِ الْفَاسِدِ.

قَوْلُهُ: (بِلَا ضَرَرٍ) تَبِعَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ الْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِأَزْيَدَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَعِبَارَتُهُ: وَشَرْطٌ فِي الْعَمَلِ مَصْلَحَةٌ فَلَا يَبِيعُ بِثَمَنِ مِثْلٍ وَثَمَّ رَاغِبٌ بِأَزْيَدَ، ثُمَّ قَالَ: وَتَعْبِيرِي بِمَصْلَحَةٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِلَا ضَرَرٍ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ الْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِزِيَادَةٍ؛ فَلَوْ عَبَّرَ الشَّارِحُ بِالْمَصْلَحَةِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً إلَخْ) وَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ دُونَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ، إلَّا فِي مَسْأَلَةِ السَّفَرِ إذَا خَالَفَ وَسَافَرَ وَبَاعَ يَصِحُّ فِي الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) وَإِنْ رَاجَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ بِلَا إذْنٍ، وَمُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ لَا يَتَنَاوَلُ سَفَرَ الْبَحْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَيْهِ أَوْ تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ؛ شَرْحُ م ر. كَمَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ إلَى بَلَدٍ لَا يُمْكِنُ وُصُولُهُ لَهَا إلَّا فِي الْبَحْرِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَطَرِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْإِشْرَافِ عَلَى الْهَلَاكِ أَوْ خَوْفِ التَّلَفِ وَالْجَمْعُ أَخْطَارٌ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ اهـ مِصْبَاحٌ.

قَوْلُهُ: (هَذَا كُلُّهُ) أَيْ قَوْلُهُ فَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً إلَخْ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَهْلِيَّةُ تَوْكِيلٍ) وَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُشَارِكَ عَلَى مَالِ مُوَلِّيهِ إذَا كَانَ الشَّرِيكُ أَمِينًا إنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ، فَإِنْ تَصَرَّفَ الْوَلِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّرِيكِ ذَلِكَ؛ وَتَصِحُّ شَرِكَةُ الْمُكَاتَبِ مَعَ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ يَتَصَرَّفُ، فَإِنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَبَرُّعًا بِعَمَلٍ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَجُوزَ كَوْنُهُ أَعْمَى) أَيْ وَالْعَاقِدُ وَكِيلُهُ لَا هُوَ لِعَدَمِ صِحَّةِ عَقْدِهِ ع ش. وَيُوَكِّلُ فِي الْخَلْطِ وَالتَّصَرُّفِ لِكَوْنِ الْإِذْنِ مِنْهُ، بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّصَرُّفِ) أَيْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَقَبْلَ انْتِهَائِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ انْتَهَتْ مِنْهُ الشَّرِكَةُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْعَزِلَانِ عَنْ التَّصَرُّفِ بِفَسْخِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ إذَا فَسَخَهَا أَحَدُهُمَا انْعَزَلَا مَعًا بِخِلَافِ الْعَزْلِ، فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُمَا مَعًا انْعَزَلَا وَإِلَّا انْعَزَلَ الْمَعْزُولُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) وَلَوْ قَدْرًا يَسِيرًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَوْ فَلَسٍ.

قَوْلُهُ: (أَيْ انْفَسَخَتْ) دَفَعَ بِذَلِكَ مَا يُوهِمُ الْبُطْلَانَ مِنْ عَدَمِ الِانْعِقَادِ، فَأَوَّلَهُ الشَّارِحُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ بُطْلَانُهَا مِنْ أَصْلِهَا فَتَبْطُلُ التَّصَرُّفَاتُ الْمَاضِيَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (إغْمَاءٌ لَا يَسْقُطُ إلَخْ) بِأَنْ أَفَاقَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةً وَلَوْ وَقْتَ عُذْرٍ م د. وَقَالَ ح ل: أَيْ لَا يَسْتَغْرِقُ وَقْتَ فَرْضِ الصَّلَاةِ، وَمِنْهُ التَّقْرِيفُ الْمَشْهُورُ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْحَمَّامِ، فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى وَالسُّكْرُ كَذَلِكَ؛ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَلَا فَسْخَ بِهِ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ: بَطَلَ أَنْ يَقُولَ فَلَا بُطْلَانَ بِهِ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ الْفَسْخُ عَبَّرَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَبَعْدَ الْإِفَاقَةِ إنْ شَاءَ قَسَمَ وَأَخَذَ مَالَهُ وَإِنْ شَاءَ أَعَادَ الشَّرِكَةَ وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ بِأَنْ يَقُولَ: قَرَّرْت الشَّرِكَةَ.

قَوْلُهُ: (يَدُ الشَّرِيكِ يَدُ أَمَانَةٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمِينَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ، وَهِيَ: مَا إذَا ادَّعَى تَلَفًا مُطْلَقًا، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>