وَمَلَّكَهُ دَرَّهَا وَنَسْلَهَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَضْمَنْ آخُذُهَا الدَّرَّ وَالنَّسْلَ لِأَنَّهُ أَخَذَهُمَا بِهِبَةٍ، فَاسِدَةٍ وَيَضْمَنُ الشَّاةَ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ.
(وَتَجُوزُ) إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ أَوْ ذَكَرٍ مُحَرَّمٍ لِلْجَارِيَةِ لِعَدَمِ الْمَحْذُورِ فِي ذَلِكَ. وَفِي مَعْنَى الْمَرْأَةِ وَالْمُحَرَّمِ الْمَمْسُوحُ وَزَوْجُ الْجَارِيَةِ وَمَالِكُهَا كَأَنْ يَسْتَعِيرَهَا مِنْ مُسْتَأْجِرِهَا أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا. وَيَلْحَقُ بِالْجَارِيَةِ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ، لَا سِيَّمَا مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ إعَارَةِ الْعَبْدِ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ كَعَكْسِهِ بِلَا شَكٍّ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُعَارُ خُنْثَى امْتَنَعَ احْتِيَاطًا وَيُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ اسْتِعَارَةُ وَإِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ لِخِدْمَةٍ وَاسْتِعَارَةُ، وَإِعَارَةُ كَافِرٍ مُسْلِمًا صِيَانَةً لَهُمَا عَنْ الْإِذْلَالِ.
تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شُرُوطِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ، فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُعِيرِ صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ وَلِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِإِبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَفَلَسٍ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا فَلَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَاءِ لِمَنْفَعَةٍ وَهِيَ إيصَالك لِمَا أُبِيحَ لَك، وَكَذَا الْبُسْتَانُ مُعَارٌ لِإِيصَالِك لِلثَّمَرِ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى حِينَئِذٍ أَعْيَانٌ لَا مَنَافِعُ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (الْمَمْسُوحُ) أَيْ إذَا كَانَ عَفِيفًا، وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ.
قَوْلُهُ: (وَزَوْجُ الْجَارِيَةِ) أَيْ بِأَنْ يَسْتَعِيرَهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ سَلِمَتْ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ لِأَنَّ تَسَلُّمَهُ لَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْعَارِيَّةِ وَالْمُعَارُ نَفَقَتُهُ عَلَى مَالِكِهِ. اهـ. م د. وَيُلْغِزُ بِهَا وَيُقَالُ: لَنَا زَوْجَةٌ مُسْلِمَةٌ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَسْتَعِيرَهَا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَمَالِكُهَا. قَوْلُهُ: (وَيَلْحَقُ بِالْجَارِيَةِ إلَخْ) ذَكَرَ م ر هَذَا بَعْدَ أَنْ قَالَ بِخِلَافِ إعَارَتِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ شَيْخَاهُمَا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ خَصِيًّا. وَقَدْ تَضَمَّنَتْ نَظَرًا أَوْ خَلْوَةً مُحَرَّمَةً وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ لِحُرْمَتِهِ اهـ. وَهُوَ أَصْنَعُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِلْحَاقُ فِي الْحُرْمَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ إلَخْ؛ أَيْ فِي صِحَّةِ إعَارَتِهِ لِلْمُحْرِمِ دُونَ الْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا مَأْخُوذٌ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ مِمَّا ذَكَرَ فِي الْجَارِيَةِ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ: قَوْلُهُ " وَيَلْحَقُ إلَخْ " يَقْتَضِي حُرْمَةَ ذَلِكَ وَلَوْ لِعَدْلٍ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدْلِ وَلَا يُقَالُ لَوْ نَظَرَ لِلْعَدَالَةِ لَجَازَتْ إعَارَةُ الْأَمَةِ لِغَيْرِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالْجِنْسِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ كَعَكْسِهِ) وَهُوَ إعَارَةُ الْجَارِيَةِ لِلرَّجُلِ أَيْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْعَكْسُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ، لَكِنْ مُلَاحَظٌ فِيهِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (امْتَنَعَ احْتِيَاطًا) فَلَا يُعَارُ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَا لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَا يَسْتَعِيرُ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً. قَوْلُهُ: (اسْتِعَارَةٍ إلَخْ) هَذَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ رَقِيقًا فَيُكْرَهُ لِمَالِكِهِ إعَارَتُهُ لِفَرْعِهِ وَيُكْرَهُ لِلْفَرْعِ اسْتِعَارَتُهُ اهـ. فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِعَارَةِ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْإِعَارَةِ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ إعَارَةُ الْمَالِكِ الْكَافِرِ مُسْلِمًا وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ مُسْتَأْجِرًا لِلْأَصْلِ فَتُكْرَهُ لَهُ إعَارَتُهُ اهـ وَصَوَّرَهُ أج بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ أَصْلَهُ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَتُكْرَهُ لَهُ إعَارَتُهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِنَّمَا الْكَرَاهَةُ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لِمَكَانِ الْوِلَادَةِ فَلَمْ يَتَعَدَّ لِغَيْرِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَصْلَ لَوْ أَعَارَ نَفْسَهُ لِفَرْعِهِ بِأَنْ كَانَ حُرًّا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَهِيَ اسْتِعَارَتُهُ إيَّاهُ.
قَوْلُهُ: (لِخِدْمَةٍ) أَفْهَمَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِلِاسْتِرَاحَةِ جَازَتْ. قَوْلُهُ: (وَاسْتِعَارَةِ وَإِعَارَةِ كَافِرٍ مُسْلِمًا) أَيْ يُكْرَهُ عَقْدُ الِاسْتِعَارَةِ، وَأَمَّا خِدْمَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ فَحَرَامٌ فَلَا يُمْكِنُ مِنْهَا الْكَافِرُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِذْلَالِ. وَانْظُرْ أَيَّ فَائِدَةٍ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ مُضَافَانِ لِلْفَاعِلِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِرَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ وَلَوْ لِمُسْلِمٍ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِعَارَةِ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْإِعَارَةِ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَمُسْلِمًا مَفْعُولٌ ثَانٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَقْتَضِي مَا ذَكَرَ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ " مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ " أَيْ يُكْرَهُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُعِيرَ الْكَافِرَ الْمُسْلِمَ وَلَا يُوضَعُ عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ) أَيْ إلَّا إعَارَةَ نَفْسِهِ لِخِدْمَةِ نَحْوِ مُعَلِّمِهِ مِنْ وَلِيِّهِ، وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ ق ل. أَوْ لِمَا لَا يُقْصَدُ مِنْ مَنَافِعِهِ بِأَنْ لَمْ يُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ؛ وَلِذَلِكَ سُئِلَ م ر عَمَّنْ قَالَ لِوَلَدِ غَيْرِهِ: اقْضِ لِي هَذِهِ الْحَاجَةَ مَثَلًا، هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ