صَاحِبَهَا مِمَّا مَرَّ، وَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَلَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ. وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمَسْتُورَ يَلِي وَحَيْثُ مَنَعْنَا وِلَايَةَ الْفَاسِقِ فَقَالَ الْبَغَوِيّ: إذَا تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا وَيَنْعَقِدُ بِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا بِأَنْ عُرِفَتْ بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَ بِهِمَا الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا بِمَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِأَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارِ بِالْأَرِقَّاءِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْفِسْقِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ وَاسِطَةً بَيْنَهُمَا؛ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْوَاسِطَةَ.
قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُزَوِّجُ) أَيْ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلِيُّ عَدْلًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ: وَالْعَدَالَةُ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوَلِيِّ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ عَدَمُ الْفِسْقِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالْوَاسِطَةِ، فَاشْتِرَاطُ الْمُصَنِّفِ الْعَدَالَةَ فِي الْوَلِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ اهـ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ الْعَدَالَةَ فِي الْوَلِيِّ، وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعَهُ؛ فَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ، فَذِكْرُهُ لَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا. قَالَ م د: وَاعْتَرَضَهُ ق ل، وَقَالَ: بَلْ هُوَ مَسْتُورُ الْعَدَالَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدِ إلَّا فِيمَا إذَا تَابَ الْوَلِيُّ زَوَّجَ حَالًا. وَالظَّاهِرُ كَلَامُ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ نَقَلَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَسْتُورَ مِنْ الْوَاسِطَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَسْتُورُ هُوَ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَهُوَ فَرْقُ الْوَاسِطَةِ؛ وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَسْتُورِ إلَّا أَنَّهُ قِيَاسُ أَدْنَى عَلَى أَعْلَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ مُتَّصِفٌ بِالْعَدَالَةِ وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً وَالْأَوَّلُ لَا يُقَالُ لَهُ عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ، فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ إلَخْ التَّقْوِيَةَ لِمَا قَبْلَهُ وَقِيَاسُ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: (إذَا تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ) وَلَوْ كَانَ فِسْقُهُ بِالْعَضْلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَاسِطَةٌ لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ.
قَوْلُهُ: (لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لَا الْعَدَالَةُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ. نَعَمْ قَبُولُ الشَّهَادَةِ لَازِمٌ لِلْعَدَالَةِ، عَلَى أَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ شَامِلٌ لِلْمُرُوءَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِنَفْيِ الرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْوَلِيِّ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةُ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهِ الْعَدَالَةُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ سَنَةً بَعْدَ التَّوْبَةِ، فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَلِيَ وَلَا يَشْهَدَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَابَ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ حَالًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ، وَكَذَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا مُفَسِّقٌ يُزَوِّجَانِ وَلَا يَشْهَدَانِ لِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا أَوْ لِعَدَمِ الْمَلَكَةِ، فَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ الْفِسْقِ وَالْعَدَالَةِ. وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُمَا يَتَّصِفَانِ بِالْعَدَالَةِ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا كَمَا نَقَلَهُ ح ل.
قَوْلُهُ: (بِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ) أَيْ عِنْدَ الزَّوْجَيْنِ، أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَهْرِ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا كَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ فِي الْفَتَاوَى اهـ م د.
قَوْلُهُ: (وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا) وَقِيلَ الْمَسْتُورُ هُوَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُفَسِّقٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الثَّانِي لِصِدْقِ الثَّانِي بِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ فِسْقٌ وَلَا طَاعَةٌ وَالْأَوَّلُ لَا يُصَدَّقُ بِهَذَا. قَوْلُهُ: (لَا بِمَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ) كَأَنْ وُجِدَ لَقِيطٌ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ إسْلَامًا وَلَا رِقًّا فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَتِهِ، نَعَمْ لَوْ عُقِدَ بِهِمَا فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي. وَقَوْلُهُ: " وَالْحُرِّيَّةِ " الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَكَمَسْتُورِ الْإِسْلَامِ مَسْتُورَا الْبُلُوغِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَلَوْ عَقَدَ بِمَجْهُولِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ بِهِمَا إذَا بَانَا ذَكَرَيْنِ وَيُعْتَدُّ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ إنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ أَوْ بَالِغٌ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا غَالِبَ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ، فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ أَوْ الْأَحْرَارُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ مِنْ الظَّاهِرِ لَا مِنْ الْمَسْتُورِ اهـ ق ل.
قَوْلُهُ: (لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا بَاطِنًا) لَيْسَ الْمُرَادُ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، بَلْ الْمُرَادُ الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ.