يُقَدِّرَهَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) يُثْمِرُ فِيهَا الشَّجَرُ غَالِبًا كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَالْإِجَارَةِ، فَلَا تَصِحُّ مُؤَبَّدَةً وَلَا مُطْلَقَةً وَلَا مُؤَقَّتَةً بِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ لِلْجَهْلِ بِوَقْتِهِ فَإِنَّهُ يَتَقَدَّمُ تَارَةً وَيَتَأَخَّرُ أُخْرَى، وَلَا مُؤَقَّتَةً بِزَمَنٍ لَا يُثْمِرُ فِيهِ الشَّجَرُ غَالِبًا لِخُلُوِّ الْمُسَاقَاةِ عَنْ الْعِوَضِ وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُثْمِرُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ، وَإِنْ اسْتَوَى الِاحْتِمَالَانِ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ فَلَهُ أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ بَاطِلَةً (وَ) الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ يُعَيِّنَ) الْمَالِكُ (لِلْعَامِلِ جُزْءًا) كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا (مَعْلُومًا) كَالثُّلُثِ فِي الثَّمَرَةِ الَّتِي أَوْقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدَ. وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ اخْتِصَاصُهُمَا بِالثَّمَرَةِ، فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ بَعْضِهِ لِغَيْرِهِمَا وَلَا كُلِّهِ لِلْمَالِكِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ. وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ عِنْدَ شَرْطِ الْكُلِّ لِلْمَالِكِ وَجْهَانِ كَالْقِرَاضِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ. وَشَرْطٌ فِي الصِّيغَةِ وَهُوَ الرُّكْنُ السَّادِسُ مَا مَرَّ فِيهَا فِي الْبَيْعِ. غَيْرُ عَدَمِ التَّأْقِيتِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ آنِفًا كَسَاقَيْتُكَ أَوْ عَامَلْتُك عَلَى هَذَا عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا، فَيَقْبَلُ الْعَامِلُ لَا تَفْصِيلَ أَعْمَالٍ بِنَاحِيَةٍ بِهَا عُرْفٌ غَالِبٌ فِي الْعَمَلِ عَرَّفَهُ الْعَاقِدَانِ فَلَا يُشْتَرَطُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عُرْفٌ غَالِبٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُعَرِّفَاهُ اُشْتُرِطَ. وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ الَّذِي عَرَّفَاهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الرِّبْحِ الْمُتَعَلِّقِ بِالثَّمَرَةِ، وَلَيْسَ ذِكْرُ الْمُدَّةِ مُتَعَلِّقًا بِالثَّمَرَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِالصِّيغَةِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا شَرْطَيْنِ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ شَرْطٌ فِي الْعَمَلِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ لَا فِي الثَّمَرَةِ، وَقَدْ جَعَلَ سم كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَنْ يُقَدِّرَ عَمَلَهَا أَيْ الْعَمَلَ فِيهَا بِعِدَّةٍ. قَوْلُهُ؛ (وَلَهَا) أَيْ لِصِحَّتِهَا شَرْطَانِ.
قَوْلُهُ: (يُثْمِرُ) هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْمُدَّةِ ق ل.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ مُؤَبَّدَةً وَلَا مُطْلَقَةً) مُحْتَرَزُ التَّقْدِيرِ بِمُدَّةٍ. وَقَوْلُهُ: " وَلَا بِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ " مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " مَعْلُومَةً ". وَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَكَذَا لَوْ قُدِّرَ بِمُدَّةٍ لَا يُثْمِرُ فِيهَا الشَّجَرُ وَأَمَّا تَفْصِيلُ الشَّارِحِ فَهُوَ فِي الرَّابِعَةِ فَقَطْ.
بَقِيَ مَا لَوْ أَثْمَرَ الثَّمَرُ فِي الْمُدَّةِ وَفَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، فَهَلْ يَبْقَى إلَى أَوَانِهِ أَوْ يُقْطَعُ؟ الظَّاهِرُ إبْقَاؤُهُ، وَهَلْ الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى الْمَالِكِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا لَوْ أَثْمَرَ وَبَدَا صَلَاحُهُ وَلَمْ تَفْرُغْ الْمُدَّةُ فَهَلْ يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْعَمَلُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ؟ الظَّاهِرُ اللُّزُومُ، وَكَذَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ لَوْ غُصِبَ الثَّمَرُ أَوْ لَمْ يُثْمِرْ وَفِيهِمَا لَا شَيْءَ لَهُ، وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سم.
قَوْلُهُ: (كَسَنَةٍ) وَلَوْ كَانَ النَّخِيلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِمَّا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَأَطْلَعَتْ الثَّمَرَةُ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَالثَّانِيَةُ بَعْدَهَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَهَلْ تَقُولُ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ أَوْ يَكُونُ الْعَامِلُ شَرِيكًا لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ الْعَامِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا سم.
قَوْلُهُ: (لَا يُثْمِرُ فِيهِ الشَّجَرُ غَالِبًا) بِأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ الْإِثْمَارُ نَادِرًا أَوْ يَسْتَوِي الْإِثْمَارُ وَعَدَمُهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَوَى إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ) كَمَا لَوْ قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ يُثْمِرُ فِيهَا الشَّجَرُ غَالِبًا فَلَمْ يُثْمِرْ أَوْ أَثْمَرَ بَعْدَهَا سم. قَوْلُهُ: (فَلَهُ أُجْرَتُهُ) وَإِنْ عُلِمَ الْفَسَادُ وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ سم.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا) أَيْ بِاعْتِبَارِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي الِاسْتِوَاءِ وَغَلَبَةِ ظَنِّهِ فِي جَهْلِ الْحَالِ.
قَوْلُهُ: (وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ) أَيْ لِأَجْلِهَا فَ " عَلَى " بِمَعْنَى لَامِ التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَى الثَّمَرَةِ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي يَعْمَلُهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ " عَلَيْهَا " أَيْ عَلَى أَصْلِهَا، وَهُوَ الشَّجَرُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَى الثَّمَرَةِ وَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الشَّجَرِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ بَعْضِهِ) مُحْتَرَزُ الثَّالِثِ الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا كُلِّهِ لِلْمَالِكِ) هَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ الثَّانِي، فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الثَّالِثِ لَكَانَ أَنْسَبَ ق ل. وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ هُمَا رَاجِعَانِ لِلثَّالِثِ، إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ اخْتِصَاصُهُمَا بِالثَّمَرِ أَنَّهُ لَا تُجَاوِزُهُمَا لِغَيْرِهِمَا بَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا ذَكَرَ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ وَحَاشِيَتِهِ لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا يُعَيِّنُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ) أَيْ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرُّكْنُ السَّادِسُ) فِيهِ أَنَّهَا خَامِسٌ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي عَدِّ الْأَرْكَانِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ سَادِسٌ أَيْضًا بِالنَّظَرِ لِجُمْلَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا وَذِكْرُ الضَّمِيرِ بِالنَّظَرِ لِلْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ) وَهُوَ أَنْ يُقَدِّرَاهَا بِمُدَّةٍ مَا ق ل بَلْ يُشْتَرَطُ التَّأْقِيتُ. قَوْلُهُ: (آنِفًا) يُمَدُّ وَيُقْصَرُ أَيْ قَرِيبًا اهـ. تَقْرِيبٌ.
قَوْلُهُ: (كَسَاقَيْتُكَ إلَخْ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْمُدَّةَ فِي الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (فَيَقْبَلُ الْعَامِلُ) أَيْ لَفْظًا م ر. قَوْلُهُ: " لَا تَفْصِيلَ أَعْمَالٍ " عَطْفٌ عَلَى مَا مَرَّ وَسَوَاءً عُقِدَ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِي الصِّيغَةِ ق ل.
قَوْلُهُ: