عَلَى قِسْمَيْنِ مُعَيَّنٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ اُشْتُرِطَ إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ فِي حَالِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِوُجُودِهِ فِي الْخَارِجِ، فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ وَهُوَ لَا وَلَدَ لَهُ، وَلَا عَلَى فُقَرَاءِ أَوْلَادِهِ وَلَا فَقِيرَ فِيهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ فَقِيرٌ وَغَنِيٌّ صَحَّ وَيُعْطَى مِنْهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَرْعٍ " وَالْوَاوُ عَلَى مَعْنَاهَا، وَيَكُونُ مَعْنَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مُتَحَقِّقًا عِنْدَ الْوَقْفِ، فَخَرَجَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ " وَفَرْعٍ لَا يَنْقَطِعُ " أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ دَائِمًا فَيَخْرُجُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَلَا يَصِحُّ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَالْمُعْتَمَدُ حِصَّتُهُ كَمَا يَأْتِي.
وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ يَكُونَانِ شَرْطَيْنِ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي مُحْتَرَزِ الْأَوَّلِ: فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ فِي الشَّرْطِ الثَّانِي الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا عَلَى فَرْعٍ لَا يَنْقَطِعُ، أَيْ دَائِمًا فَيَخْرُجُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَصْلِ الشَّيْءُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَسَمَّاهُ أَصْلًا بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَهُ وَسَمَّى الَّذِي بَعْدَهُ فَرْعًا؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْهُ أَيْ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ مُعَيَّنٍ وَغَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " أَصْلٍ " مَوْجُودٍ. وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَتَيْنِ، الْأُولَى: أَنَّهُ جَعَلَهُ قِسْمَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِيَ، وَأَيْضًا الثَّانِي مِنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ هُوَ الثَّانِي فِي الْمَتْنِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَوَّلُ شَامِلًا لِنَفْسِهِ وَلِلثَّانِي؟ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَبْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ " عَلَى أَصْلٍ مَوْجُودٍ إلَخْ " ثُمَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ قِسْمَانِ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ مَا عَنَاهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ " عَلَى أَصْلٍ مَوْجُودٍ " وَغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مَا عَنَاهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ " وَفَرْعٍ لَا يَنْقَطِعُ " وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ " أَصْلٍ مَوْجُودٍ " وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَيَكُونُ الشَّارِحُ تَرَكَ الْقِسْمَ الثَّانِيَ فِي التَّفْصِيلِ لِكَوْنِهِ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مُعَيَّنٍ) وَلَوْ جَمَاعَةً، وَشُرِطَ قَبُولُهُ فَوْرًا كَالْبَيْعِ، وَإِنْ رَدَّ قَبْلَ قَبُولِهِ بَطَلَ وَلَا يَعُودُ بِعَوْدِهِ كَالْإِقْرَارِ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَبْطُلْ وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِ ق ل.
وَلَمْ يَأْتِ الشَّارِحُ بِمُقَابِلِ قَوْلِهِ " فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ " وَهُوَ: وَإِنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ شُرِطَ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ: الْآتِي: أَوْ فَرْعٍ لَا يَنْقَطِعُ.
قَوْلُهُ: (إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ) الْأَوْلَى إمْكَانُ تَمَلُّكِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (بِوُجُودِهِ) أَيْ مُتَأَهِّلًا لِلْمِلْكِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِإِمْكَانُ ". وَعِبَارَةُ م ر: وَإِمْكَانُ تَمَلُّكِهِ بِأَنْ يُوجَدَ خَارِجًا مُتَأَهِّلًا لِلْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَعْدُومٍ كَعَلَى مَسْجِدٍ سَيُبْنَى أَوْ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا وَلَدَ لَهُ أَوْ عَلَى فُقَرَاءِ أَوْلَادٍ وَلَيْسَ فِيهِمْ فَقِيرٌ، أَوْ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ أَوْ قَبْرِ أَبِيهِ الْحَيِّ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ فِيهِمْ فَقِيرٌ صَحَّ، وَصُرِفَ لِلْحَادِثِ وُجُودُهُ فِي الْأُولَى أَوْ فَقْرُهُ فِي الثَّانِيَةِ لِصِحَّتِهِ عَلَى الْمَعْدُومِ تَبَعًا كَوَقَفْتُهُ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ لَهُ وَكَعَلَى مَسْجِدِ كَذَا وَكُلُّ مَسْجِدٍ سَيُبْنَى فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ، وَلَا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ وَلَا عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَبْنِهِ بِخِلَافِ دَارِي عَلَى مَنْ أَرَادَ سُكْنَاهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا عَلَى مَيِّتٍ اهـ.
وَقَوْلُهُ " أَوْ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ أَوْ قَبْرِ أَبِيهِ وَهُوَ حَيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ بَيَانِ الصَّرْفِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ إنْ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَقَبُولُ وَلِيِّهِ عَقِبَ الْإِيجَابِ أَوْ بُلُوغُ الْخَبَرِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ، إذْ دُخُولُ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِغَيْرِ الْإِرْثِ بَعِيدٌ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ، نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بِالْقُرْبِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْعُقُودِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ مَنْ بَعْدِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ الْوَاقِفِ، فَإِنْ رَدُّوا فَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ، فَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَعُدْ لَهُ؛ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ بَعْدَ قَبُولِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ " يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ " أَيْ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ، حَيْثُ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ غَائِبًا فَلَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ إلَّا بَعْدَ الطُّولِ، أَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ.
وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا فَقَبُولُ وَلِيِّهِ " فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَلِيُّهُ بَطَلَ الْوَقْفُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ الْوَاقِفَ أَوْ غَيْرُهُ، وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ فَوَلِيُّهُ الْقَاضِي فَيَقْبَلُ لَهُ عِنْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ أَوْ يُقِيمُ عَلَى الصَّبِيِّ مَنْ يَقْبَلُ الْوَقْفَ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ لَا وَلَدَ لَهُ) أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَحَّ وَصُرِفَ لَهُ أَوْ وُلِدَ وَلَدٌ صُرِفَ لَهُ أَيْضًا صَوْنًا لِكَلَامِ الْوَاقِفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ إنْ حُمِلَ الْوَلَدُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَالصَّرْفُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ ظَاهِرٌ، فَلَوْ صُرِفَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَحَدَثَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ زي. قَوْلُهُ: (وَلَا فَقِيرَ فِيهِمْ) قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ هُنَا مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُكْتَسِبًا؛؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ إغْنَاؤُهُ عَنْ