للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ.» وَحَقِيقَتُهُ تَوْكِيلُ مَالِكٍ بِجَعْلِ مَالِهِ بِيَدِ آخَرَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا

وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ: مَالِكٌ وَعَامِلٌ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَصِيغَةٌ وَمَالٌ، يُعْرَفُ بَعْضُهَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبَاقِيهَا مِنْ شَرْحِهِ.

(وَلِلْقِرَاضِ أَرْبَعَةُ شَرَائِطَ) الْأَوَّلُ: (أَنْ يَكُونَ) عَقْدُهُ (عَلَى نَاضٍّ) بِالْمَدِّ وَتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَا ضُرِبَ (مِنْ الدَّرَاهِمِ) الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ (وَ) مِنْ (الدَّنَانِيرِ) الْخَالِصَةِ، وَفِي هَذِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ شَرْطَ الْمَالِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ أَنْ يَكُون نَقْدًا خَالِصًا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً؛ وَأَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا بِيَدِ الْعَامِلِ، فَلَا يَصِحُّ عَلَى عَرْضٍ وَلَوْ فُلُوسًا وَتِبْرًا وَحُلِيًّا وَمَنْفَعَةً؛ لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ إغْرَارًا، إذْ الْعَمَلُ فِيهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَالرِّبْحُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ، وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ بِمَا يَرُوجُ بِكُلِّ حَالٍ وَتَسْهُلُ التِّجَارَةُ بِهِ. وَلَا عَلَى نَقْدٍ مَغْشُوشٍ وَلَوْ رَائِجًا لِانْتِفَاءِ خُلُوصِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ غِشُّهُ مُسْتَهْلَكًا جَازَ قَالَهُ الْجُرْجَانِيِّ. وَلَا عَلَى مَجْهُولِ جِنْسًا أَوْ قَدْرًا أَوْ صِفَةً، وَلَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَنْ قَارَضَهُ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا، أَيْ لِيَكُونَ مُعَاوِنًا لَهُ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْمَشَاقَّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. وَمَيْسَرَةُ هَذَا لَمْ يُذْكَرْ مِنْ الصَّحَابَةِ بَلْ مَاتَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ قَوْلُهُ: (وَحَقِيقَتُهُ) أَيْ شَرْعًا.

قَوْلُهُ: (تَوْكِيلُ إلَخْ) اشْتَمَلَ هَذَا التَّعْرِيفُ عَلَى الْأَرْكَانِ الْآتِيَةِ وَالصِّيغَةُ تُفْهَمُ مِنْ التَّوْكِيلِ. قَوْلُهُ: (مَالِكٍ) أَيْ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (بِجَعْلِ مَالِهِ) أَيْ مَعَ جَعْلِ أَيْ الْعَقْدِ الْمُصَاحِبِ لِلْجَعْلِ لَا الْجَعْلِ وَحْدَهُ ع ش. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ، أَيْ التَّوْكِيلُ مُصَوَّرٌ بِجَعْلِ مَالِهِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (عَمَلٌ وَرِبْحٌ) فَإِنْ قُلْت: لَا يَحْسُنُ عَدُّهَا مِنْ الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّهُمَا أَمْرٌ مُنْتَظَرٌ مُتَرَقَّبٌ. قُلْت: الْمُرَادُ بِعَدِّهِمَا مِنْهَا ذِكْرُهُمَا فِي الْعَقْدِ، فَالرُّكْنُ ذِكْرُهُمَا فِي الْعَقْدِ لِتُوجَدَ مَاهِيَّةُ الْقِرَاضِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ الْعَمَلُ وَالرِّبْحُ إنَّمَا يُوجَدَانِ بَعْدَ عَقْدِ الْقِرَاضِ، بَلْ قَدْ يُقَارِضُ وَلَا يُوجَدُ عَمَلٌ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ يَعْمَلُ وَلَا يُوجَدُ رِبْحٌ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيُعْرَفُ بَعْضُهَا) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ شُرُوطُ بَعْضِهَا. وَقَوْلُهُ " وَبَاقِيهَا " أَيْ شُرُوطُ بَاقِيهَا.

قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةُ شَرَائِطَ) الْأُولَى حَذْفُ التَّاءِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مُؤَنَّثٌ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالشَّرَائِطِ الشُّرُوطُ. وَفِي نُسْخَةٍ: أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ، وَهِيَ سَالِمَةٌ مِنْ الِاعْتِرَاضِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا ضُرِبَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النَّاضَّ هُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَضْرُوبَةُ كَمَا مَرَّ فَ " مِنْ " بَيَانِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) قَالَ سم: شَمَلَتْ عِبَارَتُهُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فِي نَاحِيَةٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهَا فِيهَا، وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ عَلَى نَقْدٍ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ إذَا عَزَّ وُجُودُهُ أَوْ خِيفَ عِزَّتُهُ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ؛ لَكِنْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ إلْحَاقَهُ بِمَا يَرُوجُ مِنْ الْفُلُوسِ اهـ. وَعِبَارَةُ م ر: وَلَوْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ جَازَ عَقْدُهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَعِزُّ وُجُودُهُ أَوْ يُخَافُ عِزَّتُهُ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ؛ يُرَدُّ بِأَنَّ الْغَالِبَ مَعَ ذَلِكَ تَعَسُّرُ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ. وَقَوْلُهُ " لَكِنْ نَقَلَ إلَخْ " أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ الْقِرَاضِ عَلَيْهَا، لَكِنْ اُنْظُرْ عَلَى هَذَا عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يُقَارِضُ. اهـ. م د، وَهَذَا يُخَالِفُ كَلَامَ م ر.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ نَقْدًا إلَخْ) . حَاصِلُ شُرُوطِهِ أَنْ يَكُونَ نَقْدًا مَضْرُوبًا. خَالِصًا مَعْلُومًا مُعَيَّنًا بِيَدِ عَامِلٍ.

قَوْلُهُ: (وَتِبْرًا) هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ قَبْلَ الضَّرْبِ، وَجُعِلَ التِّبْرُ عَرَضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَضْرُوبًا.

قَوْلُهُ: (وَمَنْفَعَةً) بِأَنْ يَقُولَ قَارَضْتُك عَلَى مَنْفَعَةِ هَذِهِ الدَّارِ وَتُؤَجِّرُهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَمَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ يَكُونُ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ. اهـ. م د. وَهِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى عَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ أَغْرَارًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ غَرَرٍ وَأَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا شَيْئَيْنِ بِقَوْلِهِ إذْ الْعَمَلُ إلَخْ وَقِيلَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَصْدَرُ أَغَرَّهُ. اهـ. ز ي بِزِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَتَسْهُلُ التِّجَارَةُ بِهِ) أَيْ فِيهِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ غِشُّهُ مُسْتَهْلَكًا) بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ اسْتَهْلَكَهُ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>