للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّرْبِ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيه، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ.

(وَيَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ قَسْمُهَا) الْوَاجِبُ لَهَا، وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ وَلَا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ وَلَا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا، وَيَحْصُلُ أَيْضًا بِمَنْعِهَا الزَّوْجَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لَا مَنْعُهَا لَهُ مِنْهُ تَدَلُّلًا وَلَا الشَّتْمُ لَهُ وَلَا الْإِيذَاءُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ كَوْنُ الْأَوْلَى لِلزَّوْجِ الْعَفْوُ عَنْ الضَّرْبِ، بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَإِنَّ الْأَوْلَى لَهُ عَدَمُهُ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِالضَّرْبِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ التَّأْدِيبِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مَنْعِهِ حَقَّهُ إلَّا هَذَا وَالْعَبْدُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ حَقِّ سَيِّدِهِ، وَوَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَى ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ؛ قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ اهـ خ ض وسم. وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ عِيَادَةِ أَبَوَيْهَا وَمِنْ شُهُودِ جِنَازَتِهِمَا وَجِنَازَةِ وَلَدِهَا وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ. اهـ. س ل وَمِّ د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَيَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ النُّشُوزَ إنْ صَادَفَ أَوَّلَ فَصْلٍ مَنَعَ وُجُوبَ الْكِسْوَةِ وَتَوَابِعِهَا وَإِنْ حَصَلَ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ أَسْقَطَ مَا وَجَبَ، ثُمَّ إنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَالْكِسْوَةُ لَا تَعُودُ لَهَا بَلْ يَأْخُذُهَا الزَّوْجُ وَتَكْسُو نَفْسَهَا إلَى تَمَامِ الْفَصْلِ وَنَفَقَةُ الْيَوْمِ الَّذِي عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِيهِ لَا تَعُودُ، وَكَذَا سُكْنَى الْيَوْمِ لَا تَعُودُ، وَتَعُودُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ الْمُسْتَقْبِلِ وَالسُّكْنَى دُونَ الْكِسْوَةِ. وَلَوْ عَجَّلَ الزَّوْجُ نَفَقَةً وَكِسْوَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ جَازَ وَمَلَكَتْهَا وَتُسْتَرَدُّ إنْ وُجِدَ مَسْقِطٌ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ أَوَّلٌ وَالتَّمْكِينُ سَبَبٌ ثَانٍ، وَلَوْ نَشَزَتْ الزَّوْجَةُ وَصَارَ الزَّوْجُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مُدَّةَ نُشُوزِهَا ظَانًّا وُجُوبَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَدَلِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مُدَّةَ نُشُوزِهَا كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ صَرَّحَ بِهِ م ر وَغَيْرُهُ. وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَنْفَقَ عَلَى مَا صَارَ إلَيْهِ بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ وَالْمُشْتَرِي بِمَا أَنْفَقَاهُ فِي النِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ الْفَاسِدَيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا شَرَطَا فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَا ذَلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ بِخِلَافِهِ.

قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا إلَخْ) وَلَوْ خَرَجَتْ لِحَاجَتِهَا فِي الْبَلَدِ بِإِذْنِهِ كَأَنْ تَكُونَ بَلَّانَةً أَوْ مَاشِطَةً أَوْ مُغَنِّيَةً أَوْ دَايَةً تُوَلِّدُ النِّسَاءَ فَإِنَّهَا لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَلَا مِنْ النَّفَقَةِ اهـ زي.

وَقَوْلُهُ: " بِإِذْنِهِ " أَيْ أَوْ عَلِمَتْ رِضَاهُ، فَمِثْلُ إذْنِهِ مَا لَوْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَانَتْ تَعْلَمُ رِضَاهُ وَمِنْهُ مَا لَوْ اسْتَأْذَنَتْهُ لِلذَّهَابِ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا فَأَذِنَ وَذَهَبَتْ وَبَاتَتْ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ وَإِنْ مَكَثَتْ إيَامًا، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ فَرْضِهِمْ الْكَلَامَ فِي السَّفَرِ وَهَذَا لَيْسَ بِسَفَرٍ؛ كَذَا قَرَّرَهُ الْمُحَشِّي فِي دَرْسِهِ وَنُوزِعَ فِيهِ، وَكَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ خِضْرِ الشَّوْبَرِيِّ بِهَامِشِ الزِّيَادِيِّ. وَالْمُنَازَعَةُ ظَاهِرَةٌ، وَالْمَاشِطَةُ هِيَ الَّتِي تُحَفِّفُ الْإِنَاثَ وَتُرَقِّقُ الْحَوَاجِبَ وَتُكَحِّلُ الْإِنَاثَ.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهِ) وَلَوْ لِغَرَضِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَلَوْ حَبَسَتْ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ اسْتَحَقَّتْ الْقَسْمَ كَالنَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ تَسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا، وَأَمَّا لَوْ حَبَسَهَا فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ لَمْ تَسْتَحِقَّ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا زي عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْضًا، وَمَالَ شَيْخُنَا الشَّبْشِيرِيُّ إلَى الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ وَهِيَ مَظْلُومَةٌ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (لِطَلَبِ الْحَقِّ) أَيْ لِتَخْلِيصِ الْحَقِّ مِنْهُ أَيْ الْقَاضِي مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (بِمَنْعِهَا الزَّوْجَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ) وَلَوْ لِبَخَرٍ مُسْتَحْكِمٍ بِفِيهِ أَوْ صُنَانٍ مُسْتَحْكِمٍ بِهِ أَوْ لِأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ كَثُومٍ وَبَصَلٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِهَا وَأَرَادَتْ أَنْ لَا تُمَكِّنَهُ إلَّا بَعْدَ إزَالَةِ نَحْوِ صُنَانٍ غَيْرِ مُسْتَحْكِمٍ وَرِيحٍ كَرِيهٍ وَأَرَادَ التَّمْكِينَ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ أُجِيبَتْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَزْهَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ م ر ح ل. وَخَالَفَ ع ش، وَنَصُّهُ: أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ قُبْلَةٍ وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ حِينَئِذٍ أَيْ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي امْتِنَاعِهَا مِنْهُ، وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ بِهِ صُنَانٌ أَوْ بَخْرٌ مُسْتَحْكِمٌ وَتَأَذَّتْ بِهِ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَمْ تُعَدَّ نَاشِزَةً وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهَا اهـ.

وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَمْكِينِ الزَّوْجِ لِتَشَعُّثِهِ وَكَثْرَةِ أَوْسَاخِهِ هَلْ تَكُونُ نَاشِزَةً أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا تَكُونُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى إزَالَتِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْبَيَانِ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إزَالَتُهُ انْتَهَتْ، أَيْ حَيْثُ تَأَذَّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>