للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بَلْ هِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ فِيهِ إذَا ادَّعَاهَا وَإِلَّا فَلِمَنْ كَانَ مَالِكًا قَبْلَهُ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا كَانَتْ لُقَطَةً كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ.

وَبِغَيْرِ الْوَاثِقِ بِنَفْسِهِ الْوَاثِقُ بِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَخْذُهَا أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا) فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ (إنْ كَانَ عَلَى ثِقَةٍ) مِنْ نَفْسِهِ (مِنْ الْقِيَامِ بِهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبِرِّ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا وَسُنَّ إشْهَادٌ بِهَا مَعَ تَعْرِيفِ شَيْءٍ مِنْ اللُّقَطَةِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ، وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالْإِشْهَادِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد: «مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ» عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ. وَتَصِحُّ لُقَطَةُ الْمُبَعَّضِ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ وَالذِّمَّةِ، وَلُقَطَتُهُ لَهُ وَلِسَيِّدِهِ فِي غَيْرِ مُهَايَأَةٍ فَيُعَرِّفَانِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَضْمَنُ عَبْدٌ تَالِفًا فِي ذِمَّتِهْ ... إنْ يَرْضَهُ الْمَالِكُ دُونَ سَادَتِهْ

وَإِنْ يَكُنْ بِلَا رِضَا مَنْ اسْتَحَقْ ... فَلَيْسَ إلَّا بِالرَّقِيبَةِ اعْتَلَقْ

قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ اللُّقَطَةُ مِنْ مُكَاتَبٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. الْأَوْلَى: " وَيَصِحُّ اللَّقْطُ " كَمَا فِي نُسْخَةٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ، أَيْ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، أَيْ الْمَلْقُوطِ، بَعْدَ تَعْرِيفِهِ وَتَمَلُّكِهِ، فَإِنْ رُقَّ الْمُكَاتَبُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَخَذَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَفِظَهُ الْمَالِكُ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ وَتَمَلُّكُهُ لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ. فَرْعٌ: أَفْتَى الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلشَّرِيكَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا الْآذِنُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْمُبَعَّضِ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِتَغْلِيبِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا. اهـ. شَوْبَرِيٌّ

قَوْلُهُ: (كِتَابَةً صَحِيحَةً) أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَكَالْقِنِّ شَرْحِ م ر. قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْمَوَاتِ) أَيْ وَالطَّرِيقُ لِأَنَّهُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي الْمَتْنِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا عَنْ الْكَلَامِ فِي الْمُبَعَّضِ الْآتِي تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ. قَوْلُهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَمْلُوكِ. وَقَوْلُهُ " لِلتَّمَلُّكِ " أَيْ وَلَا لِلْحِفْظِ. وَقَوْلُهُ " بَعْدَ التَّعْرِيفِ " ظَرْفٌ لِلتَّمَلُّكِ. وَقَوْلُهُ " لِصَاحِبِ الْيَدِ " بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ زي. وَقَوْلُهُ " فِيهِ " أَيْ فِي الْمَمْلُوكِ. قَوْلُهُ: (مَالِكًا) لَوْ قَالَ: لِذِي الْيَدِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ ق ل.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لِلْمُحْيِي وَإِنْ نَفَاهَا، فَقَوْلُهُ: " كَانَتْ لُقَطَةً " ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (وَبِغَيْرِ الْوَاثِقِ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَثِقْ إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: الْوَاثِقُ أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَوْلُهُ: الْوَاثِقُ بِهَا أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى ثِقَةٍ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْحَالِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْقِيَامِ بِهَا) أَيْ بِحِفْظِهَا وَمِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ.

قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ) أَيْ فِي أَخْذِهَا.

قَوْلُهُ: (وَسُنَّ إشْهَادٌ بِهَا) عِبَارَةُ سم: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الِالْتِقَاطِ وَلَا يَجِبُ، وَيَذْكُرَ فِي الْإِشْهَادِ بَعْضَ الصِّفَاتِ وَلَا يَسْكُتَ عَنْهَا لِيَكُونَ فِي الْإِشْهَادِ فَائِدَةٌ. وَقَوْلُهُ " وَسُنَّ إشْهَادٌ " أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ عَدْلًا. وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ فِي الشَّاهِدِ بِالْمَسْتُورِ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَسْتُورِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَالنِّكَاحِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَشْتَهِرُ غَالِبًا بَيْنَ النَّاسِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْمَسْتُورِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْإِشْهَادِ هُنَا أَمْنُ الْخِيَانَةِ فِيهَا وَجَحْدُ الْوَارِثِ لَهَا فَلَمْ يُكْتَفَ بِالْمَسْتُورِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَمَحَلُّ سَنِّ الْإِشْهَادِ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مُتَغَلِّبًا إذَا عَلِمَ بِهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ الْإِشْهَادُ وَالتَّعْرِيفُ اهـ.

قَوْلُهُ: (مَعَ تَعْرِيفِ شَيْءٍ مِنْ اللُّقَطَةِ) أَيْ مِنْ أَوْصَافِهَا، وَالْمَحَلُّ لِلْإِضْمَارِ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا لِلشُّهُودِ، فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ وَلَا يَضْمَنُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَوْعَبَ الْأَوْصَافَ فِي التَّعْرِيفِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِحَصْرِ الشُّهُودِ وَعَدَمِ تُهْمَتِهِمْ. قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: وَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ اسْتِيعَابَهَا لِلشُّهُودِ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهَا حَرُمَ وَضَمِنَ اهـ، فَمَحَلُّ سَنِّ الْإِشْهَادِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْتُمُ) أَيْ لَا يَكْتُمُ اللُّقَطَةَ بِأَنْ لَا يُعَرِّفَهَا، وَلَا يُغَيِّبَهَا عَنْ النَّاسِ بِأَنْ يَتْرُكَ تَعْرِيفَهَا؛ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ. شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (عَلَى النَّدْبِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " حَمَلُوا " وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى النَّدْبِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْعَدْلَيْنِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْإِشْهَادُ وَاجِبًا لَمْ يَكْفِ الْعَدْلُ. قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ لُقَطَةُ الْمُبَعَّضِ) لَوْ قَالَ " لَقْطُ الْمُبَعَّضِ " لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ اسْمٌ لِلْعَيْنِ وَالْمَوْصُوفُ بِالصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ، وَسَوَاءٌ تَسَاوَى الرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ أَوْ لَا؛ وَلَا يُنَافِيهِ التَّشْبِيهُ بَعْدَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ " كَشَخْصَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>