للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ، فَلَوْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ وَلَوْ مُكَاتَبَةً بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ غَيْرِهِ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ بِدَيْنٍ فَبِالدَّيْنِ تَبِينُ، ثُمَّ مَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهَا إنَّمَا تُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِإِذْنِهِ. فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي كَسْبِهَا وَمِمَّا فِي يَدِهَا مِنْ مَالِ تِجَارَةٍ، وَإِنْ قَدَّرَ لَهَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا تَعَلَّقَ الْمُقَدَّرُ بِذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ عَيَّنَ لَهَا عَيْنًا مِنْ مَالِهِ تَعَيَّنَتْ. وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مَحْجُورَةٌ بِسَفَهٍ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا وَلَغَا ذِكْرُ الْمَالِ أَوْ مَرِيضَةٌ مَرَضَ مَوْتٍ صَحَّ؛ وَحُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

طَلَّقْتُك عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ) أَيْ لِيَصِحَّ الْتِزَامُهُ الْمَالَ وَيَجِبُ دَفْعُهُ حَالًّا، فَخَرَجَتْ السَّفِيهَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهَا الْمَالَ فَيَقَعُ خُلْعُهَا رَجْعِيًّا، وَخَرَجَتْ الْأَمَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا دَفْعُ الْمَالِ حَالًّا. هَذَا مُرَادُهُ، وَإِلَّا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ خُلْعَ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُطْلَقَةَ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ؛ قَالَهُ الْحَلَبِيُّ. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ وَشَرْطٌ فِي الْمُلْتَزِمِ أَيْ لِيَقَعَ الْخُلْعُ بِمَا الْتَزَمَ أَيْ مَعَ لُزُومِهِ حَالًّا لَا لِصِحَّتِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ) أَيْ رَشِيدَةٌ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ مَالِهِ، فَالْمَعْنَى أَوْ مَالِ غَيْرِ السَّيِّدِ؛ وَلَكِنْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ كَالِاخْتِصَاصِ. قَوْلُهُ: (فَبِالدَّيْنِ تَبِينُ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ، أَمَّا هِيَ فَتَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِالْمُسَمَّى خِلَافًا لِلشَّارِحِ زي، أَيْ فَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بِالْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فِي حَقِّ مَنْ هِيَ كَالْحُرَّةِ فِي الِاسْتِقْلَالِ بِالتَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) هَذَا فِيمَا إذَا سَمَّتْ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إذَا سَمَّتْ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ الْوَاجِبُ، أَوْ سَمَّتْ أَكْثَرَ فَالْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ صَحَّ الْخُلْعُ بِمَا سَمَّتْ وَتَعَلَّقَ بِكَسْبِهَا إنْ كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ تَعَلَّقَ الزَّائِدُ بِذِمَّتِهَا فَتُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ.

قَوْلُهُ: (فِي كَسْبِهَا) أَيْ مِنْ حِينِ الْخُلْعِ لَا مِنْ حِينِ الْإِذْنِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَيَّنَ لَهَا عَيْنًا مِنْ مَالِهِ) فَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا عَيَّنَهُ أَوْ قَدْرِهِ تَعَلَّقَ الزَّائِدُ بِذِمَّتِهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (مَحْجُورَةٌ) أَيْ حُرَّةٌ وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْتِزَامِ الْمَالِ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا صَرْفُ مَالِهَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ مَا لَمْ يُخْشَ عَلَى مَالِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِالْخُلْعِ وَإِلَّا جَازَ صَرْفُهُ حِينَئِذٍ فِي الْخُلْعِ، وَلَوْ خَالَعَهَا فَلَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاخْتَلَعْتُ أَيْ قَبِلْت الْخُلْعَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ بِالْخُلْعِ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا فَيَقَعُ رَجْعِيًّا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ.

قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ رَجْعِيًّا) أَيْ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (وَلَغَا ذِكْرُ الْمَالِ) وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ. وَالْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ خُلْعِ السَّفِيهَةِ أَيْ يَخْتَلِعُ لَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ مَالِهِ، قَالَ م ر: وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ قَوْلُ أُمِّهَا الرَّشِيدَةِ مَثَلًا خَالِعْهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا فِي ذِمَّتِي فَيُجِيبُهَا فَيَقَعُ بَائِنًا بِمِثْلِ الْمُؤَخَّرِ فِي ذِمَّةِ السَّائِلَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ مِثْلٍ مُقَدَّرٌ فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، فَلَوْ قَالَتْ: وَهُوَ كَذَا لَزِمَهَا مَا سَمَّتْهُ زَادَ أَوْ نَقَصَ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ الْمُقَدَّرَةَ تَكُونُ مِثْلًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ؛ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ أَفْتَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَذَكَرَ فِي الْفُرُوعِ مَا نَصُّهُ: لَوْ أَرَادَ وَلِيُّ السَّفِيهَةِ اخْتِلَاعَهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا مَنَعْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَيْهَا، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَخْتَلِعَهَا عَلَى قَدْرِ مَا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ وَاجِبًا لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ وَدَيْنُ الْمَرْأَةِ بَاقٍ بِحَالِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ التَّخَلُّصَ مِنْهُ فَلْيَقُلْ مَا ذُكِرَ فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُحْتَالَةً بِمَا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى أَبِيهَا، قَالَ ع ش. وَهَذِهِ الْحِيلَةُ صَحِيحَةٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَفِي الشُّفْعَةِ.

قَالَ الشَّعْرَانِيُّ فِي الْمِيزَانِ: وَمِثْلُهُ فِي رَحْمَةِ الْأُمَّةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: إنَّهُ يَجُوزُ الِاحْتِيَالُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً مَجْهُولَةً عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ مُسْقِطًا لِلشُّفْعَةِ أَوْ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِبَعْضِ الْمِلْكِ ثُمَّ يَبِيعُهُ الْبَاقِي أَوْ يَهَبُهُ لَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِاحْتِيَالُ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ اهـ. وَقَالَ أَيْضًا: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنَّ مَنْ قَصَدَ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ فَوَهَبَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا عَاصِيًا، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: لَا تَسْقُطُ. فَالْأَوَّلُ مُخَفِّفٌ وَالثَّانِي مُشَدِّدٌ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ حَمَلَهُ عَلَى تَغْيِيرِ نِيَّتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>