تَلَفِهَا كَأَنْ نَقَلَهَا مِنْ مَحَلَّةٍ وَدَارٍ لِأُخْرَى دُونَهَا حِرْزًا، وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ الْمُودِعُ عَنْ نَقْلِهَا لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلتَّلَفِ. نَعَمْ إنْ نَقَلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا مِلْكَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ.
وَكَأَنْ يُودِعَهَا غَيْرَهُ وَلَوْ قَاضِيًا بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُودِعِ وَلَا عُذْرَ لَهُ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ، وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ بِمَنْ يَحْمِلُهَا لِحِرْزٍ أَوْ يَعْلِفُهَا أَوْ يَسْقِيهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ لِعُذْرٍ كَإِرَادَةِ سَفَرٍ وَمَرَضٍ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا أَوْ وَكِيلِهِ فَإِنْ فَقَدَهُمَا رَدَّهَا لِلْقَاضِي، وَعَلَيْهِ أَخْذُهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَوَارِضُ التَّضْمِينِ عَشْرٌ وَدْعُهَا ... وَسَفَرٌ وَنَقْلُهَا وَجَحْدُهَا
وَتَرْكُ إيصَاءٍ وَدَفْعُ مُهْلِكِ ... وَمَنْعُ رَدِّهَا وَتَضْيِيعٌ حُكِيَ
وَالِانْتِفَاعُ وَكَذَا الْمُخَالَفَهْ ... فِي حِفْظِهَا إنْ لَمْ يَزِدْ مَا خَالَفَهْ
أَيْ الَّذِي خَالَفَهُ كَأَنْ قَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ قُفْلًا فَأَقْفَلَ، وَأَخْصَرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ق ل:
عَوَارِضُهَا عَشْرٌ ضَيَاعُ وَدِيعَةٍ ... وَنَقْلٌ وَجَحْدٌ مَنْعُ رَدٍّ لِمَالِكٍ
مُخَالَفَةٌ فِي الْحِفْظِ تَرْكُ وَصِيَّةٍ ... وَسَفَرٌ بِهَا نَفْعٌ بِهَا تَرْكُ هَالِكٍ
أَيْ تَرْكُ الْمُهْلِكِ لَهَا وَلَمْ يَدْفَعْهُ.
قَوْلُهُ: (كَأَنْ نَقَلَهَا) أَيْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (دُونَهَا حِرْزًا) أَيْ وَقَدْ عَيَّنَ لَهُ الْمُودِعُ الْحِرْزَ الْأَوَّلَ كَمَا فِي م ر، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ دُونَهَا حِرْزًا أَيْ وَلَوْ حِرْزُ مِثْلِهَا اهـ. وَقَالَ أج: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَهَا مِنْ حِرْزٍ إلَى آخَرَ وَالْأَوَّلُ أَحْرَزُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الضَّمَانُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا نَقَلَهَا إلَى دُونِ حِرْزِهَا أَيْ الْعَيْنَ الْمُودَعَةَ اهـ. وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُودِعُ الْحِرْزَ الْأَوَّلَ. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ " دُونَهَا " أَيْ دُونَ الْمَحَلَّةِ أَوْ الدَّارِ أَوْ دُونَ الْوَدِيعَةِ وَهَذَا قَرِيبٌ إلَى كَلَامِهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ) الصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ لِأَنَّهُ مَعَ النَّهْيِ يَضْمَنُ بِنَقْلِهَا مُطْلَقًا وَلَوْ إلَى حِرْزِ مِثْلِهَا أَوْ أَحْرَزَ ق ل. وَيُمْكِنُ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ. وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: نَعَمْ إنْ كَانَ الثَّانِي حِرْزَ مِثْلِهَا وَلَمْ يَنْهَهُ الْمَالِكُ فَلَا ضَمَانَ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَضْمَنْ) لِعُذْرِهِ.
قَوْلُهُ: (غَيْرَهُ) أَيْ وَلَوْ وَلَدَهُ. أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ. فَرْعٌ: لَوْ أَخَذَ الظَّافِرُ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ وَأَوْدَعَهُ إنْسَانًا فَرَدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ جِنْسِ حَقِّهِ ضَمِنَ. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُودِعَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَا يَدِهِ، أَيْ فَيَكُونُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِهَا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ، فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِي وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ جَاهِلًا، أَمَّا الْعَالِمُ فَلَا لِأَنَّهُ غَاضِبٌ أَوْ الْأَوَّلَ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ لَا إنْ جَهِلَ اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ) تَقْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ أَمَانَةِ الْمُسْتَعَانِ بِهِ أَوْ مُبَاشَرَتِهِ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا وَلَمْ يُبَاشِرْهُ ضَمِنَهَا م ر. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهَا مَنْ يَسْقِيَهَا وَهُوَ غَيْرُ ثِقَةٍ ضَمِنَهَا. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (بِمَنْ يَحْمِلْهَا) وَلَوْ خَفِيفَةً أَمْكَنَهُ حَمْلُهَا بِلَا مَشَقَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ، شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ لِعُذْرٍ) هَذَا لَيْسَ مِنْ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ بَلْ مِنْ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (كَإِرَادَةِ سَفَرٍ) وَإِنْ قَصُرَ وَكَانَ مُبَاحًا ز ي.
قَوْلُهُ: (وَمَرَضٍ) أَيْ مَخُوفٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْ حَبْسٍ لِقَتْلٍ. وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِذَلِكَ كُلَّ حَالَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّبَرُّعُ مِنْ الثُّلُثِ كَوُقُوعِ الطَّاعُونِ بِالْبَلَدِ، نَعَمْ الْحَبْسُ لِلْقَتْلِ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ هُنَا لَا ثَمَّ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ آدَمِيٌّ نَاجِزٌ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرَ بِجَعْلِ مُقَدِّمَةِ مَا يُظَنُّ بِهِ الْمَوْتُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ؛ شَوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَقَدَهُمَا) أَيْ لِغَيْبَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَقَالَ م د: لَعَلَّ ضَابِطَ الْفَقْدِ مَسَافَةُ الْعَدْوَى. وَقَالَ م ر. لَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَمِثْلُ الْفَقْدِ حَبْسُهُمَا وَلَوْ فِي الْبَلَدِ وَعَسُرَ الْوُصُولُ إلَيْهِمَا. وَتَرْتِيبُ مَا ذُكِرَ وَاجِبٌ، فَلَوْ تُرِكَ ضَمِنَ كَأَنْ رَدَّهَا لِأَمِينٍ مَعَ إمْكَانِهِ لِقَاضٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (رَدَّهَا لِلْقَاضِي) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ جَائِزًا كَقُضَاةِ زَمَانِنَا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَمَتَى تُرِكَ هَذَا التَّرْتِيبُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ ضَمِنَ قَالَ الْفَارِقِيُّ إلَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا