وَنَحْوِهِ بَلْ يَتَزَوَّجُ.
وَكُرِهَ النِّكَاحُ لِغَيْرِ التَّائِقِ لَهُ لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا إنْ فَقَدَ أُهْبَتَهُ أَوْ وَجَدَهَا وَكَانَ بِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ وَتَعْنِينٍ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ، مَعَ الْتِزَامِ فَاقِدِ الْأُهْبَةِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَخَطَرَ الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ فِيمَا عَدَاهُ وَإِنْ وَجَدَهَا وَلَا عِلَّةَ بِهِ، فَتَخَلٍّ لِعِبَادَةٍ أَفْضَلُ مِنْ النِّكَاحِ إنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا اهْتِمَامًا بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ لِئَلَّا تُفْضِيَ بِهِ الْبَطَالَةُ إلَى الْفَوَاحِشِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَعَلَّلَهُ بِالْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ الْكُفْرِ وَالِاسْتِرْقَاقِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُخَاطَبٌ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) أَيْ الصَّوْمَ، وَقَوْلُهُ: " لَهُ " أَيْ لِمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لِتَوَقَانِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَكْسِرُهُ) أَيْ التَّوَقَانَ بِالْكَافُورِ، أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُفَتِّرُهَا، وَلَوْ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالِ ضِدِّ ذَلِكَ مِنْ الْأَدْوِيَةِ أَمْكَنَ، وَمَا جُزِمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَطْعِ لَهَا مُطْلَقًا. اهـ. م ر؛ أَيْ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ قَطَعَ الشَّهْوَةَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيُكْرَهُ إنْ أَضْعَفَهَا وَقَطْعُ الْحَبْلِ مِنْ الْمَرْأَةِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّسَبُّبِ إلَى إلْقَاءِ النُّطْفَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي الرَّحِمِ، فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: يَجُوزُ إلْقَاءُ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْإِحْيَاءِ فِي مَبْحَثِ الْعَزْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ آيِلَةٌ إلَى التَّخَلُّقِ الْمُهَيَّأِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَزْلُ اهـ ابْنُ حَجَرٍ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (بَلْ يَتَزَوَّجُ) أَيْ يُبَاحُ لَهُ التَّزَوُّجُ وَيُكَلَّفُ اقْتِرَاضَ الْمَهْرِ إنْ لَمْ تَرْضَ بِذِمَّتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَكُرِهَ النِّكَاحُ لِغَيْرِ التَّائِقِ إلَخْ) لَوْ طَرَأَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ لَا لِقُوَّةِ الدَّوَامِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الزَّرْكَشِيّ وَالثَّانِي هُوَ الْوَجْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ابْنِ حَجَرٍ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ التَّائِقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ الِاسْتِئْنَاسِ لَا تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ عَمِيرَةُ.
قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ النِّكَاحِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْبَاءَةِ؛ لِأَنَّهَا مُؤَنُ النِّكَاحِ، لَكِنْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ لِتَوَقَانِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا) كَاشْتِغَالِهِ بِحُزْنٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ نَحْوِ ظَالِمٍ أَوْ كَانَ لَا يَشْتَهِيهِ خَلْقُهُ؛ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " لِعِلَّةٍ " أَيْ دَائِمَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَتَعْنِينٍ) أَيْ دَائِمٍ، بِخِلَافِ مَنْ يَعِنُّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ اهـ س ل. وَقَوْلُهُ: " فِيمَا عَدَاهُ " أَيْ وَهُوَ صَاحِبُ الْعِلَّةِ كَالْهَرَمِ وَنَحْوِهِ، وَالْمُرَادُ بِوَاجِبِهِ الْوَطْءُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِوَاجِبِهِ النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ يَكُونُ الْقِيَامُ بِنَفَقَتِهَا وَكُسْوَتِهَا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا عِلَّةَ بِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ تَائِقٍ.
قَوْلُهُ: (فَتَخَلٍّ لِعِبَادَةٍ) وَفِي مَعْنَاهُ الِاشْتِغَالُ بِطَلَبِ الْعِلْمِ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ مِنْ النِّكَاحِ) أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ هُنَا عَلَى بَابِهِ إذَا قُصِدَ بِالنِّكَاحِ نَحْوُ وَلَدٍ صَالِحٍ، وَأَمَّا. قَوْلُهُ بَعْدُ: " أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ " فَلَيْسَ عَلَى بَابِهِ، أَوْ يُقَالُ: قَوْلُهُ: " أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ " أَيْ إنْ فُرِضَ أَنَّ فِي التَّرْكِ فَضِيلَةً فَهُوَ عَلَى بَابِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا قَالُوهُ فِي الْعَسَلِ أَحْلَى مِنْ الْخَلِّ عَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَلِّ حَلَاوَةً، وَصَرِيحُ هَذَا أَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ مِنْ الْعِبَادَةِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ مِنْهَا إنْ قَصَدَ بِهِ إعْفَافًا أَوْ نَحْوَ وَلَدٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ تَقْدِيمُ النِّكَاحِ عَلَى التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ.
قَوْلُهُ: (لِئَلَّا تُفْضِيَ) أَيْ تُؤَدِّيَهُ وَتُوقِعَهُ الْبَطَالَةُ فِي الْفَوَاحِشِ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
إنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَّهْ ... مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيَّ مَفْسَدَهْ
وَالْمُرَادُ بِالْفَوَاحِشِ هُنَا خُصُوصُ الْوَطْءِ لَا مَا يَشْمَلُ التَّمَتُّعَ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ يُمْكِنُ حَتَّى مِنْ الْمُتَخَلِّي لِلْعِبَادَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ مَا لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ وَإِلَّا وَجَبَ.
قَوْلُهُ: (الشُّرُوطُ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ إذْ الْمُتَقَدِّمُ شَرْطَانِ وَهُمَا التَّوَقَانُ وَوُجُودُ الْأُهْبَةِ.
قَوْلُهُ: (بِالْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ الْكُفْرِ) أَيْ بِأَنْ يَمُوتَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ لَا يُمَيِّزُ وَيَنْبَهِمُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الَّذِي أَسَرَّهُ الْحَالَ، فَرُبَّمَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ.
قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِرْقَاقِ) أَيْ لَوْ