للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ شُرِطَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ جَازَ.

(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (أَنْ يَأْذَنَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ فِي التَّصَرُّفِ) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (مُطْلَقًا) وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْعَمَلُ، فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فِي تِجَارَةٍ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: مُطْلَقًا إلَى اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يُضَيِّقَ الْعَمَلَ عَلَى الْعَامِلِ، فَلَا يَصِحُّ عَلَى شِرَاءِ بُرٍّ يَطْحَنُهُ وَيَخْبِزُهُ، أَوْ غَزْلٍ يَنْسِجُهُ وَيَبِيعُهُ؛ لِأَنَّ الطَّحْنَ وَمَا مَعَهُ أَعْمَالٌ لَا تُسَمَّى تِجَارَةً بَلْ أَعْمَالٌ مَضْبُوطَةٌ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى شِرَاءِ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ: وَلَا تَشْتَرِ إلَّا هَذِهِ السِّلْعَةَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَقْدِ حُصُولُ الرِّبْحِ، وَقَدْ لَا يَحْصُلُ فِيمَا يُعَيِّنُهُ فَيَخْتَلُّ الْعَقْدُ (أَوْ) أَيْ لَا يَضُرُّ فِي الْعَقْدِ إذْنُهُ (فِيمَا لَا يَنْقَطِعُ وُجُودُهُ غَالِبًا) كَالْبُرِّ، وَيَضُرُّ فِيمَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ كَالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ وَالْخَيْلِ الْبَلَقِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الرِّبْحُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَلَا يَصِحُّ عَلَى مُعَامَلَةِ شَخْصٍ كَقَوْلِهِ: وَلَا تَبِعْ إلَّا لِزَيْدٍ أَوْ لَا تَشْتَرِ إلَّا مِنْهُ.

(وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَهُوَ الرُّكْنُ الْخَامِسُ (أَنْ يَشْتَرِطَ) الْمَالِكُ (لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. (جُزْءًا) وَلَوْ قَلِيلًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمَمْلُوكِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ شُرِطَتْ نَفَقَتُهُ) أَيْ الْمَمْلُوكِ وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ تَقْدِيرِهَا وَكَأَنَّ الْعَامِلَ اسْتَأْجَرَهُ بِهَا م ر. وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْحَجِّ بِالنَّفَقَةِ الْغَيْرِ الْمُقَدَّرَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى التَّوْسِعَةِ فِي تَحْصِيلِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ الْمَشَقَّةِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَأْذَنَ رَبُّ الْمَالِ) أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ وَلِيُّهُ.

قَوْلُهُ: (فِي الْبَيْعِ) بَدَلٌ مِنْ التَّصَرُّفِ بَدَلُ جَارٍ وَمَجْرُورٍ مِنْ جَارٍ وَمَجْرُورٍ، أَوْ أَنَّ " فِي " بِمَعْنَى " الْبَاءِ " وَلَمَّا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ التَّصَرُّفَ فَكَانَ شَامِلًا لِنَحْوِ شِرَاءِ بُرٍّ يَطْحَنُهُ وَيَخْبِزُهُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التِّجَارَةِ فِي شَيْءٍ، قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ: فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِيَكُونَ الْعَمَلُ تِجَارَةً.

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ إذْنًا مُطْلَقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِنَوْعٍ، أَوْ تَصَرُّفًا مُطْلَقًا أَوْ حَالٌ مِنْ التَّصَرُّفِ.

قَوْلُهُ: (إلَى الرُّكْنِ الرَّابِعِ) صَوَابُهُ: إلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ.

قَوْلُهُ: (فِي تِجَارَةٍ) " فِي " ظَرْفِيَّةُ الْعَامِّ وَهُوَ الْعَمَلُ فِي الْخَاصِّ، أَوْ أَنَّ " فِي " زَائِدَةٌ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ عَلَى شِرَاءِ بُرٍّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إذَا فَعَلَ مَا ذَكَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ م ر.

قَوْلُهُ: (وَيَخْبِزُهُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ. وَقَوْلُهُ " يَنْسِجُهُ " بَابُهُ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (لَا تُسَمَّى تِجَارَةً) بَلْ حِرْفَةً.

قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى شِرَاءِ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ) مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنْ لَا يُضَيِّقَ الْعَمَلَ عَلَى الْعَامِلِ، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ وَيَخْزُنَهَا مُدَّةً فَإِذَا ارْتَفَعَ سِعْرُهَا بَاعَهَا لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ غَيْرُ حَاصِلٍ مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ. وَفِي الْبَحْرِ نَحْوُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ لَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ حِنْطَةً وَتَبِيعَهَا فِي الْحَالِ لَمْ يَصِحَّ اهـ شَرْحُ م ر، أَيْ لِتَضْيِيقِهِ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْفَوْرِيَّةِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ " فِي الْحَالِ " كَانَ قِرَاضًا صَحِيحًا ع ش. وَظَاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَارَضَهُ وَلَمْ يَشْرِطْ الْخَزْنَ فَاشْتَرَى هُوَ وَخَزَنَهُ بِاخْتِيَارِهِ إلَى ارْتِفَاعِ السِّعْرِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ لَمْ يَجْعَلْ التَّصَرُّفَ إلَى رَأْيِ الْعَامِلِ، بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يَشْرِطْ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (إلَّا هَذِهِ السِّلْعَةَ) فَتَكُونُ مُعَيَّنَةً بِالشَّخْصِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ تَعْيِينَ النَّوْعِ وَكَانَ هَذَا النَّوْعُ لَا يَنْقَطِعُ وُجُودُهُ غَالِبًا كَالْبُرِّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي، وَيَجُوزُ مَنْعُ شِرَاءِ الْمُعَيَّنِ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَا تَشْتَرِ الْمَتَاعَ الْفُلَانِيَّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ الْقِرَاضِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ فِيمَا لَا يَنْقَطِعُ) مَعْنَاهُ أَيْ أَوْ يَأْذَنُ لَهُ إذْنًا مُقَيَّدًا فِيمَا لَا يَنْقَطِعُ. وَالشَّارِحُ قَدَّرَ غَيْرَ ذَلِكَ، أَيْ لَا يَضُرُّ فِي الْعَقْدِ، وَهُوَ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِكَلَامِ الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ. وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ " فِي حِلِّ كَلَامِهِ " أَيْ أَوْ أَنْ يَأْذَنَ فِي مُقَيَّدٍ لَا يَنْقَطِعُ وُجُودُهُ لِأَجْلِ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِطْلَاقِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَا لَا يَنْقَطِعُ، وَالثَّانِي: وَهُوَ مَا يَعِزُّ وُجُودُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ عَلَى مُعَامَلَةِ شَخْصٍ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ " وَلَا عَلَى شِرَاءِ مَتَاعٍ إلَخْ "؛ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يُضَيِّقَ، وَالْمُرَادُ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ بِخِلَافِ أَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ يَتَأَتَّى مِنْ جِهَتِهِمْ الرِّبْحُ فَيَصِحُّ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرُّكْنُ الْخَامِسُ) وَهُوَ الرِّبْحُ وَهُوَ خَامِسٌ بِالنِّسْبَةِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ رَابِعًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>