للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا شَرْطُ الْمُقَرِّ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَيْضًا فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ، فَقَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَتُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ لَا قَوْلُهُ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت بِهِ، فَلَيْسَ لَغْوًا اعْتِبَارًا بِأَوَّلِهِ. وَكَذَا لَوْ عَكَسَ فَقَالَ: هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ غَايَتُهُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ، وَأَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ وَلَوْ مَآلًا لِيُسَلِّمَ بِالْإِقْرَارِ لَلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ حَالًا ثُمَّ صَارَ بِهَا عُمِلَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِأَنْ يُسَلَّمَ لَلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ، فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ شَخْصٍ بِيَدِ غَيْرِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِهَا وَكَانَ شِرَاؤُهُ افْتِدَاءً لَهُ وَبَيْعًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلَهُ الْخِيَارُ دُونَ الْمُشْتَرِي.

(وَإِذَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ) كَشَيْءٍ وَكَذَا صَحَّ إقْرَارُهُ وَ (رَجَعَ لَهُ فِي بَيَانِهِ) فَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِغَيْرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْوَفَاءُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ " فَشَرْطُهُ إلَخْ " فَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ الشَّرْطُ لَا الْمَشْرُوطُ وَقَدْ ذَكَرَ شَرْطَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا) أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ فِي صِيغَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِهِ لَهُ ق ل. قَوْلُهُ: (فَقَوْلُهُ دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ، فَلَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي دَارِي إضَافَةَ سَكَنِي صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِفْسَارَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْعَمَلِ بِقَوْلِهِ، شَرْحُ م ر أج. وَقَوْلُهُ: " أَوْ دَيْنِي " أَيْ الَّذِي عَلَيْك.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُضَافُ مُشْتَقًّا وَلَا فِي حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَتْ الِاخْتِصَاصَ بِالنَّظَرِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَبْدَأُ الِاشْتِقَاقُ، فَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَوْلُهُ دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو لَغْوًا لِأَنَّ الْمُضَافَ فِيهِ غَيْرُ مُشْتَقٍّ، فَأَفَادَتْ الْإِضَافَةُ الِاخْتِصَاصَ مُطْلَقًا، وَمِنْ لَازِمِهِ الْمِلْكُ بِخِلَافِ مَسْكَنِي وَمَلْبُوسِي فَإِنَّ إضَافَتَهُ إنَّمَا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى لَا مُطْلَقًا لِاشْتِقَاقِهِ، اهـ ع ش م ر. قَوْلُهُ: (فَتُنَافِي الْإِقْرَارَ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ إزَالَةً عَنْ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى الْخَبَرِ اهـ عَنَانِيٌّ. وَمَحِلُّ كَوْنِهِ لَغْوًا مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِقْرَارَ بِمَعْنَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ مِلْكِي قَبْلُ هِيَ لِزَيْدٍ الْآنَ غَايَتُهُ أَنَّهُ أَضَافَهَا لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ مَجَازًا، اهـ ع ش.

قَوْلُهُ: (هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ صَحَّحُوهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا " دَارِي " أَوْ " دَيْنِي لِعَمْرٍو " حَيْثُ جَعَلُوهُ لَغْوًا، أَنَّ مَا تَقَدَّمَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَوَّلُهَا مُنَافٍ لِآخِرِهَا بِخِلَافِ هَذِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِجُمْلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَضُرُّهُ وَالْأُخْرَى تَنْفَعُهُ عُمِلَ بِمَا يَضُرُّهُ مِنْهُمَا سَوَاءً تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، وَإِنْ أَتَى بِجُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِيهَا مَا يَضُرُّهُ وَمَا يَنْفَعُهُ لَغَتْ إنْ قُدِّمَ النَّافِعُ كَقَوْلِهِ: دَارِي لِفُلَانٍ اهـ عَنَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَوْنِهِ بِيَدِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ يُسَلَّمُ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ الْحُرِّيَّةُ وَهِيَ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا تَسْلِيمَ نَفْسِهِ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ شَخْصٍ إلَخْ) مِثْلُ الْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ، فَلَوْ شَهِدَ بِأَنَّ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ مَغْصُوبٌ صَحَّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ اسْتِنْقَاذُهُ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ يَطْلُبُ الشِّرَاءَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ اهـ شَرْحُ م ر. وَكَتَبَ ع ش عَلَى قَوْلِهِ " صَحَّ شِرَاؤُهُ " أَيْ حُكِمَ بِصِحَّةِ شِرَائِهِ مِنْهُ، وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ لِمَنْ قَالَ إنَّهُ مَغْصُوبٌ مِنْهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ أَوْ مِلْكه بِوَجْهٍ آخَرَ كَالْإِرْثِ. وَخَصَّ الشِّرَاءَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ شَرْحُ م ر. فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِحُرِّيَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (افْتِدَاءً لَهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ الْمَانِعَةِ مِنْ شِرَائِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ شِرَاءٌ صُورِيٌّ وَالْقَصْدُ مِنْهُ الِافْتِدَاءُ؛ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ بِالْحُرِّيَّةِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الشِّرَاءِ. قَالَ ع ش: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْوَقْفِ، فَإِذَا عَلِمَ بِوَقْفِيَّتِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَانَ شِرَاؤُهُ افْتِدَاءً فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ حِفْظِهَا إنْ عُرِفَ وَإِلَّا سَلَّمَهَا لِمَنْ يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ عَرَّفَهَا هُوَ وَأَبْقَاهَا فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَارَةُ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ بِوَقْفِيَّتِهَا مَا يُكْتَبُ بِهَوَامِشِهَا مِنْ لَفْظِ وَقْفٌ.

قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْخِيَارُ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَالْعَيْبِ، أَيْ عَيْبِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَوْ وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا أَرْشَ لَهُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: ثُمَّ إنْ أَقَرَّ بِمَعْلُومٍ، فَذَاكَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ مِنْ كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>