للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُودِعِ وَعَدَمُ الرَّدِّ مِنْ جَانِبِ الْوَدِيعِ نَعَمْ لَوْ قَالَ الْوَدِيعُ أَوْدَعَنِيهِ مَثَلًا فَدَفَعَهُ لَهُ سَاكِتًا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ كَالْعَارِيَّةِ

وَعَلَيْهِ فَالشَّرْطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ وَالْإِيجَابُ إمَّا صَرِيحٌ كَأَوْدَعْتُكَ هَذَا أَوْ اسْتَحْفَظْتُكَهُ أَوْ كِنَايَةٌ مَعَ النِّيَّةِ كَخُذْهُ

(الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ) أَصَالَةً فِي يَدِ الْوَدِيعِ (يُسْتَحَبُّ) لَهُ (قَبُولُهَا) أَيْ أَخْذُهَا (لِمَنْ قَامَ بِالْأَمَانَةِ فِيهَا) بِأَنْ قَدَرَ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَأْخُذْهَا حِسْبَةً أَيْ احْتِسَابًا وَطَلَبًا لِلْأَجْرِ أَوْ خَوْفًا عَلَيْهَا فَلَا يَضْمَنُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى وَلِيِّ أَمْرِ النَّاقِصِ وَقَوْلُهُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِإِتْلَافِهِ الصَّوَابُ فَإِنَّمَا بِالْفَاءِ وَإِسْقَاطُهَا سَرَى لَهُ مِنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ إنَّمَا يَضْمَنُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُودِعِ وَالْوَدِيعِ إمَّا كَامِلٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُكْرَهٌ أَوْ عَبْدٌ وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي سَبْعَةٍ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَتْلَفَ الْوَدِيعَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ يُتْلِفَهَا الْمُودِعُ أَوْ الْوَدِيعُ وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِائَةٌ وَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ

قَوْلُهُ مِنْ جَانِبِ الْمُودِعِ إلَخْ لَوْ قَالَ فَيُشْتَرَطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَعَدَمُ الرَّدِّ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ لَكَانَ أَوْلَى وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ ق ل وَمَعَ ذَلِكَ فَالشَّرْطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْفِعْلُ أَوْ اللَّفْظُ مِنْ الْآخَرِ وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ كَمَا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِاللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ أَوْ بِاللَّفْظِ مِنْهُمَا مَعًا فَلَا يَكْفِي غَيْرُ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ لَهُ احْفَظْ مَتَاعِي فَأَشَارَ أَنْ نَعَمْ لَمْ يَكُنْ وَدِيعًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قَبُولٌ بِاللَّفْظِ وَلَا بِالْفِعْلِ وَإِشَارَةُ النَّاطِقِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَقُومُ أَخْذُ أُجْرَةٍ قِيَامَ الْقَبُولِ وَخَالَفَهُ بَعْضُهُمْ اهـ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَاسْتَحْفَظَ عَلَى حَوَائِجِهِ فَقَبِلَ أَوْ أَعْطَاهُ الْأُجْرَةَ أَوْ قَبَضَ الْعَيْنَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحِفْظُ وَإِلَّا فَلَا يُضْمَنُ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْبَوَّابُ فِي الْخَانِ إذَا أَخَذَ الدَّابَّةَ أَوْ الْأُجْرَةَ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي إدْخَالِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَيَكْفِي قَبْضُهُ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ السُّكُوتِ اهـ وَقَوْلُهُ فَيَكْفِي قَبْضُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ اهـ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا حَمَّلَ دَابَّتَهُ حَطَبًا وَطَلَبَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ أَنْ يَأْخُذُوهَا مَعَهُمْ إلَى مِصْرَ وَيَبِيعُوا الْحَطَبَ لَهُ فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلُوهَا مِنْهُ فَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بِأَقْوَاتِ السَّفَرِ وَيَلْحَقَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَفْعَلْ ثُمَّ إنَّهُمْ حَضَرُوا بِهَا إلَى مِصْرَ وَتَصَرَّفُوا فِي الْحَطَبِ لِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَوَضَعُوا الدَّابَّةَ عِنْدَ دَوَابِّهِمْ فَضَاعَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ وَهُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ كَيْفَ هَذَا مَعَ وَضْعِ يَدِهِمْ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا لِرَدِّهِمْ لِإِذْنِهِ

قَوْلُهُ: (أَمَانَةٌ) أَيْ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ أَوْ وَكِيلٍ، أَمَّا وَدِيعُهُمَا فَضَامِنٌ زي فَإِذَا كَانَ الْمُودِعُ وَلِيًّا أَوْ وَكِيلًا ضَمِنَهَا الْآخِذُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ. وَفِي الْكَافِي: لَوْ أَوْدَعَهُ بَهِيمَةً وَأَذِنَ لَهُ فِي رُكُوبِهَا أَوْ ثَوْبًا وَأَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهِ فَهُوَ إيدَاعٌ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهُ؛ فَإِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ الرُّكُوبِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فَاسِدَةٌ؛ عَزِيزِيٌّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ وَالْمُرَادُ الْوَدِيعَةِ هُنَا الْعَيْنُ الْمُودَعَةُ لَا الْعَقْدُ.

قَوْلُهُ: (أَصَالَةً) أَيْ فَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِفْظُ، فَإِنْ طَرَأَ فِعْلٌ مُضَمَّنٌ فَعَلَى خِلَافِ وَضْعِهَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّوَثُّقُ وَالْأَمَانَةُ فِيهِ تَابِعَةٌ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ ادَّعَى الرَّدَّ مِنْ الْوَدِيعِ وَالْمُرْتَهِنِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَوْ لَا؟ فَفِي الْوَدِيعَةِ يُقْبَلُ لِأَنَّ وَضْعَهَا الْأَمَانَةُ وَفِي الرَّهْنِ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ وَضْعَهُ التَّوَثُّقُ الْمُنَافِي لِلرَّدِّ فَلَا يَصْدُقُ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ أَمْرٌ مُضَمَّنٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ فَوْرًا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّوَثُّقُ لَا الْحِفْظُ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَيَلْزَمُهُ بِالْأَمْرِ الْمُضَمَّنِ الرَّدَّ فَوْرًا لِأَصَالَةِ الْأَمَانَةِ فِيهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْحِفْظُ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ بِالضَّمَانِ وَجَبَ الرَّدُّ فَوْرًا. اهـ. مَدَابِغِيٌّ.

قَوْلُهُ: (قَبُولُهَا) أَيْ قَبُولُ إيدَاعِهَا أَوْ أَخْذُهَا أَوْ عَدَمُ رَدِّهَا وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الثَّانِي وَالضَّمِيرُ فِي قَبُولِهَا إلَخْ لِلْوَدِيعَةِ بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ أَوْ بِمَعْنَى الْعَيْنِ مَعَ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ إيدَاعِهَا اهـ ابْنُ قَاسِمٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّمَا قَالَ أَيْ أَخْذُهَا لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>