(وَلَا) يَفْتَقِرُ (نِكَاحُ الْأَمَةِ) مِنْ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ بِشَرْطِهِ (إلَى عَدَالَةِ السَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّصَرُّفَ فِيمَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ، وَنَقْلُهُ إلَى الْغَيْرِ يَكُونُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ كَاسْتِيفَاءِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ، وَنَقْلِهَا بِالْإِجَارَةِ، فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ مُكَاتَبًا أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ الْأَصْلِيَّةَ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ إذْ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا أَصْلًا بَلْ وَلَا سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا سِوَى إزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهَا وَكِتَابَتِهَا، بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فِي الْكَافِرَةِ وَإِذَا مَلَكَ الْمُبَعَّضُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَمَةً زَوَّجَهَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ وَإِنْ خَالَفَ فِي فَتَاوِيهِ كَالْمُكَاتَبِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَامٌّ وَلِهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ.
تَنْبِيهٌ: مِمَّا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ شُرُوطِ الْوَلِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مُخْتَلَّ النَّظَرِ بِهِرَمٍ أَوْ خَبْلٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَمَتَى كَانَ الْأَقْرَبَ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَانِعَةِ لِلْوِلَايَةِ فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ، وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ فَنَنْتَظِرُ إفَاقَتَهُ مِنْهُ
وَلَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَلَا نِكَاحَ الْأَمَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً حَيْثُ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ عَبْدٍ) أَيْ لِعَبْدٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ حُرٍّ أَيْ لِحُرٍّ.
قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهِ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ.
قَوْلُهُ: (إلَى عَدَالَةِ السَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ الْفَاسِقَ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ أَوْ كَانَتْ كَافِرَةً أَوْ كَانَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَهِيَ كَافِرَةٌ، أَمَّا إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالسَّيِّدُ كَافِرٌ فَلَا يُزَوِّجُهَا بَلْ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْجُمْلَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِإِدْخَالِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِتَوَثُّنٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ) وَهُوَ التَّمَتُّعُ. قَوْلُهُ: (وَنَقْلُهُ إلَخْ) أَيْ بِتَزْوِيجِهَا.
قَوْلُهُ: (وَنَقْلِهَا) أَيْ الْمَنَافِعِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مُكَاتَبًا) وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
قَوْلُهُ: (الْكَافِرَةَ الْأَصْلِيَّةَ) وَلَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ؛ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا وَإِجَارَتَهَا وَعَدَمُ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِهَا لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَمَتِهِ الْمَحْرَمِ كَأُخْتِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (بَلْ وَلَا سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ) كَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا مَلَكَ الْمُبَعَّضُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: نَعَمْ لَوْ مَلَكَ الْمُبَعَّضُ أَمَةً زَوَّجَهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ اهـ. وَقَوْلُهُ: " خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ " مِنْ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: (كَالْمُكَاتَبِ بَلْ أَوْلَى) لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا فِي ز ي وم ر. قَالَ ع ش: قَدْ تُدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُكَاتَبِ مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُبَعَّضُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ تَعْلِيلًا لِصِحَّتِهِ مِنْ الْمُبَعَّضِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا بِالْوِلَايَةِ وَكَالْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْمُبَعَّضَ تَامُّ الْمِلْكِ، فَجَعْلُ الصِّحَّةِ فِي الْمُبَعَّضِ أَوْلَى مِنْهَا فِي الْمُكَاتَبِ. وَقَوْلُهُ: " لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ " أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ ثُمَّ لَوْ وَطِئَ الزَّوْجُ مَعَ اعْتِقَادِهِ الصِّحَّةَ فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ إذْ قِيلَ بِجَوَازِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (مُخْتَلَّ النَّظَرِ) أَيْ بِمَعْرِفَةِ الْأُمُورِ. قَوْلُهُ: (بِهِرَمٍ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَهُوَ الْكِبَرُ، وَبِفَتْحِهَا الشَّيْبُ. وَقِيَاسُهُ الْفَتْحُ بِمَعْنَى الْكِبَرِ، يُقَالُ: هَرِمَ هَرَمًا كَفَرِحَ فَرَحًا. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَفَعِلَ اللَّازِمُ بَابُهُ فَعَلٌ
قَوْلُهُ: (أَوْ خَبْلٍ) الْخَبْلُ بِسُكُونِ الْبَاءِ فَسَادُ الْعَقْلِ، وَبِفَتْحِهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ جِهَةِ الْجِنِّ أَيْ وَإِنْ قَلَّ الْخَبَلُ كَمَا فِي م ر اهـ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَوْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ. وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنَّ السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ يَلِي، وَخَرَجَ حَجْرُ الْفَلَسِ فَلَا يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ لِكَمَالِ نَظَرِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ م د. قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُقَالُ هَذَا عُلِمَ مِنْ شَرْطِ الْعَدَالَةِ الشَّامِلَةِ لِلْوَاسِطَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّبْذِيرُ لِلْمَالِ صَادِقٌ بِصَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ مَعَ غَلَبَةِ الطَّاعَاتِ اهـ. وَقَوْلُهُ: " بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ " أَيْ فِي مَالِهِ، وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يَمْضِيَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ زَمَنٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مَا يُنَافِي الرُّشْدَ بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِرُشْدِ مَنْ مَضَى عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَاطِي مَا يَحْصُلُ بِهِ لَا مُجَرَّدَ كَوْنِهِ لَمْ يَتَعَاطَ مُنَافِيًا وَقْتَ الْبُلُوغِ بِخُصُوصِهِ؛ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ: " ثُمَّ حُجِرَ