للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ بِاللِّسَانِ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ تَأْثَمُ بِهِ وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ. (وَ) يَسْقُطُ بِهِ أَيْضًا حَيْثُ لَا عُذْرَ (نَفَقَتُهَا) وَتَوَابِعُهَا كَالسُّكْنَى وَآلَاتِ التَّنْظِيفِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ كَانَ بِهَا عُذْرٌ كَأَنْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ مُضْنَاةً لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ أَوْ بِفَرْجِهَا قَرْحٌ أَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْلًا أَيْ كَبِيرَ الْآلَةِ يَضُرُّهَا وَطْؤُهُ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا لِعُذْرِهَا.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ تَنَاوَلَهُ نُشُوزُ بَعْضِ الْيَوْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَمُرَادُهُمْ بِالسُّقُوطِ هُنَا مَنْعُ الْوُجُوبِ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِذَلِكَ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً؛ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مِنْ أَهْلِ جِيرَانِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَوْ مِمَّنْ هُوَ مُعَاشِرٌ لَهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا ظَهَرَ بِبَدَنِهِ الْمُبَارَكُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ طَبِيبَانِ أَنَّهُ مِمَّا يُعْدِي أَوْ لَمْ يُخْبِرَا بِذَلِكَ لَكِنْ تَأَذَّتْ بِهِ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً بِمُلَازَمَتِهِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ تَعَاطِي مَا يُنَظِّفُ بِهِ بَدَنَهُ فَلَا تَصِيرُ نَاشِزَةً بِامْتِنَاعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ الطَّبِيبَانِ الْمَذْكُورَانِ بِمَا ذُكِرَ وَكَانَ مُلَازِمًا عَلَى النَّظَافَةِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بِبَدَنِهِ مِنْ الْعُفُونَاتِ مَا تَتَأَذَّى بِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ نُفْرَتِهَا. وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْقُرُوحُ السَّيَّالَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مَا لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا فِي ذَلِكَ أَيْ فِي كَوْنِهِ يُعْدِي وَفِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَنَظِّفٍ بَلْ بِشَهَادَةِ مَنْ يَعْرِفُ لِكَثْرَةِ عِشْرَتِهِ لَهُ ع ش عَلَى م ر. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَهِيَ، أَيْ الْكِتَابِيَّةُ الْخَالِصَةُ، كَمُسْلِمَةٍ فِي نَحْوِ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَقَسْمٍ وَطَلَاقٍ بِجَامِعِ الزَّوْجِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ فَلَهُ إجْبَارُهَا كَالْمُسْلِمَةِ عَلَى غُسْلٍ مِنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ كَحَيْضٍ وَجَنَابَةٍ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ النِّيَّةِ مِنْهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمُسْلِمَةِ الْمَجْنُونَةِ، وَعَلَى تَنْظِيفٍ بِغَسْلِ وَسَخٍ مِنْ نَجَسٍ وَنَحْوِهِ وَبِاسْتِحْدَادٍ وَنَحْوِهِ، وَعَلَى تَرْكِ تَنَاوُلِ خَبِيثٍ كَخِنْزِيرٍ وَبَصَلٍ وَمُسْكِرٍ لِتَوَقُّفِ التَّمَتُّعِ أَوْ كَمَالِهِ عَلَى ذَلِكَ اهـ.

وَقَوْلُهُ: " مِنْ نَجَسٍ " وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: " وَنَحْوُهُ " شَامِلٌ لِلثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفَتِّرُ الشَّهْوَةَ وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ ح ل. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَغَسْلُ نَجَاسَةِ مَلْبُوسٍ ظَهَرَ رِيحُهَا أَوْ لَوْنُهَا وَاسْتِعْمَالُ دَوَاءٍ يَمْنَعُ الْحَبَلَ وَإِلْقَاءُ أَوْ إفْسَادُ نُطْفَةٍ اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِمِ لِحُرْمَتِهِ وَلَوْ قَبْلَ تَخَلُّقِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ، وَعَلَى فِعْلِ مَا اعْتَادَهُ مِنْهَا حَالَ التَّمَتُّعِ مِمَّا تَدْعُو إلَيْهِ وَيُرْغَبُ فِيهِ أَخْذًا مِنْ جَعْلِهِمْ إعْرَاضَهَا وَعُبُوسَهَا بَعْدَ لُطْفِهَا وَطَلَاقَةِ وَجْهِهَا أَمَارَةَ نُشُوزٍ، وَبِهِ يُعْلَمُ إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ وُجُوبَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِاعْتِيَادٍ وَعَدَمِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ مَكْرُوهٍ كَكَلَامٍ حَالَ الْجِمَاعِ فَقَدْ سُئِلَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ. وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته أَوَّلًا نَقْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّ عَلَيْهَا رَفْعَ فَخِذَيْهَا وَالتَّحَرُّكَ لَهُ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ رَفْعٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ دُونَ التَّحَرُّكِ، وَبَعْضُهُمْ وُجُوبَهُ أَيْضًا لَكِنْ إنْ طَلَبَهُ وَبَعْضُهُمْ وُجُوبَهُ لِمَرِيضٍ وَهَرَمٍ فَقَطْ؛ وَهُوَ أَوْجَهُ. وَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى اسْتِعْلَائِهَا لِنَحْوِ مَرَضٍ اضْطَرَّهُ لِلِاسْتِعْلَاءِ لَمْ يَبْعُدْ وُجُوبُهُ أَيْضًا اهـ.

وَقَوْلُهُ: " وَبِاسْتِحْدَادٍ " أَيْ حَلْقِ عَانَةٍ وَنَحْوِهِ كَنَتْفِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ، وَلَا تَجِبُ إزَالَتُهَا عَلَى الْخَلِيَّةِ وَإِنْ قَصَدَتْ بِبَقَائِهَا التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ اهـ. وَقَوْلُهُ: " لِتَوَقُّفِ التَّمَتُّعِ " أَيْ فِي الْغُسْلِ، وَقَوْلُهُ: " أَوْ كَمَالَةِ " أَيْ فِي التَّنْظِيفِ وَمَا بَعْدَهُ؛ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَنَفِيًّا يَرَى الْحِلَّ أَوْ عَكْسَهُ لَمْ تُجْبَرْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ أَوْ لِمَا شَأْنُهُ ذَلِكَ ق ل.

قَوْلُهُ: (تَدَلُّلًا) أَيْ تَحَبُّبًا وَإِظْهَارًا لِلْجَمَالِ وَالْمَحَبَّةِ. قَوْلُهُ: (وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ) وَالْمُؤَدِّبُ لَهَا هُوَ الزَّوْجُ، فَيَتَوَلَّى تَأْدِيبَهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَرْفَعُهَا إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً وَعَارًا وَتَنْكِيدًا لِلِاسْتِمْتَاعِ فِيمَا بَعْدُ وَتَوْحِيشًا لِلْقُلُوبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي.

قَوْلُهُ: (وَيَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَمْتِعُ بِهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ. اهـ. م ر مَيْدَانِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُضْنَاةً) مِنْ الضَّنَا بِالْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ وَهُوَ الْهُزَالُ الشَّدِيدُ.

قَوْلُهُ: (لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ) يَرْجِعُ لِلْمَرِيضَةِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (قَرْحٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا الْجِرَاحَةُ كَمَا عَبَّرَ بِهَا م ر، وَفِي نُسْخَةٍ: قُرُوحٌ.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) أَيْ وَلَا قَسْمُهَا.

قَوْلُهُ: (تَنَاوَلَهُ) أَيْ النُّشُوزُ. قَوْلُهُ: (وَمُرَادُهُمْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُرَادَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَعَمُّ مِنْ سُقُوطِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>