للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ الْمِثْلُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ، فَيَخْرُجُ الْقَدْرُ الْمُحَقَّقُ مِنْهُمَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ إيجَابَ رَدِّ مِثْلِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا كَمَا فِي إيجَابِ رَدِّ مِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ فِي الْقَرْضِ، وَبِأَنَّ امْتِنَاعَ السَّلَمِ فِي جُمْلَتِهِ لَا يُوجِبُ امْتِنَاعَهُ فِي جُزْأَيْهِ الْبَاقِيَيْنِ بِحَالِهِمَا، وَرَدُّ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمَا وَالسَّلَمُ فِيهِمَا جَائِزٌ، وَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ إذَا بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ فَلَوْ أَتْلَفَ مَاءً بِمَفَازَةٍ مَثَلًا ثُمَّ اجْتَمَعَا عِنْدَ نَهْرٍ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِالْمَفَازَةِ، وَلَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا، أَوْ الْمُتَقَوِّمُ مِثْلِيًّا كَجَعْلِ الدَّقِيقِ خُبْزًا أَوْ السِّمْسِمِ شَيْرَجًا، أَوْ الشَّاةِ لَحْمًا ثُمَّ تَلِفَ ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَكْثَرَ قِيمَةً فَيَضْمَنُ بِهِ فِي الثَّانِي وَبِقِيمَتِهِ فِي الْآخَرَيْنِ، وَالْمَالِكُ فِي الثَّانِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ. أَمَّا لَوْ صَارَ الْمُتَقَوِّمُ مُتَقَوِّمًا كَإِنَاءِ نُحَاسٍ صِيغَ مِنْهُ حُلِيٌّ فَيَجِبُ فِيهِ أَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْوُجُودِ مَا إذَا فَقَدَ الْمِثْلَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَكَانِ الْغَصْبِ وَلَا حَوَالَيْهِ، أَوْ وُجِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ فَيَضْمَنُ بِأَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَحَاصِلُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ قَالَ لَنَا مِثْلِيٌّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ مَعَ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمِثْلِيِّ غَيْرُ شَامِلٍ لَهُ فَيَكُونُ غَيْرَ جَامِعٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْإِيرَادُ عَلَى مَنْطُوقِهِ لَا عَلَى مَفْهُومِهِ كَمَا فَهِمَ الْمُحَشِّي. اهـ. شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَيَخْرُجُ الْقَدْرُ الْمُحَقَّقُ) وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ، فَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ إرْدَبًّا مَثَلًا وَبَعْضُهُ بُرٌّ وَبَعْضُهُ شَعِيرٌ وَشَكَّ هَلْ الْبُرُّ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ فَيُخْرِجُ مِنْ الْبُرِّ نِصْفًا وَمِنْ الشَّعِيرِ ثُلُثَيْنِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَنَّنَا إنْ تَحَقَّقْنَا قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَخْرَجْنَاهُ وَإِلَّا عَدَلْنَا إلَى الْقِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَأُجِيبُ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ مَنْعُ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا بَلْ هُوَ مُتَقَوِّمٌ، وَإِنْ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهِ فَهُوَ جَوَابٌ بِالْمَنْعِ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ مِثْلِيٌّ بِالنَّظَرِ إلَى جُزْأَيْهِ، أَيْ بِأَنَّهُ لَوْ مَيَّزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ لَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ، وَامْتِنَاعُ السَّلَمِ فِيهِ لِعَارِضِ الِاخْتِلَاطِ؛ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا صَنَعَهُ الْمُحَشِّي.

قَوْلُهُ: (لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا) أَيْ فَهُوَ مُتَقَوِّمٌ، وَرَدُّ الْمِثْلِيِّ فِيهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ اهـ. قَوْلُهُ: (وَبِأَنَّ إلَخْ) جَوَابٌ بِالتَّسْلِيمِ وَالْأَوَّلُ بِالْمَنْعِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فِي جُزْأَيْهِ الْبَاقِيَيْنِ) أَخْرَجَ الْمَعَاجِينَ الْمُرَكَّبَةَ لِاسْتِهْلَاكِ أَجْزَائِهَا، شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ) أَيْ الْمِثْلِيَّ أَيْ فِي أَيِّ مَكَان نَقَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ الْمِثْلِيَّ إلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِهِ فِي ذَلِكَ، يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا نَقَلَ الْمَغْصُوبَ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا ثُمَّ تَلِفَ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ، فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمِثْلِهِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ الْمِثْلَ وَلَوْ طَرِيقَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ) شُرُوعٌ فِي قَيْدٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا.

قَوْلُهُ: (إذَا بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ) وَلَوْ تَافِهَةً ح ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ، فَإِنْ خَرَجَ الْمِثْلِيُّ عَنْ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَاءً بِمَفَازَةٍ ثُمَّ اجْتَمَعَا بِمَحَلٍّ لَا قِيمَةَ فِيهِ لِلْمَاءِ أَصْلًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَتْ لَهُ قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمِثْلُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَّا حَيْثُ زَالَتْ مَالِيَّتُهُ مِنْ أَصْلِهَا وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَا نَظَرَ عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ إلَى تَفَاوُتِ الْأَسْعَارِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: " وَلَوْ ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ إلَخْ " فِيمَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ وَإِلَّا غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ بِمَحَلِّ التَّلَفِ كَمَا لَوْ نَقَلَ الْمَالِكُ بُرًّا مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ، ثُمَّ غَصَبَهُ آخَرُ هُنَاكَ، ثُمَّ طَالَبَ مَالِكُهُ بِمِصْرَ، فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ بِمَكَّةَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْمُرَادُ بِمُؤْنَةِ النَّقْلِ الْأُجْرَةُ وَمِثْلُهَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا) حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَصِيرَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا أَوْ يَصِيرَ الْمُتَقَوِّمُ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا آخَرَ، وَالصُّورَةُ الرَّابِعَةُ تَأْتِي فِي قَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ صَارَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (كَجَعْلِ الدَّقِيقِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.

قَوْلُهُ: (شَيْرَجًا) بِفَتْحِ الشِّينِ هُوَ دُهْنُ السِّمْسِمِ، وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ) فَيَضْمَنُ الدَّقِيقَ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالسِّمْسِمَ أَوْ الشَّيْرَجَ فِي الثَّانِي وَاللَّحْمَ فِي الثَّالِثِ، فَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي جِنْسُ الْمِثْلِ الصَّادِقِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وع ش كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ، وَالْمَالِكُ فِي الثَّانِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا صَنَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ) أَيْ أَحَدُ الْمِثْلَيْنِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْآخَرِ، شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَيَضْمَنُ بِهِ) أَيْ الْأَكْثَرَ.

قَوْلُهُ: (وَبِقِيمَتِهِ فِي الْآخَرَيْنِ) هُمَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَالِكُ فِي الثَّانِي مُخَيَّرٌ) أَيْ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ ع ش وَشَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ فِيهِ أَقْصَى الْقِيَمِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصَّنْعَةَ مُتَقَوِّمَةٌ وَذَاتُ الْإِنَاءِ مِثْلِيَّةٌ، فَيَضْمَنُ الْوَزْنَ بِمِثْلِهِ وَالصَّنْعَةَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ ز ي.

<<  <  ج: ص:  >  >>