فِي الْمَطْعُومِ الْآتِي. وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الثَّالِثِ مَا لَوْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ فِي إذْهَابِ عَيْنِهِ، فَلَا يُعَارُ الْمَطْعُومُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ إنَّمَا هُوَ بِالِاسْتِهْلَاكِ، فَانْتَفَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ. فَإِنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي الْمُعَارِ (جَازَتْ إعَارَتُهُ إذَا كَانَتْ مَنَافِعُهُ آثَارًا) بِالْقَصْرِ أَيْ بَاقِيَةً كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ كَمَا مَرَّ، فَخَرَجَ بِالْمَنَافِعِ الْأَعْيَانُ، فَلَوْ أَعَارَهُ شَاةً لِلَبَنِهَا أَوْ شَجَرَةً لِثَمَرَتِهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَعَارَهُ شَاةً أَوْ دَفَعَهَا لَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَالْإِخْرَاجِ) أَيْ فِي الْمَصَالِحِ وَهُوَ عَطْفُ مُرَادِفٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى طَبْعِهِمَا) أَيْ صُورَتِهِمَا.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَطْعُومِ الْآتِي) أَيْ فَإِذَا اسْتَعَارَ طَعَامًا لِيَطْبُخَ مِثْلَهُ صَحَّ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُعَارُ الْمَطْعُومُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالشَّمْعِ وَالصَّابُونِ. وَهَلْ يُنَزَّلُ الِاسْتِقْذَارُ مَنْزِلَةَ إذْهَابِ الْعَيْنِ فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ تَصِحَّ نَظَرًا لِبَقَاءِ عَيْنِهِ مَعَ طَهَارَتِهِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَجَرَى ق ل عَلَى صِحَّةِ إعَارَةِ ذَلِكَ لَكِنْ تَبَعًا لِلظَّرْفِ، وَمَشَى الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى جَوَازِ إعَارَةِ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَالتَّبَرُّدِ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى فِي ظَرْفِهِ وَالْأَجْزَاءُ الذَّاهِبَةُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا يَذْهَبُ مِنْ الثَّوْبِ الْمُعَارِ بِالِانْمِحَاقِ. اهـ. م د؛ وَعِبَارَتُهُ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ الْمُعَارِ أَيْ مِنْ ذَاتِهِ أَوْ وَصْفِهِ، فَلَوْ أَعَارَهُ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ فَلَا يَضْمَنُ مَا انْسَحَقَ مِنْهُ أَوْ انْمَحَقَ وَإِنْ ذَهَبَ جَمِيعُهُ، أَوْ أَعَارَهُ مَاءً لِوُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا تَشَرَّبَتْهُ الْأَعْضَاءُ مِنْهُ وَلَا نَقَصَ قِيمَتُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَلَوْ أَعَارَهُ دَوَاةً لِلْكِتَابَةِ مِنْهَا أَوْ دَابَّةً لِأَخْذِ لَبَنِهَا أَوْ شَجَرَةً لِأَخْذِ ثَمَرَتِهَا لَمْ يَضْمَنْ تِلْكَ الْأَعْيَانَ الْمَأْخُوذَةَ. نَعَمْ لَوْ قَالَ شَيْخُنَا: الْحَقُّ أَنَّ تِلْكَ الْأَعْيَانَ مَأْخُوذَةٌ بِالْإِبَاحَةِ وَأَنَّ الْمُعَارَ مَحَالُّهَا فَقَطْ لِأَخْذِهَا مِنْهَا ق ل. وَعِبَارَةُ م ر: وَحَقَّقَ الْأُشْمُونِيُّ فَقَالَ: إنَّ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ لَيْسَا مُسْتَفَادَيْنِ بِالْعَارِيَّةِ بَلْ الْإِبَاحَةُ وَالْمُسْتَعَارُ هُوَ الشَّاةُ لِمَنْفَعَةٍ هُوَ التَّوَصُّلُ لِمَا أُبِيحَ وَكَذَا الْبَاقِي اهـ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي الْمُعَارِ إلَخْ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ جَازَتْ إعَارَتُهُ خَبَرُ كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَكُلُّ مَا أَمْكَنَ وَقَدْ جَعَلَهَا الشَّارِحُ جَوَابَ الشَّرْطِ، وَيَلْزَمُ عَلَى كَلَامِهِ خُلُوُّ الْمُبْتَدَإِ عَنْ الْخَبَرِ تَأَمَّلْ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ حَلَّ مَعْنًى.
قَوْلُهُ: (جَازَتْ إعَارَتُهُ) أَيْ وَاسْتِعَارَتُهُ، وَمُرَادُهُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْحُرْمَةَ فَيُصَدَّقُ بِالنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ.
قَوْلُهُ: (إذَا كَانَتْ مَنَافِعُهُ) هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (بِالْقَصْرِ) فِيهِ نَظَرٌ، فَفِي الْمِصْبَاحِ: وَأَثَرُ الدَّارِ بَقِيَّتُهَا وَالْجَمْعُ آثَارٌ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ اهـ فَالْقَصْرُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُفْرَدِ دُونَ الْجَمْعِ، فَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى الشَّارِحِ. وَفِي نُسْخَةٍ " أَثَرًا " بِالْإِفْرَادِ، وَلَا إشْكَالَ عَلَيْهَا فَيُمْكِنُ أَنَّ الشَّارِحَ شَرَحَ عَلَيْهَا؛ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ عَدَمُ الْمُطَابِقَةِ بَيْنَ اسْمِ كَانَ وَخَبَرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ ذَوَاتَ أَثَرٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ بَاقِيَةً) فِيهِ مُسَامَحَةً؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْآثَارِ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ: مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ، فَيَكُونُ مُسْتَدْرَكًا، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَيْ مَنَافِعَ غَيْرَ أَعْيَانٍ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ التَّكْرَارُ أَيْضًا وَاتِّحَادُ اسْمِ كَانَ وَخَبَرِهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَتْ مَنَافِعُهُ مَنَافِعَ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ فِي الْأَوَّلِ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَعَمُّ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْآثَارِ وَالثَّانِي الْمُرَادُ بِهِ الْآثَارُ فَقَطْ فَيَكُونُ الثَّانِي أَخَصَّ سم.
قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ بِالْمَنَافِعِ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، فَإِنَّ الْمَنَافِعَ الَّتِي فِي الْمَتْنِ لَمْ تُجْعَلْ شَرْطًا وَقَيْدًا. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ قَيَّدَ الْمَنَافِعَ وَهُوَ قَوْلُهُ آثَارًا، وَهَذَا الْإِخْرَاجُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ صَحِيحَةٌ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْهَا مَنَافِعُ وَهِيَ تُوَصِّلُك لِحَقِّك مِنْ اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا اللَّبَنُ فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِالْإِبَاحَةِ لَا الْعَارِيَّةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ق ل: لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعَارَ فِي ذَلِكَ هُوَ الشَّاةُ لِتُوَصِّلَك إلَى مَا أُبِيحَ لَك وَأَنَّ اللَّبَنَ مَأْخُوذٌ بِالْإِبَاحَةِ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ فَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ إلَّا إنْ كَانَ مُرَادُهُ إعَارَةَ نَفْسِ اللَّبَنِ أَوْ نَفْسِ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ. وَعِبَارَةُ ز ي: الْحَقُّ أَنَّ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ لَيْسَا مُسْتَفَادَيْنِ بِالْعَارِيَّةِ بَلْ بِالْإِبَاحَةِ وَالْمُسْتَعَارُ هُوَ الشَّاةُ لِمَنْفَعَةٍ وَهِيَ إيصَالُك إلَى مَا أُبِيحَ لَك، فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَعَرْت مَجْرًى فِي أَرْضِ غَيْرِك لِتُوَصِّلَ مَاءَك إلَى أَرْضِك.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) كَإِعَارَةِ دَوَاةٍ لِلْكِتَابَةِ مِنْهَا وَمَاءٍ لِلْوُضُوءِ بِهِ مَثَلًا أَوْ لِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ بِهِ وَإِنْ تَنَجَّسَ أَوْ بُسْتَانٍ لِأَخْذِ ثَمَرِهِ، فَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ ق ل. وَقَوْلُهُ " وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ " أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " لَمْ يَصِحَّ " ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ " وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ " وَهُوَ أَنَّ الْحِبْرَ وَالْمَاءَ وَالثَّمَرَةَ مَأْخُوذَةٌ بِالْإِبَاحَةِ وَالْمُسْتَعَارُ إنَّمَا هُوَ ظَرْفُ الْحِبْرِ وَظَرْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute