للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا هُوَ عَوْرَةٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مُشَاهَدٌ وَلِابْنِ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ اعْتِنَاءٌ زَائِدٌ بِالْكَلَامِ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ بِاعْتِبَارِ زَمَانِهِ، فَكَيْفَ لَهُ بِزَمَانٍ خُرِقَ فِيهِ السِّيَاجُ وَزَادَ بَحْرُ فَسَادِهِ وَهَاجَ، وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ، فَإِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ مِنْ الْمَدْعُوِّ فَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَلُ، وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِأَكْلٍ، وَيَمْلِكُ الضَّيْفُ مَا الْتَقَمَهُ بِوَضْعِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا أُحِيطَ بِهِ عَلَى الْكَرْمِ وَنَحْوِهِ مِنْ الشَّوْكِ وَنَحْوِهِ وَالْجَمْعُ أَسْوِجَةٌ وَسَوْجٌ وَالْأَصْلُ بِضَمَّتَيْنِ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ لَكِنْ سُكِّنَتْ الْوَاوُ اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّةِ اهـ. فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ حَيْثُ شَبَّهَ الْحَيَاءَ بِالسِّيَاجِ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ مَنْعًا فَالْحَيَاءُ يَمْنَعُ مِنْ الْفَوَاحِشِ، وَالسِّيَاجُ يَمْنَعُ الطَّارِقَ. وَالْخَرْقُ تَرْشِيحٌ. وَإِضَافَةُ بَحْرٍ إلَى فَسَادٍ مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ إلَى الْمُشَبَّهِ أَيْ فَسَادُهُ الَّذِي هُوَ كَالْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ، أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْحُضُورُ لَا الْأَكْلُ كَمَا فِي الْقَسْمِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ الْحُضُورُ لِلْإِينَاسِ لَا لِلْجِمَاعِ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْأَكْلُ وَلَوْ لُقْمَةً وَاحِدَةً كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ.

١ -

فَرْعٌ: لَوْ دَعَاهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لِلْحُضُورِ نَهَارًا لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ، فَإِنْ أَرَادَ فَلْيَدْعُهُمْ عِنْدَ الْغُرُوبِ؛ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ دَعَاهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ إلَّا مُجَرَّدُ نَظَرِ الطَّعَامِ وَالْجُلُوسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشِقٌّ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَلُ) وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَنْوِيَ بِفِطْرِهِ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَيْهِ؛ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا كُلُّ مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ وَحَقِيقَتُهُ الْغَرِيبُ، وَمِنْ ثَمَّ تَأَكَّدَ ضِيَافَتُهُ وَإِكْرَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا قُدِّمَ لَهُ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِمَّا خُصَّ بِهِ غَيْرُهُ عَالِيًا كَانَ أَوْ سَافِلًا، وَأَفْهَمْت " مِنْ " حُرْمَةِ أَكْلِ جَمِيعِ مَا قُدِّمَ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ. وَنُظِرَ فِيهِ إذَا قَلَّ وَاقْتَضَى الْعُرْفُ أَكْلَ جَمِيعِهِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَكْلِ الْجَمِيعِ حَلَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَصَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ فَوْقَ الشِّبَعِ وَآخَرُونَ بِحُرْمَتِهِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَيَضْمَنُهُ لِصَاحِبِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّحْرِيمَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الضَّرَرِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ عَلَى غَيْرِهَا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي؛ وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ؛ لِأَنَّهَا مُؤْذِيَةٌ لِلْمِزَاجِ، فَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ هَذِهِ الْعِلَّةِ لَا عَلَى كَوْنِهِ مَالَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ زي.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ كَعَشَرَةٍ مَثَلًا وَمُضِيفُهُ جَاهِلٌ بِحَالِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي مِقْدَارِ الْأَكْلِ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ وَالْعُرْفِ فِيمَا وَرَاءَهُ، قَالَ: فَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَأَكَلَ لُقَمًا كِبَارًا مُسْرِعًا حَتَّى يَأْكُلَ أَكْثَرَ الطَّعَامِ وَيُحْرَمُ أَصْحَابُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ: " عَالِيًا كَانَ أَوْ سَافِلًا " أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَى مِنْ خُصَّ بِالسَّافِلِ إكْرَامَ غَيْرِهِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَ كِفَايَتِهِ مَثَلًا، وَمِنْهُ تَنَاقُلُ الْأَوَانِي بِالْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ انْكَسَرَتْ ضَمِنُوهَا؛ لِأَنَّهَا عَارِيَّةٌ قِ ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَيَحْرُمُ عَلَى ذِي النَّفِيسِ تَلْقِيمُ ذِي الْخَسِيسِ دُونَ عَكْسِهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَالْمُفَاوَتَةُ بَيْنَهُمْ مَكْرُوهَةٌ أَيْ إنْ خَشِيَ مِنْهَا حُصُولَ ضَغِينَةٍ اهـ. وَقَوْلُهُ: " وَاقْتَضَى الْعُرْفُ أَكْلَ جَمِيعِهِ " وَعَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَعَلَيْهِ حَمْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ: «الْإِنَاءُ تَسْتَغْفِرُ لِلَاعِقِهَا» وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ فِي لَحْسِ الْإِنَاءِ تَوَاضُعًا وَفِي تَرْكِهِ تَكَبُّرًا، ثُمَّ إنَّ الِاسْتِغْفَارَ مِنْ الْإِنَاءِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً كَمَا أَنَّهُ يُسَبِّحُ اللَّهَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْتَبُ لِلَاحِسِهِ أَجْرُ مُسْتَغْفِرٍ مُدَّةَ لَحْسِهِ لِلْإِنَاءِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْإِنَاءَ لَا يَزَالُ يَسْتَغْفِرُ لِلَاحِسِهِ حَتَّى يَنْزِلَهُ طَعَامٌ آخَرُ. اهـ. ابْنُ الْعِمَادِ.

قَوْلُهُ: (بِلَا لَفْظٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ انْتِظَارٌ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ أَنْ يَنْقُلَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ بِإِطْعَامِ نَحْوَ هِرَّةٍ مِنْهُ، وَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ سَائِلًا إلَّا إنْ عَلِمَ الرِّضَا بِهِ بِخِلَافِ الضِّيَافَةِ الْمُشْتَرَطَةِ عَلَى الذِّمِّيِّ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُ الضَّيْفُ إلَخْ) أَيْ مِلْكًا مُرَاعًى، بِمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا أَكَلَهُ أَكَلَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَلَا يَتِمُّ مِلْكُهُ إلَّا بِالِازْدِرَادِ فَلَا يُسَوَّغُ لَهُ إنْ أَخْرَجَهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>