للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَرَدِّ سَلَامٍ وَنَجَسٍ لَا يُقْتَنَى كَخِنْزِيرٍ سَوَاءً أَكَانَ مَالًا وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ كَفَلْسٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ أَمْ لَا كَقَوَدٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَزِبْلٍ لَصَدَقَ كُلٌّ مِنْهَا بِالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ، وَإِنْ وَصَفَهُ بِنَحْوِ عِظَمٍ كَقَوْلِهِ: مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ كَحَبَّةِ بُرٍّ، وَيَكُونُ وَصْفُهُ بِالْعِظَمِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إثْمُ غَاصِبِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلَ الْغَلَبَةَ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي شَيْءٌ شَيْءٌ أَوْ كَذَا كَذَا. لَزِمَهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ. فَإِنْ قَالَ: شَيْءٌ وَشَيْءٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا لَزِمَهُ شَيْئَانِ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٍ بِرَفْعٍ أَوْ نَصْبٍ أَوْ جَرٍّ أَوْ سُكُونٍ، أَوْ كَذَا كَذَا بِالْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٍ بِلَا نَصْبٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، فَإِنْ ذَكَرَهُ بِالنَّصْبِ بِأَنْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ؛

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْوُجُوهِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَوْ قَدْرًا وَصِفَةً لَا جِنْسًا كَقَوْلِهِ: لَهُ مَالٌ عَلَيَّ، وَسَوَاءً كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا لِدَعْوَى لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَيَصِحُّ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا. قَوْلُهُ: (رَجَعَ لَهُ) فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَيِّنَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ طُولِبَ بِهِ الْوَارِثُ وَوُقِفَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَلَوْ بَيَّنَ بِمَا يُقْبَلُ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي أَنَّهُ حَقُّهُ فَلْيُبَيِّنْ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ جِنْسُ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَلْيَدَّعِ بِهِ وَيَحْلِفْ الْمُقَرُّ عَلَى نَفْيِهِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَجَسٍ لَا يُقْتَنَى لِأَنَّهُ لَا يُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (سَوَاءً أَكَانَ) أَيْ غَيْرُ مَا ذَكَرَ.

قَوْلُهُ: (كَفَلْسٍ) مِثَالٌ لِلْمُتَمَوَّلِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ سَوَاءً تَمَوَّلَ أَمْ لَا، وَالْمُتَمَوَّلُ مَا سَدَّ مَسَدًّا مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ.

قَوْلُهُ: (وَحَبَّةُ بُرٍّ) أَيْ وَقِمْعِ بَاذِنْجَانَةٍ اهـ سم.

قَوْلُهُ: (وَزِبْلٍ) أَيْ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا لَكِنَّهُ يُقْتَنَى.

قَوْلُهُ: (لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْهَا) لَوْ قَالَ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا كَانَ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَصْدُقْ الشَّيْءُ بِالسَّلَامِ وَالْعِيَادَةِ لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ لِيَخْرُجَ النَّجِسُ الَّذِي لَا يُقْتَنَى كَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ.

قَوْلُهُ: (أَثِمَ غَاصِبُهُ) أَيْ وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ. وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَوْجُودٌ.

قَوْلُهُ: (أَصْلُ مَا أَبْنِي) مُبْتَدَأٌ، خَبَرُهُ قَوْلُهُ " أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ " وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ لَازِمٌ عَلَى مَلْزُومٍ وَإِضَافَةُ أَصْلٍ لِمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ، أَيْ أَصْلٌ هُوَ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ إلَخْ، أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ لِلصِّفَةِ أَيْ الْأَصْلُ الَّذِي أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ. وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْغَالِبُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَقَالَ الَأُجْهُورِيُّ: الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الشَّيْءُ الْمُفَسَّرُ بِهِ وَهُوَ حَبَّةُ الْبُرِّ مَثَلًا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ وَصْفَهُ بِالْعِظَمِ لِكَثْرَتِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهَذَا الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (وَأَطْرَحَ الشَّكَّ) مَثَلًا إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي عَشْرَةٍ وَأَطْلَقَ، فَإِنَّ الْمُتَيَقَّنَ دِرْهَمٌ وَاحْتِمَالُ كَوْنِ فِي بِمَعْنَى مَعَ حَتَّى يَلْزَمَهُ أَحَدَ عَشَرَ مَشْكُوكٌ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ) فِيهِ الشَّاهِدُ لِأَنَّهُ إذَا قُبِلَ تَفْسِيرُ الْمَالِ الْعَظِيمِ بِمَا قَلَّ مِنْهُ لَا يَكُونُ فِيهِ اسْتِعْمَالُ الْغَلَبَةِ، أَيْ مَا يَغْلِبُ فِي عُرْفِ النَّاسِ، وَهُوَ أَنَّهُ مَالٌ كَثِيرٌ؛ فَقَوْلُهُ: وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ " أَيْ لَا أُعَوِّلُ عَلَيْهَا. وَفِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ: فِي قَوْلِهِ: " وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ " تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَتْرُكُ الْحَقِيقَةَ فِي الْأَقَارِيرَ وَيَحْمِلُ اللَّفْظَ عَلَى غَيْرِ غَالِبِهِ وَهُوَ الْمَجَازُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَا) هِيَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ مَرْكَبٌ مِنْ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَكَافِ التَّشْبِيهِ، ثُمَّ نُقِلَ ذَلِكَ وَصَارَ كِنَايَةً عَنْ الْمُبْهَمِ مِنْ الْعَدَدِ؛ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا عَنْ الْمُبْهَمِ مِنْ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ ح ل. قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَهِيَ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى شَيْءٍ وَلَيْسَتْ كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ.

قَوْلُهُ: (بِرَفْعِ) أَيْ بَدَلًا أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَصْبٍ) أَيْ تَمْيِيزًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ جَرٍّ) أَيْ لَحْنًا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ؛ لِأَنَّ تَمْيِيزَ كَذَا يَجِبُ نَصْبُهُ عِنْدَهُمْ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ بِ " مِنْ " مُقَدَّرَةٍ. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ سُكُونٍ) أَيْ وَقْفًا. قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَا كَذَا بِالْأَحْوَالِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: أَوْ كَذَا كَذَا دِرْهَمٍ بِالْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ؛ فَلَعَلَّ لَفْظَ دِرْهَمٍ سَاقِطٌ مِنْ النَّاسِخِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ " كَذَا " إمَّا أَنْ يُؤْتَى بِهَا مُفْرَدَةً أَوْ مُكَرَّرَةً مَعَ الْعَطْفِ أَوْ بِدُونِهِ، وَالدِّرْهَمُ إمَّا أَنْ يُرْفَعَ أَوْ يُنْصَبَ أَوْ يُجَرَّ أَوْ يُسَكَّنَ. وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ اثْنَا عَشَرَ، وَالْوَاجِبُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ دِرْهَمٌ إلَّا إذَا أَتَى بِكَذَا مَعْطُوفَةً وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ فَالْوَاجِبُ دِرْهَمًا ح ل وز ي. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) لِأَنَّ كَذَا مُبْهَمٌ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ فِي الْأُولَى

<<  <  ج: ص:  >  >>