سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْهَا وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ أَوْ انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا فِي الْأُولَى وَلِعَدَمِ وُجُودِهِ عِنْدَهَا فِي الثَّانِيَةِ. وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ وَمَصَالِحِهِ وَمُطْلَقًا وَتُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِمَا عَمَلًا بِالْعُرْفِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت تَمْلِيكَهُ فَقِيلَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ. وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ صِحَّتَهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ، أَيْ وَكَانَتْ فِرَاشًا. قَالَ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السِّتَّةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الْفِرَاشِ مَعَهَا وَأَنَّ الْأَرْبَعَ سِنِينَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا، وَهُوَ الرَّاجِحُ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا) لَا يُقَالُ الْعِلْمُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَصِلُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يَمْكُثَ فِي الْبَطْنِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَلَا يَمْنَعُ غَلَبَةَ الظَّنِّ الْمُرَادَةِ هُنَا بِالْعِلْمِ. اهـ. سم. قَوْلُهُ: (أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدُّونِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا فَوْقُ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ) أَيْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَفِي تَقْدِيرِ الزِّنَا إسَاءَةُ ظَنٍّ، نَعَمْ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا قَطُّ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ اهـ. وَقَوْلُهُ: " لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا "؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ عَقِبَ الْعُلُوقِ فِيمَا إذَا انْفَصَلَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ فَالْأَرْبَعَةُ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ أَيْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، فَلَا يُرَدُّ إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ الزِّنَا. وَعِبَارَةُ سم.
قَوْلُهُ: " لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ " أَيْ وَلَمْ يُلْتَفَتْ لِذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِرَاشًا لِوُجُودِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْفِرَاشُ اهـ. وَقَوْلُهُ: " نَعَمْ لَوْ لَمْ تَكُنْ " أَيْ وَوَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، فَلَوْ وَضَعَتْهُ لِدُونِهَا فَإِنَّهَا تَصِحُّ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ مِنْ زِنًا أَوْ شُبْهَةٍ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ كَمَا أَفَادَهُ ع ش. وَقَوْلُهُ: " لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ " لِانْتِفَاءِ الظُّهُورِ حِينَئِذٍ وَانْحِصَارِ الطَّرِيقِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ الزِّنَا اهـ. قَوْلُهُ: (لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ) أَيْ أَمْكَنَ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَمْسُوحًا وَلَا غَائِبًا فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ) أَيْ الْأَحَدِ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ انْفَصَلَ " أَيْ أَوْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لَكِنْ انْفَصَلَ إلَخْ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: الْمُرَادُ بِالْفِرَاشِ وُجُودُ وَطْءٍ يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ بَعْدَ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، بَلْ الْوَطْءُ لَيْسَ قَيْدًا إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يُحَالُ وُجُودُ الْحَمْلِ عَلَيْهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ) أَيْ إنْشَاءً أَوْ تَرْمِيمًا كَمَا فِي م ر، فَمَا فِي ق ل مِنْ قَوْلِهِ مَسْجِدٍ مَوْجُودٌ لَيْسَ قَيْدًا شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ. وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِهِ لِلْمَسْجِدِ وَإِنْ أَرَادَ تَمْلِيكَهُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ حُرٌّ يَمْلِكُ أَيْ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ، وَتُحْمَلُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَيَصْرِفُهُ النَّاظِرُ لِلْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ اهـ؛ أَيْ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ الصَّرْفُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَدْفَعُهُ لِلنَّاظِرِ أَوْ لِمَنْ أَقَامَهُ النَّاظِرُ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ النَّذْرِ لِإِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْأَضْرِحَةِ الْمَشْهُورَةِ فَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ صَرْفُهُ لِمُتَوَلِّي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ فِيهِ. وَمِنْهُ أَنْ يَصْنَعَ بِذَلِكَ طَعَامًا أَوْ خُبْزًا لِمَنْ يَكُونُ بِالْمَحَلِّ الْمَنْذُورِ عَلَيْهِ لِخَدَمَتِهِ الَّذِينَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ لِقِيَامِهِمْ بِمَصَالِحِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ لِكُسْوَةِ الْكَعْبَةِ أَوْ الضَّرِيحِ النَّبَوِيِّ وَكَانَا غَيْرَ مُحْتَاجَيْنِ لِذَلِكَ حَالًا وَفِيمَا شُرِطَ مِنْ وَقْفِهِ لِكُسْوَتِهِمَا مَا يَفِي بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَيَدَّخِرَ مَا أَوْصَى بِهِ أَوْ تُجَدَّدَ لَهُ كُسْوَةٌ أُخْرَى لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعْظِيمِ اهـ ع ش.
قَوْلُهُ: (وَمَصَالِحِهِ) عَطْفٌ عَامٌّ أَيْ وَلَوْ غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَمُطْلَقًا) بِأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْتُ بِهِ لِلْمَسْجِدِ، وَمِثْلُهُ الْوَصِيَّةُ لِلْكَعْبَةِ وَالضَّرِيحِ النَّبَوِيِّ فَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِهِمَا الْخَاصَّةِ بِهِمَا كَتَرْمِيمِ مَا وَهَى أَيْ سَقَطَ مِنْ الْكَعْبَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الْحَرَمِ وَالْأَوْجَهُ صِحَّتُهَا كَالْوَقْفِ عَلَى ضَرِيحِ الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ، وَيُصْرَفُ فِيمَا يُصْلِحُ قَبْرَهُ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ الْجَائِزِ وَمَنْ يَخْدُمُهُ أَوْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا صِحَّتُهَا بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ فِي غَيْرِ مُسَبَّلَةٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَنَاطِرُ وَالْجُسُورُ وَالْآبَارُ الْمُسَبَّلَةُ. اهـ. ع ش. أَمَّا إذَا قَالَ أَوْصَيْتُ بِهِ لِلشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ وَلَمْ يَنْوِ ضَرِيحَهُ أَوْ نَحْوَهُ فَبَاطِلَةٌ، وَإِذَا أَوْصَى لِمَسْجِدٍ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ نَاظِرِهِ، قَالَ ع ش: بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ كَذَا هَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ مَا يُسَمَّى عِمَارَةً عُرْفًا، وَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إنْشَاءِ صِيغَةِ وَقْفٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، حَيْثُ كَانَتْ الْعِمَارَةُ تَرْمِيمًا أَوْصَى بِهِ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِنْشَاءِ مَسْجِدٍ فَاشْتَرَى قِطْعَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute