للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ وَمَأْخُوذٌ وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي التَّمَلُّكِ. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِشَرْطِ الْأَخْذِ فَقَالَ: (وَالشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ) أَيْ ثَابِتَةٌ لِلشَّرِيكِ (بِالْخُلْطَةِ) أَيْ خُلْطَةِ الشُّيُوعِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ مُكَاتَبًا أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ كَمَسْجِدٍ لَهُ شِقْصٌ لَمْ يُوقَفْ بَاعَ شَرِيكُهُ يَأْخُذُ لَهُ النَّاظِرَ بِالشُّفْعَةِ (دُونَ) خُلْطَةِ (الْجِوَارِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ، فَلَا تَثْبُتُ لِلْجَارِ وَلَوْ مُلَاصِقًا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْمَارِّ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَارِ الشَّرِيكِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَلَوْ قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ حَنَفِيٌّ لَمْ يَنْقَضِ حُكْمُهُ وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ بِهَا لِشَافِعِيِّ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ. وَلَا تَثْبُتُ أَيْضًا لِشَرِيكٍ فِي الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَأَنْ مَلَكَهَا بِوَصِيَّةٍ، وَتَثْبُتُ لِذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ وَمُكَاتَبٍ عَلَى سَيِّدِهِ كَعَكْسِهِمَا، وَلَوْ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ شَرِيكٌ فِي أَرْضِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ كَانَ لِلْإِمَامِ الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ، وَلَا لِشَرِيكِهِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ نَصِيبَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى التَّرْكِ مَعْصِيَةٌ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مَشْهُورًا بِالْفُجُورِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ مُسْتَحَبًّا بَلْ وَاجِبًا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ مَا يُرِيدُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُجُورِ،. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ تَحْرِيمِ أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ) وَهُوَ الشَّرِيكُ الْحَادِثُ، وَفِيهِ أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ حَقِيقَةً فَلَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ كَأَنْ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْغَصْبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ اُعْتُبِرَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ.

قَوْلُهُ: (آخِذٌ) بِالْمَدِّ هُوَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ، وَأَمَّا الْأَخْذُ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ فَهُوَ الصِّيغَةُ أَوْ مُفَادُهَا أَيْ مَا تُفِيدُهُ وَشَرْطُ الْآخِذِ كَوْنُهُ شَرِيكًا مَالِكًا، فَخَرَجَ بِالشَّرِيكِ الْجَارُ وَبِالْمَالِكِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ. وَسَوَاءٌ كَانَ مِلْكُ الشَّرِيكِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ بِخِلَافِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فَإِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يُمْلَكَ بِعِوَضٍ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي التَّمَلُّكِ) أَيْ لَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ ثَابِتٌ بِلَا لَفْظٍ أَيْ فَلَا يَصِحُّ عَدُّهَا مِنْ الْأَرْكَانِ، أَيْ وَالشُّفْعَةُ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا الْمِلْكِ؛ فَقَوْلُهُ: " وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ إلَخْ " جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ: لِمَاذَا جَعَلْت الْأَرْكَانَ ثَلَاثَةً وَلَمْ تَعُدَّ الصِّيغَةَ مِنْهَا وَهِيَ قَوْلُهُ تَمَلَّكْت؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ كَلَامَنَا فِي أَرْكَانِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى صِيغَةٍ.

قَوْلُهُ: (أَيْ ثَابِتَةٌ لِلشَّرِيكِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ حَمْلِ الْوُجُوبِ عَلَى حَقِيقَتِهِ الْمُوجِبَةِ لِتَحْرِيمِ تَرْكِهِ قَوْلُهُ: (بِالْخِلْطَةِ) أَيْ الشَّرِكَةِ فِي الْأَعْيَانِ، أَمَّا الشَّرِكَةُ فِي الْمَنَافِعِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُوقَفْ) بِأَنْ وُهِبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ الْوُقُوفِ وَلَمْ يُوقَفْ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُقِفَ عَلَى الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَأْخُذَ الْحِصَّةَ الْأُخْرَى لِلْمَسْجِدِ ح ل. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ مُعْتَبَرًا وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا إلَّا بِصِيغَةٍ مِنْ النَّاظِرِ وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ رِيعَهُ فِي مَصَالِحِهِ.

قَوْلُهُ: (دُونَ خَلْطِ الْجِوَارِ) الصَّوَابُ حَذْفُ خُلْطَةٍ ق ل؛ لِأَنَّ الْجِوَارَ لَيْسَ فِيهِ خُلْطَةٌ.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَثْبُتُ لِلْجَارِ وَلَوْ مُلَاصِقًا) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ الْأَخْبَارِ فَمَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْمَنْعِ أَوْ خُصُوصِيَّةٍ. وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَثْبُتُ لِلْجَارِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُلَاصِقُ، وَكَذَا الْمُقَابِلُ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي بَيْنَهُمَا غَيْرَ نَافِذٍ لَنَا، أَيْ يَدُلُّ لَنَا حَدِيثُ: " الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ " قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ) وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ فِيهِ قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ إلَخْ، أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ جَارًا.

قَوْلُهُ: (وَمَا وَرَدَ فِيهِ) أَيْ فِي الْجَارِ. قَوْلُهُ: (لِشَرِيكٍ فِي الْمَنْفَعَةِ) أَيْ عَلَى شَرِيكٍ فِي الْعَيْنِ، كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ الدَّارِ فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْمَنْفَعَةِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مُسْلِمٍ) أَيْ عَلَى مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ، فَإِذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ حِصَّةَ الشَّرِيكِ وَمَالِكُ الْبَاقِي كَافِرٌ فَلَهُ الشُّفْعَةُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) كَأَنْ مَاتَ رَجُلٌ عَنْ بِنْتٍ فَنِصْفُ تَرِكَتِهِ لَهَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا بَاعَتْ الْبِنْتُ نِصْفَهَا فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَثَلًا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ لِبَيْتِ الْمَالِ بِالشُّفْعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْعَيْنِ وَأَيْضًا الْمَالِكُ لِلْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَاطٌ، فَيَكُونُ خَارِجًا بِقَوْلِهِ بِالْخُلْطَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا الشَّرِكَةُ فِي الْأَعْيَانِ، وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ ذِكْرِ الْمَنْفَعَةِ لَكَانَ أَنْسَبَ ق ل.

قَوْلُهُ: (مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) صِفَةُ شِقْصٍ. قَوْلُهُ: (إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ) ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لِلشُّفْعَةِ فِي هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>