للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّرَاءَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الرِّبْحُ فِيهَا، فَإِنْ مَنَعَهُ الشِّرَاءَ فَقَطْ بَعْدَ مُدَّةٍ كَقَوْلِهِ: وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَ سَنَةٍ صَحَّ لِحُصُولِ الِاسْتِرْبَاحِ بِالْبَيْعِ الَّذِي لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَهَا، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ يَتَأَتَّى فِيهَا الشِّرَاءُ لِغَرَضِ الرِّبْحِ بِخِلَافِ نَحْوِ سَاعَةٍ. تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِنْ امْتِنَاعِ التَّأْقِيتِ امْتِنَاعُ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ أَسْهَلُ مِنْهُ بِدَلِيلِ احْتِمَالِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَيَمْتَنِعُ أَيْضًا تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ لِمُنَافَاتِهِ غَرَضَ الرِّبْحِ، وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُقَارِضَ اثْنَيْنِ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُمَا مِنْ الرِّبْحِ كَأَنْ يَشْرِطَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ وَلِلْآخَرِ الرُّبُعَ، أَوْ يَشْرِطَ لَهُمَا النِّصْفَ بِالسَّوِيَّةِ سَوَاءٌ أَشَرَطَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَاجَعَةَ الْآخَرِ أَمْ لَا، وَلِمَالِكَيْنِ أَنْ يُقَارِضَا وَاحِدًا وَيَكُونَ الرِّبْحُ بَعْدَ نَصِيبِ الْعَامِلِ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الْمَالِ. فَإِذَا شَرَطَا لِلْعَامِلِ نِصْفَ الرِّبْحِ وَمَالُ أَحَدِهِمَا مِائَتَانِ وَمَالُ الْآخَرِ مِائَةٌ اقْتَسَمَا النِّصْفَ الْآخَرَ أَثْلَاثًا، فَإِنْ شَرَطَا غَيْرَ مَا تَقْتَضِيهِ النِّسْبَةُ فَسَدَ الْعَقْدُ وَإِنْ فَسَدَ قِرَاضٌ صَحَّ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ لِلْإِذْنِ فِيهِ، وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ إنْ لَمْ يَقُلْ وَالرِّبْحُ لِي أُجْرَةُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا وَقَدْ فَاتَهُ الْمُسَمَّى،

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلْمَفْعُولِ عَلَى حَلَّ سم وَعِبَارَتُهُ. وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يُقَدِّرَ أَيْ الْقِرَاضَ أَوْ التَّصَرُّفَ بِمُدَّةٍ. وَقَوْلُهُ: " بِمُدَّةٍ " احْتَرَزَ بِهِ عَنْ التَّقْدِيرِ بِمَشِيئَةِ أَحَدِهِمَا كَقَارَضْتُكَ مَا شِئْت أَوْ مَا شِئْت، فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ.

قَوْلُهُ: (أَمْ الشِّرَاءَ) أَيْ إذَا تَرَاخَى قَوْلُهُ وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا بَعْدَ قَوْلِهِ قَارَضْتُك سَنَةً سم ع ش، لِقُوَّةِ التَّأْقِيتِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا ذَكَرَ مَنْعَ الشِّرَاءِ مُتَّصِلًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي لِضَعْفِ التَّأْقِيتِ حِينَئِذٍ؛ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَ سَنَةٍ، فَإِنَّهُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ ذُكِرَ مُتَّصِلًا أَوْ مُتَرَاخِيًا؛ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا لَوْ أَقَّتَ الْقِرَاضَ كَأَنْ قَالَ قَارَضْتُك سَنَةً وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا، وَمَا بَعْدَهَا فِيمَا لَمْ يُؤَقَّتْ كَأَنْ قَالَ قَارَضْتُك وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَ سَنَةٍ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَهَذَا جَوَابٌ آخَرُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّيَغَ سِتٌّ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِي ثِنْتَيْنِ، وَهِيَ مَا إذَا قَالَ قَارَضْتُك سَنَةً وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا أَيْ وَكَانَ مُتَّصِلًا بِالْعَقْدِ، وَمَا إذَا قَالَ قَارَضْتُك وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَ سَنَةٍ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَارَضْتُك سَنَةً أَوْ زَادَ وَلَا تَتَصَرَّفْ أَوْ قَالَ وَلَا تَبِعْ بَعْدَهَا أَوْ قَالَ بَعْدَ مُدَّةٍ مُزَارَعَةً وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا.

قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ.

قَوْلُهُ: (بِدَلِيلِ احْتِمَالِهِ) الْأَوْلَى اشْتِرَاطُهُ. وَعِبَارَةُ ش قَوْلُهُ: " بِدَلِيلِ احْتِمَالِهِ " أَيْ جَوَازِهِ، وَالْجَوَازُ يُصَدَّقُ بِالْوُجُوبِ فَلَا يُقَالُ التَّأْقِيتُ شَرْطٌ فِيهِمَا؛ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ.

قَوْلُهُ: (وَالْعَامِلُ) أَيْ ابْتِدَاءً، أَمَّا دَوَامًا فَإِنْ قَارَضَ الْعَامِلُ آخَرَ لِيُشَارِكَهُ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ أَوْ لَا، فَإِنْ قَارَضَهُ لِيَنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ وَالرِّبْحِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَتَصَرُّفُ الْعَامِلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ غَصْبٌ، فَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ فِي ذِمَّةٍ لَهُ أَيْ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَالرِّبْحُ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْعَامِلَيْنِ وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَتُهُ إنْ عَمِلَ طَامِعًا، وَهَذَا إذَا نَوَى بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُقَارِضَ اثْنَيْنِ) وَلَا يُعَامِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِمَا الِاشْتِرَاكَ، فَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَالٍ وَثَبَتَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ جَازَ لَهُ الشِّرَاءُ مِنْ الْآخَرِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي.

قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْمَالِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ كَمَا فِي الشَّرِكَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا فَسَدَ قِرَاضٌ) أَيْ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ لِصِحَّتِهِ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا، أَيْ وَكَانَ الْمُقَارِضُ مَالِكًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ وَلِيًّا وَفَسَدَ الْقِرَاضُ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا فَالْمُرَادُ فَسَدَ بِغَيْرِ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمَالِكِ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ وَإِذَا فَسَدَ قِرَاضٌ أَيْ لِفَوَاتِ شَرْطٍ كَكَوْنِهِ غَيْرَ نَقْدٍ وَالْمُقَارِضُ مَالِكٌ، أَمَّا إذَا فَسَدَ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْعَاقِدِ أَوْ الْمُقَارِضُ وَلِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ اهـ. قَوْلُهُ: (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا فِي الْمُسَمَّى وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَرَجَعَ إلَى الْأُجْرَةِ م ر ع ش قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>