للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَحَدِ الْبُسْتَانَيْنِ كَمَا فِي سَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ، وَلَا عَلَى كَوْنِهِ بِيَدِ غَيْرِ الْعَامِلِ كَأَنْ جَعَلَ بِيَدِهِ وَبِيَدِ الْمَالِكِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ وَلَا عَلَى وَدِيٍّ يَغْرِسُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ وَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ بَذْرًا لِيَزْرَعَهُ؛ وَلِأَنَّ الْغَرْسَ لَيْسَ عَمَلَ الْمُسَاقَاةِ فَضَمُّهُ إلَيْهِ يُفْسِدُهَا، وَلَا عَلَى مَا بَدَا صَلَاحُ ثَمَرِهِ لِفَوَاتِ مُعْظَمِ الْأَعْمَالِ، وَشَرْطٌ فِي الْعَاقِدَيْنِ وَهُمَا الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مَا مَرَّ فِيهِمَا فِي الْقِرَاضِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ. وَشَرِيكُ مَالِكٍ كَأَجْنَبِيٍّ فَتَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ لَهُ إنْ شَرَطَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِ وَشَرَطَ فِي الْعَمَلِ وَهُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَاقِدِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ، فَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ كَأَنْ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَبْنِيَ جِدَارَ الْحَدِيقَةِ، أَوْ عَلَى الْمَالِكِ تَنْقِيَةُ النَّهْرِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ.

وَشُرِطَ فِي الثَّمَرِ وَهُوَ الرُّكْنُ الْخَامِسُ شُرُوطًا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا شَرْطَيْنِ بِقَوْلِهِ: (وَلَهَا شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَلَوْ كَانَ بَيْنَ الشَّجَرِ بَيَاضٌ صَحَّتْ مَعَ الْمُسَاقَاةِ إنْ اتَّحَدَ عَقْدٌ وَعَامِلٌ وَعَسُرَ إفْرَادُ الشَّجَرِ بِالسَّقْيِ وَقُدِّمَتْ الْمُسَاقَاةُ وَإِنْ تَفَاوَتَ الْجُزْءَانِ الْمَشْرُوطَانِ.

قَوْلُهُ: (مِشْمِشٍ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ أَوْ فَتْحِهِمَا أَوْ ضَمِّهِمَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَنْمُو إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: اقْتِصَارًا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ.

قَوْلُهُ: (كَأَحَدِ الْبُسْتَانَيْنِ) أَيْ وَإِنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا لَازِمٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ فِي الْقِرَاضِ ق ل أَيْ حَيْثُ جَازَ إذَا عَيَّنَ إحْدَاهُمَا فِي الْمَجْلِسِ، أَيْ وَاللَّازِمُ يُحْتَاطُ لَهُ وَالْجَائِزُ يُغْتَفَرُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى كَوْنِهِ) أَيْ وَلَا عَلَى شَجَرٍ يَكُونُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِ الْعَامِلِ، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ إذْ الْكَوْنُ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ ع ش. قَوْلُهُ: وَدِيٍّ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ وَإِذَا عَمِلَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ تُوُقِّعَتْ الثَّمَرَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَلَا، ز ي. وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: " مَغْرُوسًا " وَيُقَالُ لِلْوَدِيِّ فَسِيلٌ وَشَتْلٌ وَاحِدَتُهَا وَدِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (يَغْرِسُهُ) أَيْ الْعَامِلُ وَهُوَ لَيْسَ قَيْدًا، بَلْ لَوْ جُعِلَ الْغَرْسُ عَلَى الْمَالِكِ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ "؛ وَلِأَنَّ الْغَرْسَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ " قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ عَلَى وَدِيٍّ لِيَغْرِسَهُ الْمَالِكُ وَيَتَعَهَّدُهُ هُوَ بَعْدَ الْغَرْسِ لَمْ يَمْتَنِعْ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادًا. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ عَقَدَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَغْرُوسٍ أَوْ مَغْرُوسًا بِمَحَلٍّ كَالشَّتْلِ عَلَى أَنْ يَنْقُلَهُ الْمَالِكُ وَيَغْرِسَهُ وَيَعْمَلَ فِيهِ الْعَامِلُ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَيْ إلَى عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ. قَوْلُهُ: (مَا بَدَا صَلَاحُ ثَمَرِهِ) وَلَوْ الْبَعْضَ فِي الْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ س ل.

قَوْلُهُ: (وَهُمَا الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِتَفْصِيلِ الْأَرْكَانِ، أَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْإِجْمَالِ فَهُمَا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي إنْ عُدَّا اثْنَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ إنْ عُدَّا وَاحِدًا.

قَوْلُهُ: (مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ) إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ أَعْمَى؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُشَاهَدٌ وَهُوَ لَا يَرَاهُ، وَأَمَّا الْعَامِلُ فَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ كَوْنُهُ أَعْمَى.

قَوْلُهُ: (فَتَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ لَهُ) بِأَنْ يَقُولَ سَاقَيْتُك عَلَى حِصَّتِي أَوْ عَلَى جَمِيعِ الشَّجَرِ. وَاسْتِشْكَالُهُ هَذَا بِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ يَجِبُ كَوْنُهُ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْإِجَارَةِ، شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا. وَكَتَبَ ع ش عَلَى قَوْلِهِ: " مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْإِجَارَةِ " " هَذَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِقَتِهِ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْإِجَارَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لَتُرْضِعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (إنْ شَرَطَ لَهُ زِيَادَةً) فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ بَطَلَتْ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ طَامِعًا، فَإِنْ شَرَطَ لَهُ جَمِيعَ الثِّمَارِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لَكِنْ لَهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا. وَقَيَّدَ الْغَزَالِيُّ تَبَعًا لِإِمَامِهِ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْفَسَادُ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى حِصَّتِهِ أَجْنَبِيًّا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ. اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ.

وَالْمُعْتَمَدُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ وَأَفْتَى بِهِ م ر. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (مَا لَيْسَ عَلَيْهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا سَبَقَ بَلْ مِمَّا يَأْتِي. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ لَمَّا كَانَ سَيُذْكَرُ قَرِيبًا كَانَ كَأَنَّهُ مَعْلُومٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (وَشُرِطَ فِي الثَّمَرِ) يُتَأَمَّلُ، فَإِنَّ هَذَا شَرْطٌ لِلْعَمَلِ لَا لِلثَّمَرِ. وَعِبَارَةُ ق ل: لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَذْكُورَ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِ شُرُوطِ الْأَرْكَانِ الَّذِي مِنْهَا مَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ كَالنَّخْلِ أَوْ الْعِنَبِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَمَلِ وَاشْتِرَاكِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>