للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا مَنْ افْتَقَرَ بَعْدُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ. وَلَا عَلَى جَنِينٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَمَلُّكِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَقْصُودًا أَمْ تَابِعًا حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَلَهُ جَنِينٌ عِنْدَ الْوَقْفِ لَمْ يَدْخُلْ. نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ دَخَلَ مَعَهُمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ قَدْ سَمَّى الْمُوجِدِينَ أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيِّ، وَلَا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى نَفْسِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ. فَإِنْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ لِلْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ؛ وَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى الْمُبَعَّضِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُهَايَأَةً وَصَدَرَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَكَالْحُرِّ أَوْ يَوْمَ نَوْبَةِ سَيِّدِهِ فَكَالْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بَهِيمَةٍ مَمْلُوكَةٍ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ بِحَالٍ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ مَالِكَهَا فَهُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِالْمَمْلُوكَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْكَسْبِ لَا فَقِيرُ الزَّكَاةِ الْمَارُّ فِي بَابِهَا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى جَنِينٍ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَسْلِيطٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَالْمُرَادُ مَا دَامَ مُتَّصِلًا فَلَا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْهُ مَا دَامَ جَنِينًا، أَيْ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَفِيهِمْ جَنِينٌ، نَعَمْ يَدْخُلُ الْجَنِينُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ حَيْثُ تَصِحُّ لَهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ أَنَّهُمْ لَمَّا تَوَسَّعُوا فِي الْوَصِيَّةِ وَجَوَّزُوهَا فِي الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ وَالْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ كَانَتْ أَوْسَعَ بَابًا مِنْ الْوَقْفِ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى جَنِينٍ بِأَنْ قَالَ وَقَفْتُ كَذَا عَلَى هَذَا الْجَنِينِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لَهُ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْبَالِ وَالْوَقْفُ تَسْلِيطٌ فِي الْحَالِ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنِينُ فِي الْوَلَدِ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ، فَإِنْ انْفَصَلَ شَارَكَ مِنْ حِينِ الِانْفِصَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ قَالَ الْمَوْجُودِينَ أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَلَا يَدْخُلُ، نَعَمْ يَدْخُلُ فِيمَا إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَا فَرْعَ لَهُ أَصْلًا وَلَا يَدْخُلُ مَنْفِيٌّ بِلِعَانٍ، فَإِنْ اُسْتُلْحِقَ اسْتَحَقَّ مَا مَضَى فَيُطَالَبُ بِهِ، وَيَدْخُلُ الْخُنْثَى فِي بَلَدٍ وَيُعْطَى الْمُتَيَقَّنُ وَلَا يَدْخُلُ فِي بِنْتٍ وَلَا ابْنٍ وَلَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ، وَلَا يَدْخُلُ ابْنٌ فِي بِنْتٍ وَعَكْسُهُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ صِحَّةِ تَمَلُّكِهِ) وَأَمَّا إرْثُهُ مِنْ أَبِيهِ مَثَلًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ فَمِنْ بَابِ التَّوَسُّعِ فِيهِ حَيْثُ أَلْحَقُوهُ بِالْحَيِّ هُنَاكَ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ أَكَانَ إلَخْ) أَيْ الْجَنِينُ، وَقَوْلُهُ " مَقْصُودًا " بِأَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ) أَيْ حَيًّا دَخَلَ مَعَهُمْ، أَيْ مِنْ حِينِ انْفِصَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَقْفِ، فَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ أَصْلًا بِأَنْ ذَابَ فِي بَطْنِهَا أَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا يَدْخُلُ.

قَوْلُهُ: (قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " عَلَى أَصْلٍ مَوْجُودٍ " أَوْ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ اُشْتُرِطَ إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعَبْدُ لَهُ أَيْ لِلْوَاقِفِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ) وَالْقَبُولُ مِنْ الْعَبْدِ لَا مِنْ سَيِّدِهِ كَالْوَصِيَّةِ زي، وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَقْبَلَ فَوْرًا وَإِنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى الْمُبَعَّضِ إلَخْ) وَلَوْ وَقَفَ مَالِكُ الْبَعْضِ بَعْضَهُ الرَّقِيقَ عَلَى بَعْضِهِ الْحُرِّ صَحَّ، وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَيُصْرَفُ لَهُ وَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ إنْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِمُدَّةِ الْكِتَابَةِ كَانَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ، فَإِنْ عَجَزَ بَانَ أَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ. اهـ. م د، وَعِبَارَتُهُ عَلَى التَّحْرِيرِ: نَعَمْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مُكَاتَبِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مُكَاتَبِ نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ إنْ عَقَدَ وَقَدْ قَيَّدَ الْوَاقِفُ. قَوْلُهُ: (وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ) فَمَا خَصَّ الْحُرِّيَّةَ فَهُوَ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ فَلَهُ رِيعُهُ، وَمَا خَصَّ الرِّقَّ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى رَقِيقٍ فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ، مِنْهُ: أَنْ يَقْصِدَهُ لِنَفْسِهِ فَيَبْطُلُ اهـ سم.

قَوْلُهُ: (بَهِيمَةٍ مَمْلُوكَةٍ) أَيْ أَوْ مُبَاحَةٍ إلَّا حَمَامَ مَكَّةَ، فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الطُّيُورِ وَالْوُحُوشِ الْمُبَاحَةِ، فَمَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ وَقْفِ شَيْءٍ يُؤْخَذُ مِنْ غَلَّتِهِ قَمْحٌ تُوضَعُ لِلطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ بَاطِلٌ. اهـ. م د.

وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى نَحْوِ أَرِقَّاءِ خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ، أَوْ الْخَيْلِ الْمُسْبَلَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ حَمَامِ مَكَّةَ فَهُوَ صَحِيحٌ مُطْلَقًا ق ل.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ) سَوَاءٌ قَصَدَهَا أَوْ أَطْلَقَ أَوْ وَقَفَ عَلَى عَلَفِهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ أَهْلٌ لِلْيَدِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمِلْكُ أَيْ إذَا عَتَقَ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>