للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُعَرِّفُهَا وَيَتَمَلَّكُهَا لَهُمَا إنْ رَآهُ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُمَا لِأَنَّ التَّمْلِيكَ فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يَرَهُ حَفِظَهَا أَوْ سَلَّمَهَا لِلْقَاضِي وَكَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ السَّفِيهُ إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ دُونَهُمَا.

؛ وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لَا لِخِيَانَةٍ بِأَنْ لَقَطَهَا لِحِفْظٍ أَوْ تَمَلُّكٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ خِيَانَةً وَلَا غَيْرَهَا، أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا وَنَسِيَهُ فَأَمِينٌ وَإِنْ قَصَدَ الْخِيَانَةَ بَعْدَ أَخْذِهَا مَا لَمْ يَتَمَلَّكْ أَوْ يَخْتَصَّ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا وَإِنْ لَقَطَهَا لِحِفْظٍ وَإِنْ أَخَذَهَا لِلْخِيَانَةِ فَضَامِنٌ وَلَيْسَ لَهُ تَعْرِيفُهَا. وَلَوْ دَفَعَ لُقَطَةً لِقَاضٍ لَزِمَهُ قَبُولُهَا.

(وَإِذَا أَخَذَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ الْمُلْتَقِطُ الْوَاثِقُ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَعَلَيْهِ) حِينَئِذٍ (أَنْ يَعْرِفَ) بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ (سِتَّةَ أَشْيَاءَ) وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ تَرْجِعُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَتَرْكِ مَعْرِفَةَ اثْنَيْنِ كَمَا سَيَظْهَرُ: الْأَوَّلَ أَنْ يَعْرِفَ (وِعَاءَهَا) وَهُوَ بِكَسْرِ الْوَاوِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ عَدْلٍ.

قَوْلُهُ: (تَمَلَّكُوا) أَيْ حَتَّى الْمُرْتَدِّ إنْ أَسْلَمَ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً قَبْلَ إسْلَامِهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) أَيْ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي اللُّقَطَةِ الِاكْتِسَابُ لَا الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ شَرْحِ م ر، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ لَمْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُمَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْهُمَا؛. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْزِعُ اللُّقَطَةَ مِنْهُمَا) فَإِنْ قَصَّرَ فِي نَزْعِهَا مِنْهُمَا فَتَلِفَتْ وَلَوْ بِإِتْلَافِهِمَا ضَمِنَ فِي مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ فَلَا ضَمَانَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَم ر. وَقَوْلُهُ " فَإِنْ يُقَصِّرْ فَلَا ضَمَانَ " أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا عَلَى الْمَجْنُونِ أَيْضًا فِي التَّلَفِ، وَأَمَّا الْإِتْلَافُ فَالضَّمَانُ فِيهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ اهـ خ ض. فَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ إتْلَافِهِمَا ضَاعَتْ عَلَى صَاحِبِهَا.

قَوْلُهُ: (إنْ رَآهُ) أَيْ مَصْلَحَةً بِأَنْ احْتَاجَ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ وَلَهُمَا مَا يُوَفَّى كَدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ مَتَاعٍ كَاسِدٍ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَجُوزُ) فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَبَيَانٌ لَهُ، وَلَيْسَ زَائِدًا عَلَيْهِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ كَأَنَّهُ قَالَ: وَذَلِكَ حَيْثُ يَجُوزُ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ.

قَوْلُهُ: (يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ جَوَازِ إبْقَائِهَا فِي يَدِهِ لِأَنَّ يَدَهُ لَا تَصْلُحُ لِلْمَالِ، فَإِنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ فِي انْتِزَاعِهَا مِنْهُ فَتَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا الْوَلِيُّ أَيْ غَيْرُ الْحَاكِمِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي مَالِهِ أَصَالَةً لَا قَرَارًا، فَلَا يُطَالَبُ السَّفِيهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مُعْتَرِضًا بِهِ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي قَوْلِ الْقَرَارِ الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ فِي التَّعْجِيزِ، كَمَا لَوْ قَصَّرَ بِتَرْكِ مَا احْتَطَبَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَهُ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَةَ، ثُمَّ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَمَلُّكِهَا لَهُ تَمَلَّكَ لَهُ قِيمَتَهَا هُوَ أَوْ السَّفِيهُ بِإِذْنِهِ بَعْدَ قَبْضِ الْحَاكِمِ إيَّاهَا مِنْ الْوَلِيِّ إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ. اهـ. سم. وَقَوْلُهُ " ضَمِنَهَا الْوَلِيُّ أَيْ غَيْرُ الْحَاكِمِ إلَخْ " عِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَيَضْمَنُ أَيْ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ الْحُكْمُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَمَلُّكٍ) أَيْ فِيمَا يُمْلَكُ أَيْ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِشُرُوطِهِ، وَقَوْلُهُ " أَوْ اخْتِصَاصٍ " أَيْ فِيمَا لَا يُمْلَكُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْخِيَانَةَ وَغَيْرَهَا. وَوَجْهُهُ فِي قَصْدِ الْخِيَانَةِ أَنَّهُ لَمَّا نَسِيَهَا ضَعُفَ قَصْدُهَا فَكَانَ أَمِينًا وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْحِفْظِ أَوْ التَّمَلُّكِ، فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَصَدَ الْخِيَانَةَ) غَايَةٌ، أَيْ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِمُجَرَّدِ قَصْدِ الْخِيَانَةِ بَلْ إنَّمَا يَكُونُ ضَامِنًا، إنْ تَمَلَّكَ أَوْ اخْتَصَّ بَعْدَ التَّعْرِيفِ.

قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَمَلَّكْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فَأَمِينٌ. أَيْ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الِاخْتِصَاصِ أَمِينًا مَا لَمْ يُتْلِفْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْغَصْبِ، شَرْحِ م ر. وَانْظُرْ مَا مَعْنَى الْأَمَانَةِ فِي الِاخْتِصَاصِ مَعَ أَنَّهُ إنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ لَا يَضْمَنُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) هَذَا اسْتِطْرَادٌ لِأَنَّ مَحَلَّهُ سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَخَذَهَا لِلْخِيَانَةِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَا لِخِيَانَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَضَامِنٌ) وَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لِحَاكِمٍ أَمِينٍ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ أَخَذَ لِلْخِيَانَةِ تَعْرِيفُهَا أَيْ لِيَتَمَلَّكَهَا بَعْدَهُ، فَالْمَنْفِيُّ التَّمَلُّكُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهَا لِلْقَاضِي مَا لَمْ يَقْصِدْ الْحِفْظَ وَيَتْرُكُ الْخِيَانَةَ فَإِنْ عَرَّفَهَا فَمُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعُدْ إلَى قَصْدِ الْأَمَانَةِ وَالْحِفْظِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَفَعَ) أَيْ الْخَائِنُ أَوْ غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (تَرْجِعُ إلَى أَرْبَعَةٍ) لِأَنَّ الْوِعَاءَ وَالْعِفَاصَ وَاحِدٌ وَالْعَدَّ وَالْوَزْنَ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ يَشْمَلُهُمَا كَمَا يَشْمَلُ أَيْضًا الْكَيْلَ وَالذَّرْعَ. قَوْلُهُ؛ (مَعْرِفَةُ اثْنَيْنِ) كَانَ الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ: وَتَرْكُ مَعْرِفَةِ أَرْبَعَةٍ كَزِيَادَةِ الْكَيْلِ وَالذَّرْعِ كَمَا يَأْتِي ق ل.

قَوْلُهُ: (وَأَصْلُهُ) أَيْ فِي اللُّغَةِ. وَقَوْلُهُ " كَمَا فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ " هُوَ لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَهُوَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ، وَتَحْرِيرُ التَّنْبِيهِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>