كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ أَوْ قَابِلٍ التَّعْلِيمَ، وَبِنَحْوِ زِبْلٍ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ كَسَمَادٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ قَابِلٍ لِلدِّبَاغِ، وَزَيْتٍ نَجِسٍ وَمَيْتَةٍ لِطُعْمِ الْجَوَارِحِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِي ذَلِكَ. وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ أَحَدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَغَتْ وَصِيَّتُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَكِلَابٌ وَأَوْصَى بِهَا كُلِّهَا أَوْ بِبَعْضِهَا نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ وَإِنْ كَثُرَتْ الْكِلَابُ وَقَلَّ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ خَيْرٌ مِنْ الْكِلَابِ
(وَ) تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالشَّيْءِ (الْمَجْهُولِ) عَيْنِهِ كَأَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِمَالِي الْغَائِبِ أَوْ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي، أَوْ قَدْرُهُ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، أَوْ نَوْعُهُ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِصَاعِ حِنْطَةٍ، أَوْ جِنْسُهُ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِثَوْبٍ، أَوْ صِفَتُهُ كَالْحَمْلِ الْمَوْجُودِ وَكَانَ يَنْفَصِلُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ، وَبِمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَالطَّيْرِ الطَّائِرِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَخْلُفُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَيْ بِالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً إنْ كَانَتْ مُنَجَّزَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَهَا بِعَدَمِ عِتْقِهِ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِهِ إنْ لَمْ يُعْتَقْ بِأَنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى الْفَاسِدَةِ كَانَتْ الْغَايَةُ صَحِيحَةً وَإِنْ حُمِلَتْ عَلَى الصَّحِيحَةِ كَانَتْ الْغَايَةُ ضَعِيفَةً.
قَوْلُهُ: (كَسَمَادٍ) أَيْ سِرْجِينٍ وَرَمَادٍ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ السَّمَادُ بِوَزْنِ كَلَامٍ مَا يَصْلُحُ بِهِ الزَّرْعُ مِنْ تُرَابٍ وَسِرْجِينٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّبَاخِ.
قَوْلُهُ: (قَابِلٍ لِلدِّبَاغِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَا يَقْبَلُ الدِّبَاغَ، أَيْ مَا لَا يَطْهُرُ بِهِ وَهُوَ جِلْدُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ اهـ.
قَوْلُهُ: (لِطُعْمِ الْجَوَارِحِ) بِضَمِّ الطَّاءِ كَالْكِلَابِ وَالطُّيُورِ.
قَوْلُهُ: (وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ) أَيْ لَا غَيْرِهَا، وَهِيَ مَا عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِ، أَمَّا خَمْرَةُ الْكَافِرِ فَمُحْتَرَمَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ أَحَدَهَا) أَيْ بِتَعْيِينِ الْوَارِثِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ وَقْتَ الْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: (لَغَتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ يَتَعَذَّرُ شِرَاؤُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ اتِّهَابُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلْبَ يَتَعَذَّرُ شِرَاؤُهُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ النُّزُولِ عَنْ الِاخْتِصَاصِ، فَهَلَّا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ إذَا قَالَ مِنْ مَالِي لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِهِ بِالْمَالِ بِهَذَا الطَّرِيقِ. قَالَهُ سم. وَقَوْلُهُ " اتِّهَابُهُ " أَيْ قَبُولُهُ، وَإِلَّا فَالْهِبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا يُمْلَكُ فَالْهِبَةُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَبُولِ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " لَهُ مَالٌ " مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَلْ لَهُ كِلَابٌ فَقَطْ وَأَوْصَى بِهَا، أَوْ لَهُ مَالٌ وَكِلَابٌ وَأَوْصَى بِهَا، وَبِثُلُثِ الْمَالِ الْمُتَمَوَّلِ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا عَدَدًا لَا قِيمَةً إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ مُلَخَّصًا. فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سِتَّةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَجْرِي فِي النَّجِسِ الَّذِي يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ اهـ م ر. وَقَوْلُهُ " وَأَوْصَى بِهَا " أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الَّتِي بَعْدَهَا، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ قَوْلُهُ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سِتَّةٌ. وَقَوْلُهُ " فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا عَدَدًا " هَذَا إذَا كَانَتْ مُفْرَدَةً عَنْ اخْتِصَاصٍ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْأَجْنَاسِ فَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِفَرْضِ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً كَأَنْ خَلَفَ كَلْبًا نَافِعًا وَخَمْرَةً وَزِبْلًا وَقَدْ أَوْصَى بِهَا فَيَأْخُذُ ثُلُثَهَا بِفَرْضِ الْقِيمَةِ كَمَا ذُكِرَ اهـ.
قَوْلُهُ (أَوْ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي) وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ سم.
تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُوصَى بِهِ كَوْنُهُ مَقْصُودًا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: الرُّكْنُ الثُّلُثُ الْمُوصَى بِهِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِدَمٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ وَلَا بِمِزْمَارٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ كَالْمُعْدَمَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى عَيْنِهِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَنْفَصِلُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، لَكِنْ كَيْفَ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ وُجُودِ الْمُوصَى بِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلتَّصْوِيرِ لِفَقْدِ الصِّفَةِ فَقَطْ دُونَ الْمَوْصُوفِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولُ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَانَ يَنْفَصِلُ مِثَالٌ لِلْمَوْجُودِ الَّذِي صِفَتُهُ مَجْهُولَةٌ وَهِيَ الذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ وَإِلَّا فَالْوَصِيَّةُ تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَبِالْمَعْدُومِ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: إنْ انْفَصَلَ إلَخْ، قَالَ عِ ش: أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ هُنَاكَ تَفْرِيقٌ مُحَرَّمٌ بِأَنْ عَاشَ الْمُوصِي إلَى تَمْيِيزِ الْمُوصَى بِهِ، أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمْيِيزِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. اهـ طب. وَمَالَ إلَيْهِ سم نَقْلًا عَنْ م ر خِلَافًا لِلزِّيَادِيِّ.
قَوْلُهُ: (لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا) بِأَنْ تَلِدَهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا، فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ أَوْ كَانَتْ فِرَاشًا لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ وَهَذَا فِي حَمْلِ الْآدَمِيِّ، أَمَّا حَمْلُ الْبَهِيمَةِ فَيُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ