حُكْمِ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ اجْتِهَادًا، وَتَحَقُّقِ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ، وَمَعْرِفَةُ إدْلَائِهِ لِلْمَيِّتِ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ، وَالْجِهَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْإِرْثِ تَفْصِيلًا.
وَالْمَوَانِعُ أَيْضًا أَرْبَعَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْهَائِمِ فِي شَرْحِ كَافِيَتِهِ: الرِّقُّ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَوَلَاءٌ) وَهُوَ عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا نِعْمَةُ الْمُعْتِقِ بِالْعِتْقِ عَلَى رَقِيقٍ، وَيُوَرَّثُ بِهِ أَيْ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيُوَرَّثُ بِالْقَرَابَةِ فَرْضًا وَتَعْصِيبًا وَبِالنِّكَاحِ فَرْضًا فَقَطْ وَبِالْوَلَاءِ وِجْهَةُ الْإِسْلَامِ تَعْصِيبًا فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (وِجْهَةُ الْإِسْلَامِ) وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِبَيْتِ الْمَالِ. وَعَبَّرَ بِالْجِهَةِ دُونَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ لِتَعَذُّرِهِ، وَيُعْطَى مِنْهُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّ الْإِرْثَ بِالْجِهَةِ يُرَاعَى فِيهِ الْمَصْلَحَةُ. وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ تَحْقِيقِ حَيَاةِ الْوَارِثِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ إذَا كَانَ إرْثُهُ بِسَبَبٍ خَاصٍّ وَهَذَا بِسَبَبٍ عَامٍّ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِسْلَامَ لَوَجَبَ التَّعْمِيمُ حَيْثُ كَانَ الْمَالُ يَكْفِي جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُعْطَ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ وُلِدَ لِعَدَمِ كَوْنِهِ وَارِثًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَيُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِمَامِ كَأَنْ يَمْلِكَ بِنْتَ عَمِّهِ ثُمَّ يُعْتِقَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ تَمُوتُ وَلَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُهُ فَهُوَ زَوْجُهَا وَابْنُ عَمِّهَا وَمُعْتِقُهَا وَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تُصُوِّرَتْ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ بِجَمِيعِهَا وَأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر؛ أَيْ فَيَكُونُ السَّبَبُ الرَّابِعُ مَوْجُودًا فِيهِ. وَقَوْلُهُ: " وَإِنْ لَمْ يَرِثْ بِهِ " أَيْ بَلْ يَرِثُ بِكَوْنِهِ زَوْجًا وَابْنَ عَمٍّ ع ش.
قَوْلُهُ: (حُكْمًا أَوْ تَقْدِيرًا) كَجَنِينٍ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ تُوجِبُ الْغُرَّةَ فَتُوَرَّثُ عَنْهُ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَهُ كَمَا زَادَهُ زي. قَوْلُهُ: (وَتَحَقُّقُ حَيَاةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ زي وَثَانِيهَا تَحَقُّقُ وُجُودِ الْمُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ حَيًّا عِنْدَ الْمَوْتِ تَحْقِيقًا كَانَ الْوُجُودُ أَوْ تَقْدِيرًا، كَحَمْلٍ انْفَصَلَ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ نُطْفَةً وَثَالِثُهَا: تَحَقُّقُ اسْتِقْرَارِ حَيَاةِ هَذَا الْمُدْلِي بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ أَوْ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ لَمْ يُعَدّ مِلْكه إلَيْهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِالْعَوْدِ لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ لِتَرِكَتِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ بِالْإِحْيَاءِ تَبَيَّنَ عَدَمُ مَوْتِهِ؛ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْفَرْضِ فِي السُّؤَالِ إذْ لَا تُوجَدُ الْمُعْجِزَةُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَوْتِ وَعِنْدَ تَحَقُّقِهِ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ لِلْوَرَثَةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِذَا وُجِدَ الْإِحْيَاءُ كَانَتْ هَذِهِ حَيَاةً جَدِيدَةً مُبْتَدَأَةً بِلَا تَبَيُّنِ عَوْدِ مِلْكٍ، وَيَلْزَمُهُ أَنَّ نِسَاءَهُ لَوْ تَزَوَّجْنَ أَنْ يَعُدْنَ لَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَبْقَى نِكَاحُهُنَّ الثَّانِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ وَالْعِصْمَةِ مُحَقَّقٌ وَعَوْدُهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيَسْتَصْحِبُ زَوَالَهُمَا حَتَّى يَثْبُتَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَوْدِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ فَوَجَبَ الْبَقَاءُ مَعَ الْأَصْلِ. اهـ. شَرْحُ م ر وع ش.
قَوْلُهُ: (وَمَعْرِفَةُ إدْلَائِهِ) أَيْ تَوَصُّلِهِ وَانْتِسَابِهِ إلَى الْمَيِّتِ بِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، أَيْ إجْمَالًا، وَالْمُرَادُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ لِمَنْ يُقَسِّمُ التَّرِكَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْجِهَةُ) أَيْ وَمَعْرِفَةُ الْجِهَةِ تَفْصِيلًا، وَهَذَا يُغْنِي عَنْ الشَّرْطِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ وَهَذَا الشَّرْطُ يَخْتَصُّ بِالْقَاضِي، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِرْثِ مُطْلَقَةً كَقَوْلِ الشَّاهِدِ لِلْقَاضِي: هَذَا وَارِثُ هَذَا، بَلْ لَا بُدَّ فِي شَهَادَتِهِ مِنْ بَيَانِ الْجِهَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ الْإِرْثَ مِنْهُ. اهـ. ز ي. وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ هُوَ ابْنُ عَمِّهِ لِصِدْقِهِ بِالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقُرْبِ وَالدَّرَجَةِ الَّتِي اجْتَمَعَ فِيهَا الْوَارِثُ وَالْمُوَرِّثُ وَهُوَ الْجَدُّ الْقَرِيبُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْقُرَشِيَّ مَثَلًا إذَا مَاتَ فَكُلُّ قُرَشِيٍّ وُجِدَ عِنْدَ مَوْتِهِ ابْنُ عَمِّهِ وَلَا يَرِثُهُ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ عُلِمَ أَقْرَبِيَّتُهُ لِلْمَيِّتِ. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ: " لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقُرْبِ " بِأَنْ يَقُولَ ابْنُ عَمِّهِ: بِلَا وَاسِطَةٍ. وَقَوْلُهُ: " وَالدَّرَجَةُ " أَيْ الْقُوَّةُ، كَقَوْلِهِ: هُوَ ابْنُ عَمٍّ شَقِيقٍ.
قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةٌ) وَزِيدَ عَلَيْهَا الرِّدَّةُ وَاخْتِلَافُ الدَّارِ بِالذِّمَّةِ وَالْحِرَابَةُ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْمَوَانِعِ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ دِينٍ لِآخَرَ فِي مَعْنَى الرِّدَّةِ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (كَافِيَتِهِ) صَوَابُهُ كِفَايَتِهِ لِأَنَّهُ قَالَ: سَمَّيْتُهَا كِفَايَةَ أَلْفَاظٍ لِجَمْعِهَا مَعَ قِلَّةِ الْأَلْفَاظِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الَّذِي رَأَيْته بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ كِفَايَتُهُ وَحِينَئِذٍ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ اهـ أج.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute