للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا سَيَأْتِي الْأَوَّلُ: (الْإِسْلَامُ) وَهُوَ فِي وَلِيِّ الْمُسْلِمَةِ إجْمَاعًا وَسَيَأْتِي أَنَّ الْكَافِرَ يَلِي الْكَافِرَةَ، وَأَمَّا الشَّاهِدَانِ فَالْإِسْلَامُ شَرْطٌ فِيهِمَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ مُسْلِمَةً أَمْ ذِمِّيَّةً إذْ الْكَافِرُ لَيْسَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ. (وَ) الثَّانِي (الْبُلُوغُ، و) الثَّالِثُ: (الْعَقْلُ) فَلَا وِلَايَةَ لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ. (وَ) الرَّابِعُ: (الْحُرِّيَّةُ) فَلَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ وَلَا يَكُونُ شَاهِدًا (وَ) الْخَامِسُ: (الذُّكُورَةُ) فَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا بِحَالٍ لَا بِإِذْنٍ وَلَا بِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ إذْ لَا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ دُخُولُهَا فِيهِ لِمَا قُصِدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤]

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِهَا فَإِنَّهُمْ يُزَوِّجُونَ الْمُنْتَقِبَةَ الْحَاضِرَةَ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ الشُّهُودِ لَهَا اكْتِفَاءً بِحُضُورِهَا وَإِخْبَارِهَا اهـ. وَعِبَارَةُ م ر فِي الشَّهَادَاتِ: قَالَ جَمْعٌ لَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُنْتَقِبَةٍ إلَّا إنْ عَرَفَهَا الشَّاهِدَانِ اسْمًا وَنَسَبًا أَوْ صُورَةً اهـ.

قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ وَهُوَ فِي وَلِيِّ الْمُسْلِمَةِ، أَيْ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي إلَخْ؛ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَكَانَتْ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي نِكَاحٍ صَدَرَ مِنْهُمْ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ صَدَرَ بِشُهُودٍ كُفَّارٍ أَوْلَى فَمَا مَعْنَى اشْتِرَاطِ إسْلَامِ الشُّهُودِ فِي أَنْكِحَتِهِمْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ الِاشْتِرَاطِ إذَا وَقَعَ عَقْدُهُمْ بِحَضْرَتِنَا فَإِنَّا نَأْمُرُهُمْ بِإِشْهَادِ مُسْلِمَيْنِ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (فَلَا وِلَايَةَ لِصَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ لِبِنْتِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَتَتْ بِبِنْتٍ فِي زَمَنٍ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فِيهِ كَابْنِ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا فَإِنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ وَلَا يَثْبُتُ الْبُلُوغُ فَلَا يُزَوِّجُهَا لِسَلْبِ عِبَارَتِهِ كَالْعُقُودِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ وَأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (فَلَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ) نَعَمْ يَصِحُّ كَوْنُهُ وَكِيلًا فِي الْقَبُولِ لَا الْإِيجَابِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ فِي ضَابِطِ الْوَكِيلِ وَهُوَ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ زَوْجًا. وَالْمُرَادُ بِالرَّقِيقِ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ، وَلَا يُرَدُّ الْمُبَعَّضُ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُكَاتَبِ لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (الذُّكُورَةُ) أَيْ الْمُحَقَّقَةُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ: فَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا وَلَا غَيْرِهَا وَلَا تَكُونُ شَاهِدَةً، فَلَوْ خَالَفَتْ وَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ بِدُونِهِ أَوْ وَكَّلَتْ مَنْ يُزَوِّجُهَا وَلَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا فَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ إنْ كَانَ رَشِيدًا، وَيَجِبُ أَيْضًا أَرْشُ بَكَارَةٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ اعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ سَوَاءٌ قَلَّدَ أَمْ لَا لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ إنْ اعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ. وَمَحَلُّ هَذَا كُلِّهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ، فَإِنْ حَكَمَ بِهَا فَيَجِبُ الْمُسَمَّى وَلَا تَعْزِيرَ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِبُطْلَانِهِ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ وَجَبَ الْحَدُّ اهـ شَرْحُ م ر وَحَوَاشِيه. قَوْلُهُ: (لَا بِإِذْنٍ) أَيْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فِي الْإِيجَابِ أَوْ هِيَ تَأْذَنُ لِأَجْنَبِيٍّ فِي الْإِيجَابِ. وَقَوْلُهُ: " وَلَا بِغَيْرِهِ " أَيْ بِأَنْ تَقُولَ لِشَخْصٍ: زَوَّجْتُك نَفْسِي. قَوْلُهُ: (الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذَا التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ هُنَا إلَّا الْإِيجَابَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كَوْنِهَا لَا تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا، وَهَذَا التَّعْمِيمُ سَرَى لَهُ مِنْ تَعْبِيرِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ: لَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ نِكَاحًا اهـ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا تُزَوِّجُ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّهُ يُنَاسِبُهُ، أَمَّا هُنَا فَلَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ طَرَفِهَا الْإِيجَابُ فَقَطْ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: لَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ نِكَاحًا وَلَوْ بِإِذْنٍ إيجَابًا كَانَ أَوْ قَبُولًا لَا لِنَفْسِهَا وَلَا لِغَيْرِهَا اهـ. فَقَوْلُهُ: " لَا لِنَفْسِهَا إيجَابًا وَلَا لِغَيْرِهَا قَبُولًا وَإِيجَابًا " سَوَاءٌ فِي الشِّقَّيْنِ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، نَعَمْ لَوْ عَقَدَتْ فِي الْكُفْرِ لِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا وَأَسْلَمُوا أُقِرُّوا عَلَى النِّكَاحِ اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا يَلِيقُ) هَذَا عَلَى الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، بِخِلَافِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْإِيجَابِ. قَوْلُهُ: (بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ) أَيْ بِالْعَادَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ. وَالْمَحَاسِنُ جَمْعُ حُسْنٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَوْلُهُ: (وَعَدَمِ ذِكْرِهِ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ.

قَوْلُهُ: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ} [النساء: ٣٤] إلَخْ أَيْ مُسَلَّطُونَ عَلَى النِّسَاءِ يُؤَدِّبُونَهُنَّ: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٤] أَيْ بِتَفْضِيلِهِ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ بِالْعَقْلِ وَالْعِلْمِ وَالْوِلَايَةِ وَالنَّفَقَةِ جَلَالَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>