للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيَجُوزُ لِلْحُرِّ أَنْ يَجْمَعَ) فِي نِكَاحٍ (بَيْنَ أَرْبَعِ حَرَائِرَ) فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ: أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» وَإِذَا امْتَنَعَ فِي الدَّوَامِ فَفِي الِابْتِدَاءِ أَوْلَى.

فَائِدَةٌ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ كَانَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْجَوَازُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْكُبْرَى وَأُمُّ كُلْثُومَ الْكُبْرَى فَكَانَتْ جُمْلَةُ أَوْلَادِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا الذُّكُورِ أَرْبَعَةَ عَشَرَةَ ذَكَرًا وَأَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ سَبْعَ عَشْرَةَ اهـ بِحُرُوفِهِ وَفِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ وَخُصَّ أَنَّ آلَهُ لَا يُكَافِئُهُمْ فِي النِّكَاحِ أَحَدٌ مِنْ الْخَلْقِ وَأَمَّا تَزْوِيجُ فَاطِمَةَ لِعَلِيٍّ فَقِيلَ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ كُفُؤًا لَهَا سِوَاهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ أَبَاهُ كَافِرٌ وَأَبُوهَا سَيِّدُ الْبَشَرِ وَزُوِّجَتْ لَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ لِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ لَمَّا خَطَبَهَا مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَدَّهُمَا وَقَالَ إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ» وَزَوَّجَهَا لَهُ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ وَكَّلَ وَاحِدًا فِي قَبُولِ نِكَاحِهِ فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ رَضِيت وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ نِكَاحَ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ لَيْسَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيَّةُ

وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَلِيًّا قَرِيبٌ بَعِيدٌ إذْ الْمُرَادُ بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ مَنْ هُوَ فِي أَوَّلِ دَرَجَاتِ الْخُؤُولَةِ وَالْعُمُومَةِ وَنِكَاحُهَا أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ اهـ وَتَزْوِيجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَيْنَبِ بِنْتِ جَحْشٍ مَعَ كَوْنِهَا بِنْتَ عَمَّتِهِ لِمَصْلَحَةِ حِلِّ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْمُتَبَنَّى وَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبَنَّى زَيْدًا هَذَا وَلَمَّا تَزَوَّجَهَا وَقَعَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ عَابُوا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فَقَالُوا إنَّ مُحَمَّدًا يَنْهَانَا أَنْ نَتَزَوَّجَ بِحَلَائِل أَبْنَائِنَا وَهُوَ يَفْعَلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: ٤٠] إعْلَامًا بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي وَلَدِ النَّسَبِ وَكَذَا فِي وَلَدِ الرَّضَاعِ وَتَزْوِيجُهُ زَيْنَبَ بِنْتَهُ لِأَبِي الْعَاصِ مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ خَالَتِهِ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَاقِعَةَ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ فَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ بِمَصْلَحَةٍ يُسْقِطُهَا

قَوْلُهُ: (لِلْحُرِّ) أَيْ كَامِلِ الْحُرِّيَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَالْمُبَعَّضُ كَالْقِنِّ.

قَوْلُهُ: (وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ قَبِيلَةِ ثَقِيفٍ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةِ رِجَالٍ مِنْ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ أَسْلَمَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ؛ وَبَاقِيهِمْ: مَسْعُودُ بْنُ مُصْعَبٍ وَمَسْعُودُ بْنُ عَامِرٍ وَمَسْعُودُ بْنُ عُمَرَ وَعُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَخُصَّ غَيْلَانُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ الْخِطَابُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَمَا قَالَهُ ق ل. وَقَالَ الْمَدَابِغِيُّ: إنَّمَا نُصَّ عَلَى غَيْلَانَ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِي شَأْنِهِ دُونَ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ) وَهَلْ أَسْلَمْنَ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ تَحِلُّ، اهـ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: «أَمْسِكْ أَرْبَعًا» اخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ أَمْسِكْ لِلْوُجُوبِ وَفَارِقْ لِلْإِبَاحَةِ وَاعْتَمَدَهُ م ر، وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ عَكْسَهُ. وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَاخْتَارَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وُجُوبَ أَحَدِهِمَا إذْ بِوُجُوبِهِ يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ. وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ نَظَرٌ، إذْ لَا مَعْنَى لِتَعَيُّنِ لَفْظِ أَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا أَوْ مُبْهَمًا وَإِبَاحَةُ الْآخَرِ كَذَلِكَ، فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُودُ فِي ضِمْنِ أَيِّهِمَا وُجِدَ وَهُوَ تَمْيِيزُ مُبَاحِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ الْجَمْعِ.

قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ) وَهِيَ كَثْرَةُ التَّمَتُّعِ بِالنِّسَاءِ. وَقَوْلُهُ: " لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ " وَهِيَ الْغَيْرَةُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُحِبُّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَتَمَتَّعَ بِغَيْرِهَا، وَفِي مَصْلَحَةِ النَّوْعَيْنِ يَكُونُ فِي كِلَيْهِمَا مَصْلَحَةٌ دُونَ الْمَصْلَحَةِ الْمُفْرَدَةِ فِيمَا قَبْلَهُ فَالتَّمَتُّعُ يَقِلُّ وَالْغَيْرَةُ تَقِلُّ.

فَإِنْ قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي رِعَايَةِ شَرِيعَةِ سَيِّدِنَا مُوسَى لِلرِّجَالِ وَشَرِيعَةِ سَيِّدِنَا عِيسَى لِلنِّسَاءِ؟ قُلْت: يُحْتَمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا ذَبَحَ الْأَبْنَاءَ وَاسْتَضْعَفَ الرِّجَالَ نَاسَبَ أَنْ يُعَامِلَهُمْ سَيِّدُنَا مُوسَى بِالرِّعَايَةِ عَلَى خِلَافِ فِعْلِ ذَلِكَ الْجَبَّارِ بِهِمْ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِنَا عِيسَى فِي الرِّجَالِ أَبٌ وَكَانَ أَصْلُهُ امْرَأَةً نَاسَبَ أَنْ يُرَاعِيَ جِنْسَ أَصْلِهِ رِعَايَةً لَهُ؛ تَأَمَّلْ وَافْهَمْ ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ. وَقَدْ قِيلَ: كَانَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد ثَلَثُمِائَةِ جَارِيَةٍ سِوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>