الْمُسْتَعِيرِ رَدُّهَا فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ وَهُوَ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ فِي طَرَفِ الْعُصْعُصِ لَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ، وَلَهُمَا الرُّجُوعُ قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ لَا بَعْدَ وَضْعِهِ وَإِنْ لَمْ يُوَارَ بِالتُّرَابِ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي. وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ مَسَائِلَ كَثِيرَةً مُسْتَثْنَاةً مِنْ الرُّجُوعِ فَلَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا، فَمَنْ أَرَادَهَا فَلْيُرَاجِعْهَا مِنْ تِلْكَ الْكُتُبِ. وَلَكِنَّ الْهِمَمَ قَدْ قَصُرَتْ وَإِنْ أَعَارَ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ وَلَوْ إلَى مُدَّةٍ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ غَرَسَ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ قَلْعَ ذَلِكَ لَزِمَهُ قَلْعُهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ قَلَعَهُ الْمُعِيرُ وَإِنْ لَمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالذِّمِّيُّ ع ش.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يَنْدَرِسَ) فَلَوْ أَقَّتَ الْعَارِيَّةَ بِمُدَّةٍ لَا يَبْلَى فِيهَا الْمَيِّتُ عَادَةً فَسَدَتْ، وَإِذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ لَا يَجِبُ تَعْيِينُ كَوْنِ الْمَيِّتِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. نَعَمْ إنْ كَانَ شَهِيدًا فَيَنْبَغِي تَعْيِينُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْلَى. وَهَلْ يَجُوزُ زِيَارَةُ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ؟ قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ لِلْعَادَةِ. اهـ. ح ل. وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِانْدِرَاسِ لُزُومُهَا فِي دَفْنِ النَّبِيِّ وَالشَّهِيدِ لِعَدَمِ بِلَائِهِمَا فَلَا يَرِدَانِ، اهـ شَرْحُ م ر وَجُمْلَةُ مَنْ لَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ جَسَدَهُ نَظَمَهُمْ التَّتَّائِيُّ فَقَالَ:
لَا تَأْكُلْ الْأَرْضُ جِسْمًا لِلنَّبِيِّ وَلَا ... لِعَالِمٍ وَشَهِيدٍ قُتِلَ مُعْتَرِكْ
وَلَا لِقَارِئِ قُرْآنٍ وَمُحْتَسِبٍ ... أَذَانَهُ لِإِلَهٍ مُجْرِي الْفُلْك
وَنَظَمَهُمْ الشَّمْسُ الْبُرُلُّسِيُّ بِقَوْلِهِ:
أَبَتْ الْأَرْضُ أَنْ تُمَزِّقَ لَحْمًا ... لِشَهِيدٍ وَعَالِمٍ وَنَبِيٍّ
وَكَذَا قَارِئُ الْقُرْآنِ وَمَنْ ... أَذَّنَ لِلَّهِ حِسْبَةً دُونَ شَيْءٍ
قَوْلُهُ: (أَثَرُ الْمَدْفُونِ) فَيَرْجِعُ حِينَ الِانْدِرَاسِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي تَكْرِيرِ الدَّفْنِ وَإِلَّا فَالْعَارِيَّةُ انْتَهَتْ، شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (عَجْبَ الذَّنَبِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِسُكُونِ الْجِيمِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ وَإِبْدَالُهَا مِيمًا لُغَةً كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَقَوْلُهُ: الْعُصْعُصُ بِضَمِّ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَيُضَمُّ وَقَدْ يُفْتَحُ تَخْفِيفًا مِثْلَ طُحْلُبٍ وَطُحْلَبٍ وَالْجَمْعُ عَصَاعِصُ. اهـ. مِصْبَاحٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ) أَيْ قَبْلَ إدْلَائِهِ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَسْفَلِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ إزْرَاءٌ بِهِ ق ل. وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ الْإِدْلَاءِ غَرِمَ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ مُؤْنَةَ حَفْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرُ رَدْمُ مَا حَفَرَهُ لِلْإِذْنِ فِيهِ. اهـ. م ر، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَحَرَثَهَا ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الْحَرْثِ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْحَفْرِ فَهُوَ مُوَرِّطٌ لَهُ فِيهِ، بِخِلَافِ زَرْعِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ بِدُونِ حَرْثٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يُمْكِنْ زَرْعُهَا إلَّا بِالْحَرْثِ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الدَّفْنِ ز ي، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ لِلْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا غُرْمَ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَفْرَ إلَّا عِنْدَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ امْتَنَعَ قَلَعَهُ) أَيْ وَإِذَا احْتَاجَ الْقَلْعُ إلَى مُؤْنَةٍ صَرَفَهَا الْمُعِيرُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ صَرَفَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute