للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَوَّلِ مَضْمُومَةٌ فِي الثَّانِي، وَلَا يَنْقُلُ الْإِحْرَامُ الْوِلَايَةَ لِلْأَبْعَدِ فَيُزَوِّجُ السُّلْطَانُ عِنْدَ إحْرَامِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبَ لَا الْأَبْعَدَ.

وَمِمَّا تَرَكَهُ مِنْ شُرُوطِ الشَّاهِدَيْنِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالضَّبْطُ وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ عَنْ قُرْبٍ وَمَعْرِفَةِ لِسَانِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ لِلْوِلَايَةِ كَأَبٍ وَأَخٍ مُنْفَرِدٍ وَكَّلَ وَحَضَرَ مَعَ الْآخَرِ، وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ وَعَدُوَّيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَيَنْعَقِدُ بِهِمَا النِّكَاحُ فِي الْجُمْلَةِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُجَامِعًا وَهَذَا بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ. وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي فَلِنُوَّابِهِ تَزْوِيجُ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ حَالَ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَا الْوَكَالَةِ. وَلَوْ أَحْرَمَ وَتَزَوَّجَ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ أَحْرَمَ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ أَمْ بَعْدَهُ فَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ تَزْوِيجِهِ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ فَزَوَّجَهَا وَكِيلُهُ ثُمَّ بَانَ مَوْتُ مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَاتَ قَبْلَ تَزْوِيجِهَا أَمْ بَعْدَهُ. وَلَوْ عَقَدَ الْوَكِيلُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ هَلْ وَقَعَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُدَّعِي الْبُطْلَانِ هُوَ الزَّوْجَ، وَإِلَّا رَفَعْنَا الْعَقْدَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ لِيَعْقِدَ لَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ وَعَقَدَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ جَازَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ؛ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: لَوْ وَكَّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا فِي أَنْ يُوَكِّلَ حَلَالًا لِيَعْقِدَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ نَفْسِك وَلَا عَنَّا فِيمَا يَظْهَرُ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا، فَإِنْ قَالَ عَنْ نَفْسِك أَوْ عَنَّا لَمْ يَصِحَّ وَبِهَذَا يَجْمَعُ التَّنَاقُضَ.

قَوْلُهُ: (وَالْيَاءُ مَفْتُوحَةٌ فِي الْأَوَّلِ مَضْمُومَةٌ فِي الثَّانِي) وَيَجُوزُ عَكْسُهُ، فَلَوْ قَالَ: مَفْتُوحَةٌ فِي أَحَدِهِمَا مَضْمُومَةٌ فِي الْآخَرِ لَكَانَ أَوْلَى؛ ذَكَرَهُ ق ل. قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الرِّوَايَةُ.

قَوْلُهُ: (وَالضَّبْطُ) أَيْ لِأَلْفَاظِ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ، فَلَا يَكْفِي سَمَاعُ أَلْفَاظِهِمَا فِي ظُلْمَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَشْتَبِهُ وَيَنْبَغِي لِلشَّاهِدَيْنِ ضَبْطُ سَاعَةِ الْعَقْدِ لِأَجْلِ لُحُوقِ الْوَلَدِ.

قَوْلُهُ: (وَكَوْنِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ غَيْرَ مُتَعَيَّنٍ لِلْوِلَايَةِ.

قَوْلُهُ: (كَأَبٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ وَالْأَخُ الْمُنْفَرِدُ فِي النِّكَاحِ أَوْ حَضَرَ مَعَ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ عَاقِدٌ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا اهـ، وَهِيَ أَوْلَى اهـ. وَقَوْلُهُ: " الْمُنْفَرِدُ " قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: " الْمُنْفَرِدُ " أَنَّ الْأَخَ لَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا صَحَّ أَنْ يَحْضُرَ مَعَ آخَرَ؛ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَ أَحَدُهُمْ بِإِذْنِهَا وَحَضَرَ الْآخَرَانِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اهـ ح ل. وَقَوْلُهُ: " عَاقِدٌ "؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَكَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْعَاقِدَ.

قَوْلُهُ: (وَكَّلَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (وَحَضَرَ مَعَ الْآخَرِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ عَاقِدٌ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا. قَوْلُهُ: (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) صَادِقٌ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ: بِابْنَيْ الزَّوْجِ أَوْ ابْنَيْ الزَّوْجَةِ أَوْ ابْنِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا وَابْنِ الزَّوْجَةِ وَحْدَهَا أَوْ ابْنَيْهِمَا مَعًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: " وَعَدُوَّيْهِمَا " وَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " وَبِجَدَّيْهِمَا وَبِجَدِّهَا وَأَبِيهِ لَا أَبِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ أَوْ مُوَكِّلُهُ. نَعَمْ يُتَصَوَّرُ شَهَادَتُهُ لِاخْتِلَافِ دِينٍ أَوْ رِقٍّ بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ أَمَةً وَأَبُوهَا مُسْلِمٌ فَيُزَوِّجُهَا السَّيِّدُ وَيَحْضُرُ أَبُوهَا شَاهِدًا كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ.

وَعِبَارَةُ أج: مِثْلُهُمَا الْأَجْدَادُ، وَكَذَا أَبُو الزَّوْجِ، وَأَمَّا أَبُو الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ وَلِيٌّ؛ نَعَمْ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَكُونَ أَمَةً زَوَّجَهَا السَّيِّدُ اهـ. وَصُورَةُ مَا إذَا كَانَ ابْنَاهُمَا شَاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ شَخْصٌ بِامْرَأَةٍ وَيَأْتِيَ مِنْهَا بِابْنَيْنِ ثُمَّ يُطَلِّقَهَا وَيُرِيدَ نِكَاحَهَا ثَانِيًا بِشَهَادَةِ وَلَدَيْهِمَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَنْعَقِدُ بِأَبَوَيْهِمَا. وَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُمَا مُسْلِمَيْنِ وَالزَّوْجَانِ كَافِرَيْنِ وَلِلزَّوْجَةِ أَخٌ كَافِرٌ فَيُحْضِرُهُمَا وَيُزَوِّجُ الْأَخُ، أَوْ تَكُونَ أَمَةً وَيُزَوِّجُهَا السَّيِّدُ؛ وَإِلَّا فَالْمُزَوِّجُ مَتَى كَانَ وَلِيًّا لَمْ يَكْفِ حُضُورُهُ شَاهِدًا وَإِنْ وَكَّلَ فِي نِكَاحِهَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَفِيرٌ مَحْضٌ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ. وَكِلَا التَّصْوِيرَيْنِ صَحِيحٌ، أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ الْمُسْلِمِ حَيْثُ كَانَتْ كَافِرَةً بَلْ لِلْأَخِ الْكَافِرِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمَنْهَجِ يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ رِقٌّ وَصِبًا وَجُنُونٌ وَفِسْقُ غَيْرِ الْإِمَامِ وَحَجْرُ سَفَهٍ وَاخْتِلَالُ نَظَرٍ، أَيْ رَأْيٍ، وَاخْتِلَافُ دِينٍ وَيَنْقُلُهَا كُلٌّ لِأَبْعَدَ لَا أَعْمَى إلَخْ؛ هَذَا وَمَعَ كَوْنِهِ يَنْعَقِدُ بِمَا ذَكَرَ إذَا وَقَعَ نِزَاعٌ فِيهِ أَوْ فِي الْمَهْرِ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا عَلَى تَفْصِيلٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْعَقِدُ بِهِمَا النِّكَاحُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ حَيْثُ قَالَ: لِثُبُوتِ النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ اهـ، أَيْ وَيَنْعَقِدُ بِهِمَا فِي كُلِّ الصُّوَرِ لَا فِي الْجُمْلَةِ. وَالْمُرَادُ يَنْعَقِدُ بِهِمَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ يَكُونَا فِي تَزْوِيجِ أَجْنَبِيَّيْنِ. وَقَالَ ق ل: قَوْلُهُ: " فِي الْجُمْلَةِ " أَيْ فِي غَيْرِ نِكَاحِهِمَا، وَأَمَّا فِي خُصُوصِ نِكَاحِهِمَا فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِمَنْ ذَكَرَ، فَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجِيَّةً وَأَنْكَرَ وَأَقَامَتْ ابْنَيْهِمَا أَوْ عَدُوَّيْهِمَا شُهَدَاءَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>