للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ أَرْبَعَةً وَأَسْقَطَ خَامِسًا وَسَادِسًا وَسَابِعًا وَثَامِنًا كَمَا سَتَعْرِفُهُ.

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَوْقُوفُ (أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ) عَيْنًا مُعَيَّنًا (مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) مَمْلُوكًا لِلْوَاقِفِ. نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْبَلَ النَّقْلَ مِنْ مِلْكِ شَخْصٍ إلَى مِلْكِ آخَرَ وَيُفِيدُ لَا بِفَوَاتِهِ نَفْعًا مُبَاحًا مَقْصُودًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ النَّفْعُ فِي الْحَالِ أَمْ فِي الْمَآلِ كَوَقْفِ عَبْدٍ وَجَحْشٍ صَغِيرَيْنِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولًا كَمُشَاعٍ وَلَوْ مَسْجِدًا كَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيُعْتَقَانِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ بِعِتْقِهِمَا وَبِنَاءٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي) فِيهِ تَنَافٍ حَيْثُ جَعَلَ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ رُكْنًا وَشَرْطًا؛ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ، أَيْ وَهُوَ شَرْطُ الرُّكْنِ الثَّانِي. وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ كَلَامِ ق ل بِقَوْلِهِ: لَيْسَ بِخَافٍ أَنَّ الرُّكْنَ هُوَ ضَمِيرٌ يَكُونُ غَيْرُ الرَّاجِعِ إلَى الْوَقْفِ كَوْنَهُ مُنْتَفِعًا بِهِ فَصَنِيعُهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْوَقْفُ بِمَعْنَى الْمَوْقُوفِ، فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ) جُمْلَةُ الشُّرُوطِ عَشْرَةٌ: مِنْهَا اثْنَانِ مُكَرَّرَانِ وَهُمَا قَوْلُهُ: يُفِيدُ لَا بِفَوَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: نَفْعًا وَالْبَاقِي غَيْرُ مُكَرَّرٍ.

قَوْلُهُ: (عَيْنًا) حَالٌ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الْوَاقِفُ فَيَصِحُّ وَقْفُ الْأَعْمَى وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَالِكِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ انْتِزَاعِهِ. قَوْلُهُ: (مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) لَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى الشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ زَادَهُمَا قَبْلَهُ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا، إذْ هَذَا مِنْ تَعَلُّقِ الِانْتِفَاعِ تَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ مَمْلُوكًا؛؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَيْسَ مِلْكًا لِلْإِمَامِ لَكِنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ مِنْهُ وَلَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ ق ل. وَحَيْثُ صَحَّ الْوَقْفُ تَعَيَّنَ الْوَفَاءُ بِشَرْطِ وَاقِفِهِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْمَعْلُومِ فِيهِ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا قَالَهُ: ق ل.

قَوْلُهُ: (وَقْفُ الْإِمَامِ) أَيْ بِشَرْطِ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ م ر. قَوْلُهُ: (وَيُفِيدُ إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ " أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ، وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَهُ نَفْعًا مُبَاحًا عَقِبَ الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (لَا بِفَوَاتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ، بِذَاتِهِ لَا بِفَوَاتِهِ أَيْ ذَهَابِ عَيْنِهِ، قَالَ الْمَدَابِغِيُّ وَشَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْمُؤَجِّرَ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ، أَيْ مِنْ مَالِكِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِوَقْفِهِ مَسْجِدًا، وَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ التَّعَبُّدُ فِيهِ بِنَحْوِ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ وَيُكْرَهُ نَشْدُ الضَّالَّةِ فِيهِ وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ وَالتَّحِيَّةُ فِيهِ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مَعَ التَّبَاعُدِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُسْتَأْجِرُ، وَاسْتِحْقَاقُهُ الْمَنْفَعَةَ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَيَمْتَنِعُ فِيهِ أَيْضًا مَا يَمْتَنِعُ فِي الْمَسْجِدِ كَوَضْعِ النَّجَاسَاتِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُكْثِ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ تَمْكِينُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْفَسْخِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ لِمَا يَمْتَنِعُ فِي الْمَسْجِدِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا، سم فِي شَرْحِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (كَوَقْفِ عَبْدٍ وَجَحْشٍ صَغِيرَيْنِ) وَكَمَنْ أَجَرَ أَرْضَهُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ وَقَفَهَا، حَتَّى لَوْ وَقَفَهَا مَسْجِدًا صَحَّ وَأُجْرِيَ عَلَيْهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ، فَيُمْنَعُ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِيهَا وَمِنْ مُكْثِهَا حَالَ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا فِيهَا وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَهَذِهِ، أَيْ الْإِجَارَةُ قَبْلَ الْوَقْفِ. حِيلَةٌ لِمَنْ يُرِيدُ إبْقَاءَ مَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفِ لِنَفْسِهِ مُدَّةً بَعْدَ وَقْفِهِ اهـ. قَالَهُ الزِّيَادِيُّ. وَقَوْلُهُ: " وَيَثْبُتُ لَهُ " أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ فَسَخَ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ لِلْوَاقِفِ. اهـ. زي.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْقُولًا) وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْقُولِ وَلَوْ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ كَالْخَزَائِنِ فِي الْمَسَاجِدِ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهَا. نَعَمْ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ مَسْجِدًا إلَّا إذَا أَثْبَتَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَسْجِدِيَّةِ بِنَقْلِهِ، وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلِّهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ق ل. وَمَعْنَى قَوْلِهِ " وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَسْجِدِيَّةِ " أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ دُونَ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ، حَتَّى لَوْ أَثْبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ م د. وَقَوْلُهُ " وَلَا يَعُودُ " ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ حُرْمَةُ نَقْلِهِ عَنْ مَحَلِّ وَقْفِهِ. قَوْلُهُ: (كَمُشَاعٍ) كَنِصْفِ دَارٍ أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ، فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَسْجِدًا) رَاجِعٌ لِلْمُشَاعِ وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ قِسْمَةَ رَدٍّ أَوْ تَعْدِيلٍ، وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَبْلَ قِسْمَتِهِ يَحْرُمُ فِيهِ مَا يَحْرُمُ فِي الْمَسَاجِدِ. وَتَصِحُّ فِيهِ التَّحِيَّةُ دُونَ الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>