للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ لَا يُفْسِدُ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَدُومُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ مَنْ يَصْرِفُ إلَيْهِ بَعْدَهُمْ صَحَّ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَقْفِ الْقُرْبَةُ وَالدَّوَامُ، فَإِذَا بَيَّنَ مَصْرِفَهُ ابْتِدَاءً سَهُلَ إدَامَتُهُ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَيُسَمَّى مُنْقَطِعَ الْآخِرِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ صُرِفَ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ يَوْمَ انْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ وَيَخْتَصُّ الْمَصْرِفُ وُجُوبًا بِفُقَرَاءِ قَرَابَةِ الرَّحِمِ لَا الْإِرْثِ فِي الْأَصَحِّ، فَيُقَدَّمُ ابْنُ بِنْتٍ عَلَى ابْنِ عَمٍّ، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ كَوَقَفْتُهُ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ الصَّرْفِ إلَيْهِ فِي الْحَالِ؛ فَكَذَا مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ لِوُجُودِ الْمَصْرِفِ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ، ثُمَّ بَعْدَ أَوْلَادِهِ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ.

وَالشَّرْطُ السَّادِسُ: بَيَانُ الْمَصْرِفِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَقَفْت كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفَهُ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ ذِكْرِ مَصْرِفِهِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْمَصْرِفَ إجْمَالًا كَقَوْلِهِ: وَقَفْت هَذَا عَلَى مَسْجِدِ كَذَا كَفَى وَصُرِفَ إلَى مَصَالِحِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَصَحَّتْ مُؤَبَّدَةً كَالْعِتْقِ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: أَعْتَقْت عَبْدِي سَنَةً فَإِنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ وَيَكُونُ مُؤَبَّدًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَقَفْته عَلَى زَيْدٍ سَنَةً وَمَعْنَى مُضَاهَاةِ التَّحْرِيرِ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِمَنْفَعَتِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا) كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا الْمَكَانَ مَسْجِدًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُصَلَّى فِيهِ أَوْ لَا يُعْتَكَفَ فِيهِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَبِيتَ فِيهِ النِّسَاءُ الْحُيَّضُ أَوْ الْجُنُبُ مِنْ الرِّجَالِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ لَا يُفْسِدُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ، فَهُوَ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الْآخِرِ.

وَحَاصِلُ الْوَقْفِ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: إمَّا مَقْطُوعُ الْأَوَّلِ كَالْوَقْفِ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لَهُ، وَإِمَّا مَقْطُوعُ الْآخِرِ كَقَوْلِهِ عَلَى أَوْلَادِي، وَإِمَّا مَقْطُوعُ الْوَسَطِ كَقَوْلِهِ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ رَجُلٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ. فَيَصِحُّ فِيمَا عَدَا مَقْطُوعِ الْأَوَّلِ وَيُصْرَفُ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ وَفِي مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

قَوْلُهُ: (صُرِفَ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَخْ) أَيْ إنْ وُجِدُوا بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِلَّا فَإِلَى الْأَهَمِّ مِنْ الْمَسَاكِينِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. ق ل. قَالَ الَأُجْهُورِيُّ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ نِصْفَ هَذَا وَعَلَى عَمْرٍو نِصْفَهُ الْآخَرَ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَتْ أَحَدُهُمَا صُرِفَ نَصِيبُهُ لِلْأَقْرَبِ لِلْوَاقِفِ عَلَى الْأَقْرَبِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا وَقْفَانِ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، فَلَوْ قَالَ: وَقَفْته عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ أَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْأَقْرَبُ مِنْ احْتِمَالَيْنِ أَنَّهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا يَنْتَقِلُ لِلْفُقَرَاءِ. اهـ. شَرْحِ الرَّوْضِ. قُلْت: فِي هَذَا التَّقْرِيرِ يَصِيرُ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: إذَا وَقَفَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا يَنْتَقِلُ لِلْآخَرِ، وَفِي وَقْفِ النِّصْفِ لِزَيْدٍ وَالنِّصْفِ لِعَمْرٍو ثُمَّ قَالَ مَنْ بَعْدَهُمَا لِلْفُقَرَاءِ يَنْتَقِلُ لِلْأَقْرَبِ لِلْوَاقِفِ حِصَّةُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لَا لِلْآخَرِ وَلَا لِلْفُقَرَاءِ، وَالثَّالِثَةُ: إذَا وَقَفَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ ثُمَّ قَالَ عَلَى الْفُقَرَاءِ يَنْتَقِلُ لِلْفُقَرَاءِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (أَقْرَبِ النَّاسِ) فَإِذَا انْقَرَضَ الْأَقْرَبُ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْعَلُ الْوَقْفَ حَبْسًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ تُصْرَفُ غَلَّتُهُ فِي مَصَالِحِهِمْ، وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ وَفِي الْفَتَاوَى لِابْنِ الصَّبَّاغِ: تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، دِمْيَاطِيٌّ فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (فَيُقَدَّمُ ابْنُ بِنْتٍ) أَيْ وَلَا يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأَوْجَهِ،. اهـ. تُحْفَةٌ. قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الْمَصْرِفِ فِي الْحَالِ) وَهُمْ الْأَوْلَادُ وَالْمَآلِ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ.

قَوْلُهُ: (يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُتَوَسِّطُ مُعَيَّنًا، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَالدَّابَّةِ فَمَصْرِفُهُ مُدَّةَ وُجُودِهَا كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ ق ل. وَقَوْلُهُ " كَالدَّابَّةِ " أَيْ أَوْ الْعَبْدِ نَفْسِهِ. وَقَوْلُهُ " مُدَّةَ وُجُودِهَا " أَيْ مُدَّةَ حَيَاةِ الدَّابَّةِ.

قَوْلُهُ: (بَيَانُ الْمَصْرِفِ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ " أَصْلٍ مَوْجُودٍ إلَخْ "؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيَانَ الْمَصْرِفِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفَهُ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ وَإِنْ أَضَافَهُ لِلَّهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ. وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَصْرِفَ كَأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي وَأَطْلَقَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْوَصِيَّةِ أَنْ تَكُونَ لِلْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ. اهـ. م د. قَوْلُهُ (فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ أَصْلًا أَوْ إعْطَاءً إلَّا بِالْمَوْتِ. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ " أَصْلًا " كَأَنْ يَقُولَ: وَقَفْتُ هَذَا عَلَى أَوْلَادِي بَعْدَ مَوْتِي وَقَوْلُهُ " أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>