للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لِخَبَرِ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَحِينَئِذٍ يَضْمَنُهَا (بِقِيمَتِهَا) مُتَقَوِّمَةً كَانَتْ أَوْ مِثْلِيَّةً (يَوْمَ تَلَفِهَا) هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ. فِي الْأَنْوَار وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ: يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِالْمِثْلِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ، وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَلَوْ اسْتَعَارَ عَبْدًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِيَسْتَعْمِلَهَا بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ مَسَائِلُ مِنْهَا: جِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ، فَإِنَّ إعَارَتَهُ جَائِزَةٌ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ. وَمِنْهَا الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ اسْتَعَارَ صَيْدًا مِنْ مُحَرَّمٍ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي الْأَصَحِّ. وَمِنْهَا مَا لَوْ أَعَارَ الْإِمَامُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْ لَهُ حَقٌّ فِيهِ فَتَلِفَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَأْذُونِ فِيهِ) حَاصِلُهُ أَنْ يُقَالَ إنْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا ضَمَانَ وَلَوْ بِالتَّعَثُّرِ مِنْ ثِقَلِ حَمْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَمَوْتٍ بِهِ وَانْمِحَاقِ ثَوْبِ بِلُبْسِهِ لَا نَوْمِهِ فِيهِ حَيْثُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ تَعَثُّرِهِ بِانْزِعَاجٍ أَوْ عُثُورِهِ فِي وَهْدَةٍ أَوْ رَبْوَةٍ أَوْ تَعَثُّرِهِ لَا فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي هَذَا الْأُمُورِ، وَمِثْلُهُ سُقُوطُهَا فِي بِئْرٍ حَالَ السَّيْرِ كَمَا قَالَهُ م ر. وَمِنْهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِاسْتِعْمَالِهِ فِي سَاقِيَّةٍ فَسَقَطَ فِي بِئْرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِغَيْرِهِ لَا بِهِ، وَمَنْ عَدَمِ الضَّمَانِ تَزَايُدُ مَرَضٍ تَوَلَّدَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ أَيْ يَتْلَفُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ يَنْسَحِقُ أَيْ يَنْقُصُ بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ لِحُدُوثِهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ؛ وَمَوْتِ الدَّابَّةِ كَالِانْمِحَاقِ، وَتَقَرُّحِ ظَهْرِهَا وَعَرَجِهَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَكَسْرِهِ سَيْفًا أَعَارَهُ لِيُقَاتِلَ بِهِ كَالِانْمِحَاقِ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ " وَمَوْتُ الدَّابَّةِ " أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَمَلَهَا حَمْلًا ثَقِيلًا بِالْإِذْنِ فَمَاتَتْ بِسَبَبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَفِيفًا لَا تَمُوتُ بِمِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ فَاتَّفَقَ مَوْتُهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا مَاتَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ وَمَا إذَا مَاتَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ كَوْنُ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ بَلْ يُضَمَّنُ وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا وَمَعَهَا مَالِكُهَا. وَلَوْ سَخَّرَ شَخْصٌ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخَّرُ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا شَرْحُ م ر؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْغَصْبِ اسْتِيلَاءُ الْغَاصِبِ وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُعَارِ كَمَا فِي م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ مِثْلِيَّةً) كَالْخَشَبِ وَالْحَجَرِ، سم.

قَوْلُهُ: (هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمُعْتَمَدِ ضَعِيفٌ وَاقْتَصَرَ م ر فِي شَرْحِهِ عَلَى الضَّمَانِ فَقَطْ، وَفِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الثَّانِيَ وَهُوَ الضَّمَانُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ كَمَا فِي م د عَلَى التَّحْرِيرِ اهـ. فَرْعٌ: اسْتَامَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ سُوسِيَّةٍ مَثَلًا وَأَخَذَهَا لِيَقْلِبَهَا ثُمَّ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْعَشَرَةَ فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَامَ عَشَرَةً ظُهُورًا لِيَأْخُذَ مِنْهَا وَاحِدًا فَتَلِفَتْ بِيَدِهِ حَيْثُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ الْمُسْتَامُ فِيهِ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ وَهُنَا الْمُسْتَامُ الْجَمِيعُ. اهـ. عَنَانِيٌّ، وَلِبَعْضِهِمْ:

ضَمَانُ عَيْبٍ أَوْ مَبِيعٍ فَسَدَا ... أَقْصَاهُ قِيمَةً وَمِثْلًا وُجِدَا

فِي السَّوْمِ قِيمَةً كَذَا الْعَوَارِيُّ ... زَمَانَ إتْلَافٍ عَلَى الْمُخْتَارِ

وَاحْكُمْ لَدَى الْإِتْلَافِ بِالْإِبْدَالِ ... شَرْعًا بِقِيمَةٍ أَوْ الْأَمْثَالِ

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ) أَيْ سَرْجِهَا وَوَلَدِ الدَّابَّةِ، وَلَوْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ كَثِيَابِ الْعَبْدِ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَإِنْ تَبِعَهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (صَيْدًا) أَيْ حَرَمِيًّا أَوْ لَا بِأَنْ أَخَذَهُ مَعَهُ مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ بِإِحْرَامِهِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ. فَتَسْمِيَةُ هَذَا اسْتِعَارَةٌ فِيهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالِكَ هُنَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا اسْتِعَارَةٌ صُورِيَّةٌ. هَذَا إذَا اسْتَعَارَ الْحَلَالُ مِنْ الْمُحْرِمِ أَمَّا عَكْسُهُ بِأَنْ اسْتَعَارَ الْمُحْرِمُ مِنْ الْحَلَالِ صَيْدًا بَرِّيًّا وَحْشِيًّا مَأْكُولًا فَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْجَزَاءَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْقِيمَةَ لِلْحَلَالِ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>