للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ. وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِمَا يَفْرِضُهُ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ؛ وَهَذَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا فَرَضَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا إذَا فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبَذَلَهُ لَهَا وَصَدَّقَتْهُ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ. وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ تَرَاضَيَا عَلَى مَهْرٍ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْهُ، بَلْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ فَمَا مَعْنَى الْمُفَوِّضَةِ؟ وَإِنْ قُلْنَا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ فَكَيْفَ تَطْلُبُ مَا لَمْ يَجِبْ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ جَازَ لَهَا الْحَبْسُ، وَإِذَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا أَوْ حَبَسَهَا الْوَلِيُّ بِسَبَبِ عَدَمِ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ وَغَيْرَهَا وُجُوبًا مُدَّةُ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ سَاغَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ الْمَوْتِ فَكَيْفَ سَاغَ لَهَا طَلَبُ الْفَرْضِ وَحَبْسُ نَفْسِهَا لِتَسَلُّمِهِ؟ وَلِهَذَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا الْإِشْكَالِ: مَنْ طَلَبَ أَنْ يَلْحَقَ مَا وَضَعَهُ عَلَى الْإِشْكَالِ بِمَا هُوَ بَيِّنٌ فَقَدْ طَلَبَ مُسْتَحِيلًا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ لِوُجُوبِهِ بِنَحْوِ الْفَرْضِ فَلَمَّا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ جَازَ لَهَا الطَّلَبُ وَسَيِّدُ الْأَمَةِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً كَالْوَلِيِّ كَمَا فِي ق ل. وَلَوْ زَوَّجَ غَرِيبٌ بِنْتَه بِبَلَدٍ وَلَمْ يَسْتَوْفِ مَهْرَهَا، فَلَهُ السَّفَرُ بِهَا إلَى وَطَنِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ الْغَرِيبَةُ إذَا زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَمْ تَقْبِضْ الصَّدَاقَ لَهَا السَّفَرُ إلَى بَلَدِهَا مَعَ مَحْرَمٍ، وَإِذَا وَفَّى الزَّوْجُ الصَّدَاقَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ النَّقْلِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي هَذِهِ الْغَيْبَةِ، قَالَهُ الشَّيْخُ س ل. وَانْظُرْ هَلَّا كَانَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ كَمُدَّةِ الْحَبْسِ فَيَكُونُ لَهَا النَّفَقَةُ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي مُدَّتِهِ؟ وَلَعَلَّ الْجَوَابَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي هَذِهِ الْغَيْبَةِ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ.

وَفِي شَرْحِ م ر: وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالشَّامِ وَالْعَقْدُ بِغَزَّةَ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِغَزَّةَ اعْتِبَارًا بِمَحَلِّ الْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إلَى مِصْرَ فَنَفَقَتُهَا مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهَا ثُمَّ مِنْ غَزَّةَ إلَى مِصْرَ عَلَيْهِ وَهَلْ مُؤْنَةُ الطَّرِيقِ مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ: نَعَمْ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأَمْرِهِ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِغَزَّةَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَبْسُ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ لِوَلِيِّهِمَا وَفِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا أَوْ وَلِيِّهِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَمِثْلُهُمَا السَّفِيهَةُ فَلَا عِبْرَةَ بِتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا. وَلَوْ بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ وَادَّعَتْ أَنَّ وَلِيَّهَا سَلَّمَهَا بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَأَرَادَتْ حَبْسَ نَفْسِهَا لِلْقَبْضِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَجَازَ لَهَا الْحَبْسُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ وَقَدْ تَرَكَ أَبُوهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَادَّعَى أَنَّهُ تَرَكَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا هُنَا تَفْوِيتٌ حَاصِلٌ وَمَا هُنَاكَ تَفْوِيتٌ مَعْدُومٌ اهـ سم.

وَقَوْلُهُ " لِوَلِيِّهِمَا " مَا لَمْ يَرِدْ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّسْلِيمِ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ بِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ تَظْهَرُ ثَمَّ غَالِبًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي وَلِيِّ السَّفِيهَةِ اهـ ح ل. وَمِثْلُ الْأَمَةِ الْمُكَاتَبَةُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَنَعَهَا مِنْ جَمِيعِ التَّبَرُّعَاتِ وَلَا يُقَالُ هُوَ بَدَلُ بُضْعِهَا وَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ اهـ ح ل.

قَوْلُهُ: (لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ) أَيْ عَلَى ثِقَةِ مَا قَدَّرَهُ لَهَا وَهَذَا عِلَّةٌ لِلْمُعَلِّلِ مَعَ عِلَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ) أَيْ كَمَا لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا بِتَسْلِيمِ الْمُسَمَّى الْحَالُّ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُؤَجَّلُ) أَيْ فِي الْفَرْضِ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لَهُ) أَيْ لِتَقْبِضَهُ وَإِنْ حَلَّ. وَقَوْلُهُ " كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ أَيْ كَالْمُؤَجَّلِ الْمُسَمَّى إلَخْ " وَقَوْلُنَا: " وَإِنْ حَلَّ " غَايَةٌ لِلرَّدِّ. وَلَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمُ نَحْوِ قُرْآنٍ وَطَلَبَ كُلٌّ التَّسْلِيمَ فَاَلَّذِي أَفْتَيْته وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فُسِخَ الصَّدَاقُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَيُسَلَّمُ لِعَدْلٍ وَتُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، قَالَ ح ل. وَقَدْ يُقَالُ: تُجْبَرُ هِيَ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ عَادَةً إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ كَالتَّأْجِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إجْبَارُهَا فِيهِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ انْتِهَاءَ الْأَجَلِ مَعْلُومٌ فَيُمْكِنُهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ وَزَمَنُ التَّعْلِيمِ لَا غَايَةَ لَهُ فَهِيَ إذَا مَكَّنَتْهُ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِي التَّعْلِيمِ فَتَطُولُ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا بَلْ رُبَّمَا فَاتَ التَّعْلِيمُ بِذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا زي الْجَزْمُ بِذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ مَحَلُّ اشْتِرَاطِ رِضَاهَا. قَوْلُهُ: (وَبَذَلَهُ لَهَا) لَيْسَ قَيْدًا؛ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ م ر.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ اعْتِبَارَ رِضَاهَا عَبَثٌ أَيْ لَا مَعْنَى لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجَيْنِ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ) هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>