للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ وَلَوْ بِعَرْضٍ

بِمَصْلَحَةٍ

؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْحَقِيقَةِ وَكِيلٌ لَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَا بِنَسِيئَةٍ بِلَا إذْنٍ. وَلِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ رَدٌّ بِعَيْبٍ إنْ فُقِدَتْ مَصْلَحَةُ الْإِبْقَاءِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا عُمِلَ

بِالْمَصْلَحَةِ

فِي ذَلِكَ، وَلَا يُعَامِلُ الْعَامِلُ الْمَالِكَ كَأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ، وَلَا يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ رَأْسَ مَالٍ وَرِبْحًا، وَلَا يَشْتَرِي زَوْجُ الْمَالِكِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ بَعْضَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَلَا فِي الزَّائِدِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي الزَّائِدِ فِيهَا، وَلِتَضَرُّرِهِ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ وَتَفْوِيتِ الْمَالِ فِي غَيْرِهَا إلَّا إنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ فَيَقَعُ لِلْعَامِلِ. وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ بِلَا إذْنٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ جَازَ لَكِنْ يَجُوزُ فِي الْبَحْرِ إلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ، وَلَا يُمَوِّنُ مِنْهُ نَفْسَهُ حَضَرًا وَلَا سَفَرًا، وَعَلَيْهِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ فِعْلُهُ كَطَيِّ ثَوْبٍ وَوَزْنٍ خَفِيفٍ كَذَهَبٍ.

(وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ) بِتَلَفِ الْمَالِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَلَا يَضْمَنُ (إلَّا بِعُدْوَانٍ) مِنْهُ كَتَفْرِيطٍ أَوْ سَفَرٍ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَوْ بِعَرْضٍ) بِخِلَافِ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ وَفَرَّقَ بِأَنَّ نَقْدَ غَيْرِهَا لَا يَرُوجُ فِيهَا، وَمَفْهُومُ هَذَا أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ التَّصَرُّفُ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (بِمَصْلَحَةٍ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِثَمَنٍ وَهُوَ لَا يَرْجُو حُصُولَ رِبْحٍ فِيهِ س ل. قَوْلُهُ: (وَكِيلٌ) أَيْ يُشْبِهُ الْوَكِيلَ، فَلَيْسَ وَكِيلًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَا يُنَافِي مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُ بِالْعَرْضِ ح ل.

قَوْلُهُ: (إنْ فُقِدَتْ مَصْلَحَةُ الْإِبْقَاءِ) بِأَنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ أَوْ انْتَفَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ وَالْإِبْقَاءِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: بِأَنْ اسْتَوَى الْحَالُ فِي الرَّدِّ وَالْإِبْقَاءِ فَفِي الْمَطْلَبِ يُجَابُ الْعَامِلُ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: " إنْ فُقِدَتْ مَصْلَحَةُ الْإِبْقَاءِ " أَيْ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ مَصْلَحَةِ الرَّدِّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ فِي الرَّدِّ أَيْ أَرَادَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: ثُمَّ إنْ اتَّفَقَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، فَإِنْ اخْتَلَفَا بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ فَأَرُدُّ وَقَالَ الْآخَرُ فِي الْإِبْقَاءِ فَلَا أَرُدُّ

عَمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ

، أَيْ عَمِلَ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ أَوْسَعُ مِنْهُمَا وَكَذَا الْمُحْكَمُ.

قَوْلُهُ: (الْمَالِكَ) وَلَا وَكِيلَهُ بِمَالِهِ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا) بِخِلَافِ شِرَاءِ الْعَامِلِ مَالَ الْقِرَاضِ مِنْ الْمَالِكِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فَإِنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِيهِ لِتَضَمُّنِهِ فَسْخَ الْقِرَاضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْقِرَاضِ بَطَلَ س ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا فِي الزَّائِدِ فِيهَا) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الْعَقْدَ تَعَدَّدَ وَإِلَّا فَيَبْطُلُ الشِّرَاءُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي ح ل، وَعِبَارَتُهُ: قَوْلُهُ وَلَا فِي الزَّائِدِ فِيهَا أَيْ فِي الْأُولَى فَلَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ بِالزَّائِدِ لِلْقِرَاضِ وَلَا يَقَعُ لِلْعَامِلِ. وَصُورَةُ الشِّرَاءِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَنْ يَقَعَ الشِّرَاءُ فِي عَقْدَيْنِ بِأَنْ كَانَ مَالُ الْقِرَاضِ مِائَةً وَاشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةٍ أَوْ بِعَيْنِ تِلْكَ الْمِائَةِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَنْقُدْهَا ثُمَّ اشْتَرَى بِخَمْسِينَ مِنْ تِلْكَ الْمِائَةِ أَوْ بِهَا، فَإِنَّ الشِّرَاءَ الثَّانِيَ بَاطِلٌ لِمَحَلِّ الْمِائَةِ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَيَقَعُ لِلْعَامِلِ) وَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَجُوزُ شِرَاءُ الشَّيْءِ لِلْقِرَاضِ وَاشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ كَانَ لِلْقِرَاضِ وَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ كَزَوْجِ الْمَالِكِ وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لَهُ أَيْ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا، وَإِنْ نَوَى الْقِرَاضَ وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ وَكَانَ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِلْقِرَاضِ، فَإِنْ نَوَى الْقِرَاضَ أَوْ أَطْلَقَ كَانَ لَهُ وَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ كَانَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَطَرِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْخَطَرُ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ أَوْ خَوْفُ التَّلَفِ.

قَوْلُهُ: (جَازَ) ثُمَّ إنْ عَيَّنَ بَلَدًا تَعَيَّنَ، وَإِلَّا مَا اُعْتِيدَ لِأَهْلِ بَلَدِ الْقِرَاضِ السَّفَرُ إلَيْهِ س ل.

قَوْلُهُ: (فِي الْبَحْرِ) وَمِثْلُهُ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُمَوِّنُ مِنْهُ نَفْسَهُ) فَلَوْ شَرَطَ الْمُؤْنَةَ فِي الْعَقْدِ فَسَدَ وَإِنْ قُدِّرَتْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ فِعْلُ إلَخْ) مَعْنَى كَوْنِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اكْتَرَى مِنْ فِعْلِهِ فَالْأُجْرَةُ فِي مَالِهِ وَلَهُ اكْتِرَاءٌ لِغَيْرِ مَا عَلَيْهِ فِعْلُهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ مُلَخَّصًا. قَوْلُهُ: (وَوَزْنٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى طَيٍّ وَضَبَطَهُ الْمَحَلِّيُّ بِالرَّفْعِ، وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ وَعِبَارَةُ م ر، وَوَزْنُ الْخَفِيفِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ فَرَفْعُهُ مُتَعَيِّنٌ كَمَا ضَبَطَهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِعُدْوَانٍ) فَإِنْ قَصَّرَ فِي حِفْظِهِ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ لِغَيْرِ جِهَةِ الْقِرَاضِ أَوْ سَافَرَ بِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ فِي الْبَحْرِ بِلَا نَصٍّ وَخَلَطَ مَالَ الْقِرَاضِ بِمَالِ نَفْسِهِ أَوْ بِمَالِ مُقَارِضٍ لَهُ آخَرُ أَوْ بِمَالِ آخَرَ لِذَلِكَ الْمُقَارِضِ وَقَدْ قَارَضَهُ عَلَيْهِمَا فِي عَقْدَيْنِ أَوْ أَخَذَ لِلْقِرَاضِ مَا عَسُرَ عَنْهُ أَوْ قَصَّرَ ثَوْبَ الْقِرَاضِ أَوْ صَبَغَهُ بِلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>