نَقْصُ قِيمَتِهِ (وَ) لَزِمَهُ مَعَ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ فِي يَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ، وَلَوْ تَفَاوَتَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ ضَمِنَ فِي كُلِّ بَعْضٍ مِنْ أَبْعَاضِ الْمُدَّةِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِيهِ، وَإِذَا وَجَبَتْ أُجْرَتُهُ فَدَخَلَهُ نَقْصٌ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ الِاسْتِعْمَالِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَجَبَ مَعَ الْأُجْرَةِ أَرْشُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ كَأَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَسُقُوطِ عُضْوٍ بِمَرَضٍ وَجَبَ مَعَ الْأُجْرَةِ الْأَرْشُ أَيْضًا ثُمَّ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ لِمَا قَبْلَ حُدُوثِ النَّقْصِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سَلِيمًا وَلِمَا بَعْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مَعِيبًا، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ
(فَإِنْ تَلِفَ) الْمَغْصُوبُ الْمُتَمَوِّلُ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (ضَمِنَهُ) الْغَاصِبُ بِالْإِجْمَاعِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَمَوِّلِ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَكَلْبٍ يُقْتَنَى وَزِبْلٍ وَحَشَرَاتٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقُّ الزِّبْلِ قَدْ غَرِمَ عَلَى نَقْلِهِ أُجْرَةً لَمْ يُوجِبْهَا عَلَى الْغَاصِبِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ضَمَانِ الْمُتَمَوِّلِ إذَا تَلِفَ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا لَوْ غَصَبَ الْحَرْبِيُّ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ بَعْدَ التَّلَفِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا وَجَبَ رَدُّهُ. وَمِنْهَا: مَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَجَبَ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِرِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَقَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِنْهَا: مَا لَوْ قُتِلَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَاقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْقَاتِلِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَخَذَ بَدَلَهُ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " تَلِفَ " لَا يَتَنَاوَلُ مَا إذَا أَتْلَفَهُ هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَلِذَا قُلْت أَوْ إتْلَافٌ لَكِنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ أَتْلَفَهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ أَوْ مَنْ يَرَى طَاعَةَ الْأَمْرِ بِأَمْرِ الْمَالِكِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، نَعَمْ لَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ فِي اسْتِخْلَاصِهِ عَلَى مَالِكِهِ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ مَعْرِفَةُ مَالِكِهِ لَوْ بَقِيَ بِيَدِ السَّارِقِ فَإِنَّ مَا ذُكِرَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِهِ اهـ. فَرْعٌ: مَنْ ضَلَّ نَعْلَهُ فِي مَسْجِدٍ وَوَجَدَ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُ وَإِنْ كَانَ لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ، وَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْعُهُ وَأَخْذُ قَدْرِ قِيمَةِ نَعْلِهِ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لُقَطَةٌ. فَرْعٌ: مَنْ أَخَذَ إنْسَانًا ظَنَّهُ عَبْدًا حِسْبَةً فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ، وَهُوَ عَبْدٌ فَتَرَكَهُ فَأَبِقَ ضَمِنَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْله: (لَا نَقْصُ قِيمَتِهِ) أَيْ لِنَحْوِ رُخْصِ سِعْرٍ أَوْ كَسَادٍ ق ل.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِ نَقْصِهِ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ) فَصَلَهَا عَمَّا قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا، لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْأُولَى. قَوْلُهُ: (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ رُخْصِ سِعْرٍ فَلَا ضَمَانَ، أج.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ مَعَ الْأُجْرَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، قَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْأُولَى لَيْسَ فِيهَا خِلَافٌ وَيَكُونَ الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَغْصُوبٍ نَقَصَ وَلَا يَخْتَصُّ نَقْصُهُ بِالْآفَةِ كَمَا أَطْلَقَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ) بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَى الْمَغْصُوبِ وَالْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ تَلِفَ كُلُّ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَعْضُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، فَمِنْهَا مَا أَفْتَى بِهِ السُّيُوطِيّ أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ فَغَصَبَ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِاسْتِنَادِهِ لِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ لِلْأَحْكَامِ حَالَ حِرَابَتِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَهَا) كَتَرْكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيفَاءَ حَقِّ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ.
قَوْلُهُ: (قَالَهُ فِي الْبَحْرِ) مُعْتَمَدٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَمَا قَالَهُ ق ل فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ الْغَاصِبُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ إذَا لَمْ يَقْتَصَّ مَالِكُ الْمَغْصُوبِ، فَإِنْ اُقْتُصَّ الْمَالِكُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ اهـ أج. قَوْلُهُ: (وَلِذَا قُلْت أَوْ إتْلَافٌ) لَكِنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ يَقْتَضِي شُمُولَهُ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إتْلَافِ الْغَاصِبِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ. وَهَذَا، أَعْنِي