للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَنْبِيهٌ: نُصَّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ يُسَنُّ لَهَا النِّكَاحُ، وَفِي مَعْنَاهَا الْمُحْتَاجَةُ إلَى النَّفَقَةِ وَالْخَائِفَةُ مِنْ اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ. وَيُوَافِقُهُ مَا فِي التَّنْبِيهِ مِنْ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهَا النِّكَاحُ إنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهَا النِّكَاحُ وَإِلَّا كُرِهَ، فَمَا قِيلَ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا مَرْدُودٌ؛

وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِكْرًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ: «هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك»

ــ

[حاشية البجيرمي]

سُبِيَتْ أُمُّهُ حَامِلًا بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَعَلَى كَرَاهَةِ التَّسَرِّي أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سم.

قَوْلُهُ: (التَّائِقَةَ) أَيْ الْمُشْتَاقَةَ.

قَوْلُهُ: (وَالْخَائِفَةُ مِنْ اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ) أَيْ يُسَنُّ لَهَا النِّكَاحُ، بَلْ الْوَجْهُ وُجُوبُهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّهُمْ لَا يَنْدَفِعُونَ عَنْهَا إلَّا بِهِ وَحُرْمَتُهُ إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِ وَعَلِمَتْ مِنْ نَفْسِهَا أَنَّهَا لَا تَقُومُ بِوَاجِبِ حَقِّ الزَّوْجِ ابْنُ حَجَرٍ زِيَادِيٌّ. وَقَوْلُهُ: " وُجُوبُهُ " أَيْ عَلَيْهَا بِأَنْ تُطَالِبَ وَلِيَّهَا أَوْ تَرْفَعَ الْأَمْرَ لِحَاكِمٍ، وَمَعْنَى الِاقْتِحَامِ فِي اللُّغَةِ الْمُجَاوَزَةُ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَاقْتَحَمَ عَقَبَةً أَوْ وَهْدَةً رَمَى بِنَفْسِهِ فِيهَا وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ اقْتَحَمَ الْفَرَسُ النَّهْرَ إذَا دَخَلَ فِيهِ وَتَقَحَّمَ مِثْلُهُ. وَعِبَارَةُ م ر: وَيُنْدَبُ لِلتَّائِقَةِ وَأُلْحِقَ بِهَا مُحْتَاجَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَخَائِفَةٌ مِنْ اقْتِحَامِ فَجَرَةٍ. وَفِي التَّنْبِيهِ: مَنْ جَازَ لَهَا النِّكَاحُ إنْ احْتَاجَتْهُ نُدِبَ لَهَا وَإِلَّا كُرِهَ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ نَقَلَ وُجُوبَهُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهَا الْفَجَرَةُ إلَّا بِهِ، وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ ضَعْفُ قَوْلِ الزَّنْجَانِيِّ " يُسَنُّ لَهَا مُطْلَقًا " إذْ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِهَا وَسَتْرِهَا، وَقَوْلِ غَيْرِهِ " لَا يُسَنُّ لَهَا مُطْلَقًا "؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا حُقُوقًا خَطِيرَةً لِلزَّوْجِ لَا يَتَيَسَّرُ لَهَا الْقِيَامُ بِهَا، وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ الْوَعِيدُ، الشَّدِيدُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ عَلِمَتْ مِنْ نَفْسِهَا عَدَمَ الْقِيَامِ بِهَا وَلَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِ حَرُمَ عَلَيْهَا اهـ. وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ.

وَقَوْلُهُ: " عَدَمَ الْقِيَامِ بِهَا " أَيْ بِحَاجَتِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّكَاحِ، كَاسْتِعْمَالِهَا الطِّيبَ إذَا أَمَرَهَا بِهِ وَالتَّزَيُّنِ بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَإِحْضَارِ مَا تَتَزَيَّنُ بِهِ لَهَا، وَلَيْسَ مِنْ الْحَاجَةِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ تَهْيِئَةِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ لِلزَّوْجِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهَا وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَفِي الْحَدِيثِ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا تُنَالُ الْمَعِيشَةُ فِيهِ إلَّا بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ حَلَّتْ الْعُزُوبِيَّةُ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا أَتَى عَلَى أُمَّتِي مِائَةٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً فَقَدْ حَلَّتْ الْعُزُوبِيَّةُ وَالْعُزْلَةُ وَالتَّرَهُّبُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ» وَالْحَدِيثَانِ مَذْكُورَانِ فِي الْكَشَّافِ؛ وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُهُ فِيهِ: وَرُبَّمَا كَانَ وَاجِبَ التَّرْكِ إذَا أَدَّى إلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ مَفْسَدَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:

تَزَوَّجْت لَمْ أَعْلَمْ وَأَخْطَأْت لَمْ أُصِبْ ... فَيَا لَيْتَنِي قَدْ مِتّ قَبْلَ التَّزَوُّجِ

فَوَاَللَّهِ مَا أَبْكِي عَلَى سَاكِنِ الثَّرَى ... وَلَكِنَّنِي أَبْكِي عَلَى الْمُتَزَوِّجِ

وَقَالَ بَعْضُ الْأَعْرَابِ: التَّزَوُّجُ فَرَحُ شَهْرٍ وَغَمُّ دَهْرٍ وَكَسْرُ ظَهْرٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِكْرًا) هَذَا شُرُوعٌ فِي أَوْصَافِ الزَّوْجَةِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوْصَافِ الزَّوْجِ. وَفِي مَعْنَى الْبِكْرِ مَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِنَحْوِ حَيْضٍ، وَفِي مَعْنَى الثَّيِّبِ مَنْ لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا مَعَ وُجُودِ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا كَالْغَوْرَاءِ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ إلَّا مِنْ بِكْرٍ، وَقِيَاسُهُ نَدْبُ نَظِيرِ الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ فِي الزَّوْجِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ بِأَنْ يَكُونَ دَيِّنًا جَمِيلًا وَلُودًا إلَخْ. قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَطْيَبُ أَفْوَاهًا وَأَضْيَقُ أَرْحَامًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنْ الْجِمَاعِ» وَقَوْلُهُ: «أَنْتَقُ أَرْحَامًا» أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ الْكَثِيرَةِ الْأَوْلَادِ نَاتِقٌ وَفِي الْبَكَارَةِ ثَلَاثَةُ فَوَائِدَ: إحْدَاهُمَا أَنْ تُحِبَّ الزَّوْجَ الْأَوَّلَ وَتَأْلَفَهُ وَالطِّبَاعُ مَجْبُولَةٌ عَلَى الْأُنْسِ بِأَوَّلِ مَأْلُوفٍ، وَأَمَّا الَّتِي مَارَسَتْ الرِّجَالَ فَرُبَّمَا لَا تَرْضَى بِبَعْضِ الْأَوْصَافِ الَّتِي تُخَالِفُ مَا أَلِفَتْهُ فَتَكْرَهُ الزَّوْجَ الثَّانِيَ. الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ فِي مَوَدَّتِهِ لَهَا. الثَّالِثَةُ: لَا تَحِنُّ إلَّا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ. وَلِبَعْضِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>