للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَمَلَّكَانِهَا بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَشَخْصَيْنِ الْتَقَطَا. وَفِي مُنَاوَبَةٍ لِذِي نَوْبَةٍ كَبَاقِي الْأَكْسَابِ، كَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ وَرِكَازٍ، وَالْمُؤَنُ كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَحَجَّامٍ وَثَمَنِ دَوَاءٍ، فَالْأَكْسَابُ لِمَنْ حَصَلَتْ فِي نَوْبَتِهِ، وَالْمُؤَنُ عَلَى مَنْ وَجَبَ سَبَبُهَا فِي نَوْبَتِهِ، وَأَمَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَالْجِنَايَةِ مِنْهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ يَشْمَلُهُمَا.

وَكُرِهَ اللَّقْطُ لِفَاسِقٍ لِئَلَّا تَدْعُوَهُ نَفْسُهُ إلَى الْخِيَانَةِ، فَيَصِحُّ اللَّقْطُ مِنْهُ كَمَا يَصِحُّ مِنْ مُرْتَدٍّ وَكَافِرٍ مَعْصُومٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَاصْطِيَادِهِمْ وَاحْتِطَابِهِمْ، وَتُنْزَعُ اللُّقَطَةُ مِنْهُمْ وَتُسَلَّمُ لِعَدْلٍ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ لِعَدَمِ أَمَانَتِهِمْ.

وَيُضَمُّ لَهُمْ مُشْرِفٌ فِي التَّعْرِيفِ فَإِنْ تَمَّ التَّعْرِيفُ تَمَلَّكُوا. وَتَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَيَنْزِعُ اللُّقَطَةَ مِنْهُمَا وَلِيُّهُمَا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْتَقَطَا " قَالَ سم: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُبَعَّضِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَ الِالْتِقَاطُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَلَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ لِأَنَّهُ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ إذَا كَانَتْ مُهَايَأَةً وَحَصَلَتْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي غَيْرِ الْمُهَايَأَةِ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ؛ فَإِنْ نَهَاهُ السَّيِّدُ عَنْ الِالْتِقَاطِ فَالْتَقَطَ صَحَّ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحُرِّيَّةِ، وَيَخْتَصُّ بِهَا حِينَئِذٍ الْمُبَعَّضُ الْمَذْكُورُ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ إلَّا فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَحْدَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ اللُّقَطَةِ فِي أَيِّ النَّوْبَتَيْنِ صُدِّقَ الْمُبَعَّضُ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ، فَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ السَّيِّدِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِمَا أَوْ لَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَجُعِلَتْ بَيْنَهُمَا اهـ سم.

قَوْلُهُ: (كَبَاقِي الْأَكْسَابِ) يَرْجِعُ لِلْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا. وَقَوْلُهُ " وَالْمُؤَنِ " بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى " بَاقِي ".

قَوْلُهُ: (فَالْأَكْسَابُ إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَسْبِ وَالْمُؤَنِ بِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ لِلْمُؤَنِ وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهَا فِي نَوْبَةِ الْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَسْبِ بِوُجُودِهِ وَفِي الْمُؤَنِ بِوَقْتِ وُجُودِ سَبَبِهَا كَالْمَرَضِ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ " وَالْمُؤَنُ عَلَى مَنْ وَجَدَ إلَخْ " ضَعِيفٌ، فَإِذَا مَرِضَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَاحْتِيجَ لِلدَّوَاءِ فِي نَوْبَتِهِ هُوَ لَزِمَهُ، وَعَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ تَكُونُ عَلَى السَّيِّدِ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ) أَيْ مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا سَيَذْكُرُهُ. وَالضَّابِطُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ الْمُبَعَّضَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ الْعِبْرَةُ فِيهِ بِذِي النَّوْبَةِ إلَّا فِي الْجِنَايَةِ مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ فَلَا يَتْبَعُ النَّوْبَةَ بَلْ الرَّقَبَةَ م د، وَلَوْ جَعَلَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ شَامِلًا لِلْجِنَايَةِ مِنْهُ وَعَلَيْهِ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ) فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِذَا كَانَ نِصْفُهُ رَقِيقًا وَنِصْفُهُ حُرًّا تَعَلَّقَ نِصْفُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِنِصْفِ الرَّقِيقِ فَيُبَاعُ فِيهِ أَوْ يَفْدِيهِ السَّيِّدُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمُبَعَّضِ؛ لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ " لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ إلَخْ " يُفْهَمُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الْحُرَّ بِالرَّقَبَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعَلُّقِهِ لَهَا لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالرَّقَبَةِ بَيْعُهَا فِيهِ وَالنِّصْفُ الْحُرُّ لَا يُبَاعُ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالتَّعَلُّقِ بِالرَّقَبَةِ مَا يَشْمَلُ التَّعَلُّقَ بِالذِّمَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْحُرِّ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ) فَإِذَا كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا وَقَطَعَ شَخْصٌ يَدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ نَظَرًا لِلْحُرِّيَّةِ وَيَكُونُ لَهُ أَيْ لِلْمُبَعَّضِ، وَيَجِبُ عَلَى الْقَاطِعِ أَيْضًا رُبُعُ الْقِيمَةِ نَظَرًا لِنِصْفِهِ الرَّقِيقِ وَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ.

قَوْلُهُ: (يَشْمَلُهُمَا) أَيْ الْجِنَايَةَ مِنْهُ وَالْجِنَايَةَ عَلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ. " يَشْمَلُهَا " أَيْ الْجِنَايَةَ بِقِسْمَيْهَا، وَهُمَا صَحِيحَتَانِ.

قَوْلُهُ: (وَكُرِهَ اللَّقْطُ لِفَاسِقٍ) إنْ الْتَقَطَهَا لِلتَّمَلُّكِ وَأَمَّا لَقْطُهَا لِلْحِفْظِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ ق ل.

وَقَوْلُهُ " لِفَاسِقٍ " أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْخِيَانَةَ مِنْ نَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا يَصِحُّ مِنْ مُرْتَدٍّ) وَالْأَوْجَه أَنَّهُ كَالْحَرْبِيِّ، فَلِمَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَهَا خ ض. وَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ بَعْدُ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فَلَهُ أَنْ يُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا.

قَوْلُهُ: (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ لَا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَمَا وُجِدَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا مُسْلِمَ فِيهَا فَغَنِيمَةٌ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِهَا مُسْلِمٌ فَلُقَطَةٌ احْتِرَامًا لِلْمُسْلِمِ وَتَغْلِيبًا لَهُ. اهـ. زِيَادِيٌّ. وَقَوْلُهُ: " وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ " أَيْ الْوَاجِدِ لَهَا وَهُوَ الْكَافِرُ الْمَعْصُومُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ " فِي دَارِ الْإِسْلَامِ " رَاجِعٌ لِلْكَافِرِ الْمَعْصُومِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (وَتُنْزَعُ اللُّقَطَةُ مِنْهُمْ) أَيْ يَنْزِعُهَا الْحَاكِمُ مِنْهُمْ فَقَطْ وَيُسَلِّمُهَا لِلْعَدْلِ وَأُجْرَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مُنْتَظِمًا وَإِلَّا فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ، فَإِنْ قَصَّرَ فَلَا ضَمَانَ. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْكَافِرِ، وَكَذَا فِي الْكَافِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِي دِينِهِ وَإِلَّا لَمْ تُنْتَزَعْ مِنْهُ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (مُشْرِفٌ) أَيْ مُرَاقِبٌ وَأُجْرَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأَمَّا مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ فَعَلَيْهِمْ إنْ قَصَدُوا التَّمَلُّكَ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ تَعْرِيفَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>