وَلَا تُزَوِّجُ غَيْرَهَا بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ لِخَبَرِ: «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» . نَعَمْ لَوْ اُبْتُلِينَا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِإِمَامَةِ امْرَأَةٍ فَإِنَّ أَحْكَامَهَا تَنْفُذُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، وَقِيَاسُهُ تَصْحِيحُ تَزْوِيجِهَا. وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمَرْأَةِ فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا إلَّا فِي مِلْكِهَا أَوْ فِي سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِ، وَلَيْسَتْ الْمَرْأَةُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَلَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ. تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِخُنْثَيَيْنِ وَلَوْ بَانَا رَجُلَيْنِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ فَإِنْ قِيلَ لَوْ عَقَدَ عَلَى خُنْثَى أَوْ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ أُنْثَى فِي الْأَوَّلِ أَوْ ذَكَرًا فِي الثَّانِي لَا يَصِحُّ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْخُنْثَى أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقَوْلُهُ: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ} [النساء: ٣٤] مُتَعَلِّقٌ ب قَوَّامُونَ. وَأَصْرَحُ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] إذْ لَوْ كَانَتْ تَلِي نَفْسَهَا لَمْ يَكُنْ لِلنَّهْيِ عَنْ الْعَضْلِ مَعْنًى، لَكِنْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْأَوْلِيَاءُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، بِدَلِيلِ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا حَلِفُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ لَا يُزَوِّجَ أُخْتَهُ مِنْ زَوْجِهَا وَكَانَ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقِيلَ: مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْأَزْوَاجُ؛ لِأَنَّهُ جَوَابُ: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١] اهـ سم.
قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ لَا تُزَوِّجُ إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا) تَتِمَّتُهُ: «فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» اهـ. قَوْلُهُ: (بِإِمَامَةِ امْرَأَةٍ) وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْمَوَانِعِ كَالرِّقِّ وَغَيْرِهِ إلَّا الْكُفْرَ، فَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّاهَا كَافِرٌ لَا يُزَوِّجُ الْمُسْلِمَةَ اهـ ح ل.
قَوْلُهُ: (وَقِيَاسُهُ تَصْحِيحُ تَزْوِيجِهَا) أَيْ لِغَيْرِهَا، وَيُزَوِّجُهَا أَحَدُ نُوَّابِهَا. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " تَصْحِيحُ تَزْوِيجِهَا " أَيْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهَا لَا تُزَوِّجُ بَنَاتِهَا مَثَلًا إذَا كَانَ لَهُنَّ وَلِيٌّ غَيْرُهَا كَأَبٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ وَنَحْوِهِمْ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَتَرَدَّدَ فِيهِ، سم إذْ لَا ضَرُورَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ تَأْذَنُ لِأَمِيرٍ مِنْ أُمَرَائِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا كَالْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: أَمَّا هِيَ فَيُزَوِّجُهَا أَحَدُ نُوَّابِهَا اهـ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَتَوَلَّ الْإِمَامَةَ وَإِلَّا فَلَهَا تَزْوِيجُ غَيْرِهَا اهـ.
وَقَوْلُهُ: " فَلَهَا أَنْ تُزَوِّجَ غَيْرَهَا " صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا، وَمِثْلُهُ فِي الزِّيَادِيِّ. وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: فَإِنَّ أَحْكَامَهَا تَنْفُذُ وَقِيَاسُهُ تَصْحِيحُ تَزْوِيجِهَا إلَخْ، أَنَّ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا، وَبِهِ صَرَّحَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ إنْ وَلِيَتْ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى صَحَّ تَزْوِيجُهَا لِلضَّرُورَةِ لِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا كَمَا يَشْمَلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: فَتُزَوِّجُ غَيْرَهَا لَا نَفْسَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ شَرْحِ م ر عَدَمَ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّهَا مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَفْوِيضِ أَمْرِهَا لِمَنْ يُزَوِّجُهَا فَيَكُونُ قَاضِيًا اهـ فَحَرِّرْ الْمُعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ، هَذَا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: مُقْتَضَاهُ إلَخْ؛؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ أَحْكَامُهَا تَنْفُذُ لَا مَقِيسَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (إلَّا فِي مِلْكِهَا) بِأَنْ مَلَكَتْ أَمَةً. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ) أَيْ فَتَأْذَنُ لِلْحَاكِمِ فِي تَزْوِيجِهَا، إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ مَفْقُودَانِ وَلَا يُزَوِّجُ السَّفِيهَ أَوْ الْمَجْنُونَ إلَّا الْحَاكِمُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ الْمَرْأَةُ أَهْلًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا الْأَوَّلُ لِلْوِلَايَةِ وَالثَّانِي لِلشَّهَادَةِ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَتِهَا لِيَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِ فَلَا تَمْلِكُ إلَخْ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ) الْمُنَاسِبُ: بِقَوْلِهِنَّ.
قَوْلُهُ: (لَكِنْ الْأَصَحُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُقَاسُ عَلَى الْخُنْثَيَيْنِ غَيْرُهُمَا إذَا تَبَيَّنَ وُجُودُ الْأَهْلِيَّةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَصَبِيَّيْنِ بَانَا بَالِغَيْنِ، وَيَجْرِي هَذَا فِي الْوَلِيِّ لَوْ عَقَدَ وَهُوَ خُنْثَى ثُمَّ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ السُّبْكِيّ. وَتُشْتَرَطُ هَذِهِ الشُّرُوطُ حَالَةَ التَّحَمُّلِ، بِخِلَافِ شَاهِدِ غَيْرِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا تُعْتَبَرُ فِيهِ حَالَ الْأَدَاءِ اهـ ز ي. وَفَرَّقَ الدَّمِيرِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِي النِّكَاحِ وَاجِبٌ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِهِ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (الصِّحَّةُ) أَيْ فِي الشَّاهِدَيْنِ وَالْوَلِيِّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُ) بِأَنْ كَانَ زَوْجًا، قَوْلُهُ: (أُجِيبَ إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ