للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ صَادِقًا فِيهِ وَخَرَجَ بِالْمَالِ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ كَحَدٍّ وَقَوَدٍ وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ.

وَأَمَّا شُرُوطُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ، فَمِنْهَا كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ مُعَيَّنًا نَوْعَ تَعْيِينٍ بِحَيْثُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الدَّعْوَى وَالطَّلَبُ، فَلَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ: عَلَيَّ أَلْفٌ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمِنْهَا كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقُ الْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُصَادِفُ مَحِلَّهُ وَصِدْقُهُ مُحْتَمَلٌ، وَبِهَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا عَقِبَ النِّكَاحِ لِغَيْرِهَا أَوْ الزَّوْجُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ عَقِبَ الْمُخَالَعَةِ لِغَيْرِهِ أَوْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ عَقِبَ اسْتِحْقَاقِهِ لِغَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ: عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ بِسَبَبِهَا لِفُلَانٍ كَذَا صَحَّ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا أَوْ اسْتَعْمَلَهَا تَعَدِّيًا كَصِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِحَمْلِ هِنْدٍ. وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ كَقَوْلِهِ: أَقْرَضَنِيهِ وَبَاعَنِي بِهِ شَيْئًا وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ الْمَذْكُورُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَمَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

جِنَايَةً قُبِلَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُعَامَلَةً فَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ قُبِلَ أَيْضًا، وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ لِمَا بَعْدَ الْحَجْرِ وَقُيِّدَ بِمُعَامَلَةٍ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِمُعَامَلَةٍ وَلَا غَيْرِهَا رُوجِعَ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْوُجُوبَ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُعَامَلَةٍ وَلَا جِنَايَةٍ وَلَا بِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَلَا بَعْدَهُ رُوجِعَ أَيْضًا، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ لَمْ يُقْبَلْ اهـ. وَقَوْلُهُ " فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ " بِخِلَافِهِ فِي حَقِّهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ يَصِحُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا م ر وز ي؛ أَيْ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ وَمَا لَا فَلَا، لَكِنَّ الْغُرْمَ لَازِمٌ لَهُ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِقْرَارِ بَلْ مِنْ جِهَةِ خِطَابِ الْوَضْعِ كَالصَّبِيِّ فَتَفْرِيعُ الْغُرْمِ عَلَى الْإِقْرَارِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ.

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْمَالِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِإِقْرَارِهِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ لِأَجْلِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْمَخْرَجِ وَالْمَخْرَجِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْخُرُوجِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ جَعْلَهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً أَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِمُوجِبٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ بِشَيْءٍ يُوجِبُ عُقُوبَةً كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ. وَقَوْلُهُ " كَحَدٍّ " مِثَالٌ لِلْعُقُوبَةِ.

قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ) أَيْ ابْتِدَاءً فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّشْدِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ابْتِدَاءً لِئَلَّا يُرَدَّ وُجُوبُ الْمَالِ عَنْهُ بِالْعَفْوِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمَالِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (فَمِنْهَا كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ إلَخْ) ذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْهَا ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ.

قَوْلُهُ: (نَوْعَ تَعْيِينٍ) أَيْ وَلَوْ نَوْعَ تَعْيِينٍ، فَدَخَلَ قَوْلُهُ " عَلَيَّ مَالٌ " لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا الْمُرَادُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقِرُّ اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الدَّعْوَى) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نَوْعُ تَعْيِينٍ خَاصٍّ بِحَالَةٍ وَهِيَ تَوَقُّعُ الدَّعْوَى وَالطَّلَبِ مِنْهُ، فَلِذَا خَرَجَ قَوْلُهُ لِوَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَيَّ أَلْفٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَعْيِينٍ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: مُعَيَّنًا تَعْيِينًا يُتَوَقَّعُ مَعَهُ طَلَبٌ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) إلَّا إذَا كَانُوا مَحْصُورِينَ فِيمَا يَظْهَرُ، حَجّ شَوْبَرِيٌّ وم ر. فَيَصِحُّ وَيُعَيِّنُ مَنْ أَرَادَهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِقْرَارُ حِينَئِذٍ يُصَادِفُ مَحِلَّهُ.

قَوْلُهُ: (وَصَدَّقَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ مُحْتَمِلٌ جُمْلَةً حَالِيَّةً، فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْعِلَّةِ، فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى شَرْطٍ فِي الْمُقِرِّ وَهُوَ كَوْنُ صِدْقِهِ مُحْتَمَلًا، فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ لَمْ يَصِحَّ كَالْأَمْثِلَةِ الَّتِي قَالَهَا الشَّارِحُ؛ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ مِنْ جِهَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْمُقَرِّ لَهُ وَهَذَا مِنْ شُرُوطِ الْمُقِرِّ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ ذَكَرَ مُحْتَرَزَ الشَّرْطِ الزَّائِدِ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ مُحْتَرَزَ الشَّرْطِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَبِهَذَا يَخْرُجُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ " وَصِدْقُهُ مُحْتَمَلٌ " أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ احْتِمَالُ صِدْقِهِ، فَلَوْ قُطِعَ بِكَذِبِهِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَحِينَئِذٍ تَعْلَمُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تَسَمُّحًا مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: ذِكْرُهُ هَذَا الْحُكْمَ فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ، وَالثَّانِي: ذِكْرُهُ فِي مُعْرِضِ شُرُوطِ الْمُقَرِّ لَهُ مَعَ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ شُرُوطِ الْمُقِرِّ كَمَا عَلِمْت.

قَوْلُهُ: (عَقِبَ النِّكَاحِ) أَيْ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَبُولِ بِلَحْظَةٍ كَانَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ فِي هَذَا الزَّمَانِ الضَّيِّقِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ الزَّوْجِ إلَيْهَا وَمِنْهَا لِغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ، وَيَنْبَغِي فَرْضُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَمْلُوكَةِ. أَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِخَيْلٍ مُسَبَّلَةٍ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَالْإِقْرَارِ لِمَقْبَرَةٍ أَيْ لِأَهْلِهَا، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَّةٍ وُقِفَ عَلَيْهَا أَوْ وَصِيَّةٍ ز ي أج. قَوْلُهُ: (لِفُلَانٍ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهَا أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ) أَيْ وَكَذَا الْإِقْرَارُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>